ارشيف من : 2005-2008
قداس في الذكرى الـ29 لمجزرة اهدن وخلوة بين "الوفاء للمقاومة" وفرنجية
بدأت تتقاطر الوفود الى قصر الرئيس الراحل سليمان فرنجية منذ الثالثة من بعد الظهر.
واستقبل رئيس تيار المرده سليمان فرنجية ممثل رئيس الجمهورية العماد اميل لحود النائب السابق اميل اميل لحود، وفدا من حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والوزير المستقيل محمد فنيش، والنواب امين شري، حسين الحاج حسن، محمد حيدر ومسؤول لجنة الارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا ومسؤول حزب الله في الشمال الحاج محمد صالح، حيث عقدوا خلوة مع فرنجية، شارك فيها اضافة الى السيد روبير سليمان فرنجية نجله طوني، النائب السابق كريم الراسي، وعن تيار المرده منسق الشؤون السياسية يوسف سعادة والمحامي يوسف فنيانوس.
وحضر معزيا الوزير المستقيل يعقوب الصراف، النائب قيصر معوض، والوزراء والنواب السابقون فايز غصن، جهاد الصمد، يوسف سلامة، عبد الرحمن عبد الرحمن، خليل الهراوي، اسطفان الدويهي وعبد المجيد الرافعي، وسليم كرم، زياد المكاري وانطوان حبيب، وفد من التيار "الوطني الحر" ضم مسؤول الاتصالات السياسية في التيار جبران باسيل، العميد فايز كرم، المنسق العام للتيار بيار رفول، اللواء فؤاد الاشقر والمسؤول الاعلامي انطوان نصرالله، رئيسة حزب "الوعد" جينا الياس حبيقة ونجلها جو، الرئيس السابق للحزب القومي السوري الاجتماعي جبران عريجي، رئيس حزب "التضامن" اميل رحمه، وفد من الحزب "الشيوعي" في الشمال برئاسة اقبال سابا، ممثل النائب السابق جبران طوق شقيقه فوزي طوق، السيد حسن حسين الحسيني، الشيخ روي عيسى الخوري، السيدة لبنى جان عبيد.
كما حضر المطران النائب البطريركي العام على الجبة المطران فرنسيس البيسري وقنصل عام مالوي انطون عقيقي والسيد عبدالله كرامي.
الاب فرنجية
وترأس القداس الاب اسطفان فرنجية، الذي القى عظة بعد الانجيل المقدس، جاء فيها:
"نلتقي كعادتنا في هذه المناسبة، ذكرى ذلك اليوم الحزين من تاريخنا، ذكرى مجزرة إهدن التي استشهد فيها المرحوم الشهيد طوني بك فرنجية وزوجته فيرا وطفلتهما جيهان وثلاثين من أبناء هذه البلدة، من رجال ونساء، من طلاب وشيوخ.
يوم أراد فيه "قايين" أن ينصب نفسه مكان الله، فيأخذ أرواح البشر إخوته ومهما كانت الأهداف والشعارات التي يغطي القتلى أعمالهم فيها، تبقى وصية الله واحدة للبشر: "لا تقتل"، فالله الذي وهب الحياة له الحق وحده أن يأخذها. إننا نذكر بهذه الوصية التي لا يمكن أن تتغير لأنها وصية الله ولأننا تعودنا تشويه الحقائق وضرب المبادئ وسن المفاهيم على قياس مصالحنا. فنمنح الوطنية لهذا والقداسة لذاك والشهادة لأولئك. فلم نعد نميز من هو الوطني ومن هو القديس ومن هو الشهيد. ولسنا هنا في وضع دينونة بعضنا لبعض، ولكننا ندعو الجميع إلى العودة إلى الذات وإلى الله.
والله فتح أبواب التوبة أمام الناس، ولولا رحمة الله لهلكنا جميعا. وكلنا بحاجة إلى هذه الرحمة لأننا كلنا خطأة. ولكن للتوبة الصادقة عناصر عديدة وضعها الرب يسوع شرطا أساسيا لكل تائب وتمارسها الكنيسة منذ مئات السنين.
وقد جاء في التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ما يلي: "إن التوبة تلزم الخاطئ بأن يتقبل هذه العناصر كلها: "الندم في قلبه، والإقرار بلسانه، وفي تصرفه تواضعا كاملا أو تكفيرا مثمرا" (1450). وإن التائب يكبر بتوبته الصادقة، كالغافر في غفرانه الحق.
في هذا الوقت العصيب والوطن يمر بأدق مراحله وأخطرها، لا بد لنا وانطلاقا من إيماننا المسيحي ووعينا الوطني من الدعوة إلى التوبة والمصالحة والغفران والانفتاح على الآخر لنعزز أواصر الإخوة بين أبناء الوطن الواحد.
وفي خضم الحروب العبثية التي نعيشها، عسكرية وسياسية واقتصادية، نرى أن السلام الهش الذي كنا نعيشه يتهاوى أمام عيوننا، لأنه لم يكن مبنيا على حضور الله في حياتنا الفردية والجماعية بل كان انتفاء للصراعات.
إخوتي، إن كلمة الله هي الأكثر استعمالا في حياتنا الاجتماعية والسياسية وطبعا الدينية. فمن ينظر إلى أدبياتنا، يلاحظ أننا نردد باستمرار الكلمات التالية: نعمة الله، إرادة الله، إذا الله أراد، متل ما الله بيريد، انشالله، الله معك. وفي حياتنا السياسية، نرى لله جنودا وأنصارا ومجاهدين في سبيله.
ونرى العديدين يضعون صلبانا في رقابهم ومسابح في أيديهم وأوشاما دينية على أجسادهم وتكون الطائفية والمذهبية حديثهم المفضل، إضافة إلى الاحتفالات والصلوات التي نرفعها له من أجل السلام في لبنان... باختصار، الله يأخذ الحيز الأكبر من حياتنا، ولكننا لا نزال نغرق في الحروب العبثية. لماذا؟ ألأن الله غير موجود؟! لا، إن الله حاضر، وهذا إيماننا جميعا، فهو الصدق في عينه، والرحمة في عينها، والمحبة في ذاتها والمعطي بلا حساب، والمستجيب بلا تردد. ولكن المشكلة تكمن فينا، في أهوائنا وأنانيتنا وفي فهمنا الخاطئ لمشيئته وكسلنا المزمن عن معرفته وقساوة قلوبنا في فهم إرادته.
رأفة بأطفالنا وشبابنا ولكي لا تذهب دماء شهدائنا هدرا، على اللبنانيين جميعا أن يسمعوا ما قاله الكتاب المقدس من خلال رسالة القديس يعقوب في هذا المجال: "من أين تأتي المخاصمات والمعارك بينكم؟ أما تأتي من أهوائكم التي تعترك في أعضائكم؟ تشتهون ولا تنالون، تقتلون وتحسدون، ولا تستطيعون الحصول على ما تريدون، فتتخاصمون وتعتركون. لا تنالون لأنكم لا تسألون. تسألون ولا تنالون لأنكم لا تحسنون السؤال لرغبتكم في الإنفاق على أهوائكم".
إخوتي الأحباء، في ذكرى شهداء إهدن، لا بد لنا من أن نذكر شهداء الجيش اللبناني وأن نصلي لراحة أنفسهم، هم الذين يسقطون اليوم في ساحة المعركة، يقدمون حياتهم ذبيحة في سبيل حياة الوطن ووحدته وسيادة القانون والأمن والسلام في ربوعه، بينما يتلهى أهل السياسة بتعزيز مكاسبهم ومواقعهم، ساكنين في قصورهم الفخمة، محاطين بأفضل أنواع الراحة والحماية، مصمين آذانهم عن بكاء الأمهات وأنين الأرامل وصراخ الأيتام، ممضين أوقاتهم بإلقاء التهم والاستقواء على بعضهم البعض ورفع المسؤولية عن كاهلهم، بينما الأرواح تسقط والشباب تهاجر والمؤسسات تقفل أبوابها وتصرف عمالها.
ولا بد لنا جميعا من سماع ما جاء في نداء مجمع المطارنة الموارنة في خلوتهم الأخيرة الذي توجهوا من خلاله إلى جميع اللبنانيين قائلين: "إزاء هذا الاختلاف بالرأي والموقف، يحث الآباء أبناءهم الموارنة وإخوانهم اللبنانيين عموما، على توحيد الكلمة والصف ومقابلة الوضع الصعب بوحدة الإرادة، لإخراج البلد من ضيقه وإعادة ثقة المواطنين به".
أخيرا، إننا نصلي لكي يمنح الله الحكمة والتعقل لأهل القرار في لبنان. ونذكر في صلاتنا الجيش اللبناني، قيادة وأفرادا لكي يحفظهم الله ذخرا لهذا الوطن. نصلي أيضا لراحة أنفس شهداء الثالث عشر من حزيران وعلى رأسهم الشهيد طوني بك فرنجية وزوجته وابنتهما. ونصلي من أجل من يحمل أمانة الحفاظ على دمائهم، أمانة حفظ لبنان الحر الموحد، لبنان التعايش الإسلامي - المسيحي، لبنان المتفاعل مع محيطه العربي والإسلامي، أعني به معالي الوزير سليمان طوني فرنجية.
تغمد الله أرواح شهدائنا وحفظكم جميعا وأعاد السلام إلى وطننا لبنان. آمين".
وبعد القداس، وضعت لجان وجمعيات واحزاب من قوى المعارضة اكاليل من الزهور على ضريح الوزير الشهيد طوني فرنجية والعائلة. ثم واصل الوزير السابق سليمان فرنجية وزوجته ريما والسيد روبير سليمان فرنجية وشقيقاته تقبل التعازي من حشد من القيادات الامنية والعسكرية ومن رؤساء بلديات ومخاتير المناطق الشمالية.
النائب رعد
وقبل القداس، وبعد تقديم واجب العزاء، تحدث النائب محمد رعد الى الصحافيين، فقال:"المناسبة وطنية في الحقيقة في ابعادها وفي تفاعلاتها، وأردنا هذه الزيارة في هذه المناسبة من اجل تأكيد تقديرنا واعتزازنا لهذا البيت الوطني العريق الحريص على وحدة لبنان والذي وقف ويقف دائما في وجه كل مشاريع تقسيم لبنان، وكانت هذه الزيارة بمضمونها الاخوي للاعراب عن مشاعرنا وعن دوام التزامنا بالخط الوطني الذي قضى من اجله طوني بك فرنجية ورفاقه، ولنؤكد عهدنا والتزامنا مع سليمان بك في خط الحفاظ على وحدة لبنان ومنع توسع الفتنة التي تنشأ بفعل المكابرة السياسية التي قد يعتمدها الفريق الحاكم الآن، والذي يريد ان يجر البلاد من مأزق الى مأزق هربا من اخفاقاته، وكانت الزيارة مناسبة لاستطلاع الاوضاع وتطوراتها".
اضاف: "كان الجو حذر من ان تتوسع اخفاقات الفريق السياسي ويحاول ان يتلطى وراء الجيش الوطني ليغطي اخفاقاته".
وردا على سؤال عن الخروج من المأزق الحالي، قال النائب رعد: "لا نرى مخرجا الا بتوحد الموقف السياسي، في ظل حكومة تمثل كل شرائح المجتمع اللبناني والقوى السياسية الوازنة وهي حكومة الشراكة الوطنية الحقيقية".
وعن امكانية تشكيل هذه الحكومة، قال: "ان هناك مساعي لكن ثمة محاولات تعطيلية كثيرة من خلال الشروط المسبقة التي يحاول وضعها الفريق الحاكم".
وكيف ينظر حزب الله الى المبادرة الفرنسية، قال: "رحبنا بكل دعوة للتلاقي ونحن ايجابيون مع مثل هذه الدعوة، الا ان الحلول السياسية يجب ان تنضج اولا في عقول الفريق الحاكم حتى تفتح طاولة الحوار الجدي".
وعما اذا ناقش الحزب مع فرنجية ما يجري في مخيم نهر البارد، قال: "في الحقيقة لا بد من ان الحديث تناول التطورات الامنية والسياسية، والرأي متطابق في تشخيص الوقائع وتقدير التوقعات".
فرنجية
من جهته، شكر الوزير السابق سليمان فرنجية حزب الله على زيارته، وقال: "خصوصا في هذا النهار وفي هذه الظروف الامنية الصعبة، ونحن ندرك مدى صعوبة تحركاتهم امنيا. ونحن نؤكد على تحالفنا مع حزب الله وهو تحالف استراتيجي وليس ظرفيا، انه تاريخي وان شاء الله الى ما لا نهاية. وما يجمعنا بهم رؤية واحدة وتطلع واحد للمستقبل"، لافتا الى "ان البحث تناول كل الامور التي لم يكن هناك من داع لان نقنع بعضنا باي حوار، لان البحث كان تداولا وليس نقاشا. ونحن على تواصل دائم مع الحزب وان للمعارضة مجموعة رؤية واحدة للوضع. وفيما عند الآخرين حين تضيق المساحة تكثر الخلافات، فعند المعارضة تتوحد النظرة ويتوحد الرأي".
وعن الرابط بين استشهاد طوني فرنجية منذ 29 سنة منعا للتقسيم وما يحصل اليوم، تخوف فرنجية من "كل المشاريع التي تتحضر، ولكن لا يمكن تمرير هذه المشاريع طالما هناك رفض من اكثرية الشعب التي تقف في وجه كل ضغط او ارادة خارجية، وهذه الاكثرية الشعبية قادرة على المواجهة والتاريخ برهن ذلك في العراق وفلسطين وفي كل مكان في العالم وخصوصا في لبنان. فتاريخيا تبين ان الارادة الخارجية لا تستطيع ان تكسر الارادة الوطنية، ودائما هناك من يتهيب الارادة الخارجية، فيما نحن واغلبية الشعب اللبناني ارادتنا الوطنية اقوى، وقد يكون هناك مشاريع عدة تتحضر في الادراج وفي الخارج ولكن اتكالنا على الارادة الوطنية والوطنيين في لبنان وفي مقدمتهم حزب الله".
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018