ارشيف من : 2005-2008

الخاصرة لم تعد رخوة!

الخاصرة لم تعد رخوة!

دمشق ـ أنس أزرق


لم تكن دمشق بعيدة يوما من الأيام عن تداعيات ما يجري في لبنان، خاصرتها الرخوة، كما اعتادت النخب السورية على وصف الشقيقة الصغرى منذ استقلال البلدين. لكن نتائج عدوان تموز/ يوليو العام الماضي كانت الأكثر تأثيرا في السياسة والحياة والتفكير الاستراتيجي السوري. ولا سيما أن هذه الحرب وقعت بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان وأيضا بعد انتصار حماس.
من زار سورية أثناء عدوان تموز يعرف تماما حجم تأثير العدوان على عقول وقلوب السوريين، فصور الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وأعلام حزب الله والتظاهرات اليومية العفوية في كل قرية ومدينة سورية تعكس ولو رمزيا مشاعر السوريين في هذه الحرب. لكن التجلي الأكبر لهذه المشاعر كان بإبداء الرغبة والاستعداد والتشوق عند الشباب السوري لخوض الحرب إلى جانب إخوانهم المجاهدين في حزب الله، وهؤلاء الذين لم يستطيعوا لأسباب مختلفة تلبية هذه الرغبة عملوا على أداء قسطهم من هذا الجهاد بلمّ التبرعات والمساعدات ليس لإيواء اللاجئين اللبنانيين فحسب، وإنما أيضا لدعم المجاهدين وكما أوصى أكثر من متبرع أو متبرعة بأن تذهب قيمة تبرعه لشراء صاروخ أو بارودة ...الخ.
أما مساعدة اللاجئين اللبنانيين الذين قدر عددهم بنحو نصف مليون فحدّث ولا حرج، فالقصص هنا مغرية جدا للرواية عن عائلات سورية تركت بيوتها وأخرى استأجرت منازل لتتركها للوافدين من أخوانهم اللبنانيين... لكن الملحمة في هذا الموضوع تجلت يوم وقف إطلاق النار، إذ أصرت العائلات اللبنانية على حزم أمتعتها قبل انبلاج فجر ذاك اليوم، والكثير منهم ترك أمتعته ووصل هؤلاء للحدود السورية اللبنانية، وما أعاقهم هو الحفر التي خلفها العدوان الصهيوني كحفرة جديدة يابوس المصنع. 
هذا في الجانب الشعبي أما في الجانب الرسمي فقد بات من المؤكد بعد الحرب أن القيادة السورية كانت تفكر جديا بدخول الحرب، وقد وصل تهديدها للاسرائيليين الذين وضعوا نصب أعينهم عدم تمدد الحرب لتشمل السوريين برغم الدعوات الكثيرة لهم لضرب سورية. أما لماذا لم تدخل سورية الحرب؟ فهذا سؤال متعلق بسير المعركة وأسرارها. في كل الأحوال أعلنت سورية أنها تضع كل إمكانياتها في خدمة لبنان ومقاومته.


تداعيات الانتصار


تشعر سورية رسميا وشعبيا بأنها شريكة في الانتصار ولو كانت حصتها في الشراكة ليست بمستوى من قدم دمه وحياته وقراه وسكنه وأولاده... إلا أن السوريين يشعرون أنهم شركاء في الموقف والدعم وأيضا بالنتائج واستخلاص العبر.
أولى هذه النتائج والعبر بالنسبة للسوريين هي أنهم قادرون على استرجاع الجولان حربا إن تعذرت عودتها بالمفاوضات السياسية، ولعل الإشارة الرمزية لهذه العبرة قد تجلت باكرا بتأسيس لجان المقاومة في الجولان أثناء عدوان تموز، وما أعلنه الرئيس السوري بشار الأسد بحتمية عودة الجولان كاملا لوطنه سورية.
ثاني هذه العبر الاطمئنان السوري لخطه السياسي المقاوم وان "كلفة المقاومة أقل بكثير من كلفة الاستسلام" على حد تعبير الرئيس الأسد في خطابه الشهير بعد انتصار تموز.
الآن وقد مضى عام على هذه الحرب لا يزال السوريون يرفعون أعلام حزب الله وصور أمينه العام، ما يؤكد عمق تداعيات هذا الانتصار في نفوس السوريين الذين يتوقون ليوم انتصارهم في الجولان.
أما الخاصرة الرخوة فهي لم تعد كذلك منذ تحرير الجنوب عام 2000، وباتت ترفع رأس العرب والمسلمين بصراعهم الطويل مع الصهاينة بفضل رجال الله.
الانتقاد / العدد1227 ـ 10 آب/أغسطس 2007


2007-08-10