ارشيف من : 2005-2008
جدل غير بيزنطي

1 - أميركانو فوبيا
* من أنت؟
ـ لبناني، وعلى قيد الحياة حتى الآن.
* لماذا هذه الجملة الإضافية؟
ـ لأنني خائف
* ممن أنت خائف.
ـ اسمع.. ما دخلت أميركا بلداً إلا دمّرته، وما تركت بلاداً إلا بعد خراب.
* ولكن أميركا بعيدة جداً عنا.
ـ تظن ذلك؟ أميركا موجودة في كل مكان، لها إقامة في كل عاصمة وفي كل قضية.
* أنت مصاب بالأميركانو فوبيا، أي كره أميركا والخوف منها، وهذا مرض خطير يمنعك من النوم ليلاً ومن السياسة نهائياً.
ـ أفضل أن أكون مريضاً ضد أميركا، وخير لي أن أكون مريضاً من خوفي منها، على أن أكون صديقها، وأفضل أن أكون مستيقظاً ضدها من أن أكون غبياً.
* ماذا تقصد؟
ـ أصدقاء أميركا في لبنان، سيكونون أولى ضحاياها، ليس لأميركا أصدقاء، لديها أغبياء أو عملاء.
* لا يجوز مثل هذا الكلام.
ـ بلى يجوز، هل زرت العراق؟ هل تجرؤ على زيارته؟ هل تعرف برويز مشرف؟ كلهم نورييغا، اليوم صديق، وغداً عميل وبعده يرمى، لقد انتهت مدة صلاحيته.
* أنت تقسو على أبناء بلدك.
ـ لا أملك غير الكلام والحبر و"النقزة"، أما أصدقاء أميركا فبين أيديهم مفاتيح الأبواب لأميركا وأصدقائها، فإذا دخلوا تيقن جيداً، أن البصرة ستضحك من بيروت.
2 - مسألة شكسبيرية
* ماذا تريد أميركا؟
ـ ما تريده "اسرائيل" فقط لا غير، أولاً، ثم لا ثانياً.
* كيف عرفت ذلك؟
ـ لأنها متمسكة بالقرار 1559 لا غير، أولاً وأخيراً، وكل ما عدا ذلك غبار سياسي وجعجعة بلا طحين.
* وما علاقة "اسرائيل" بهذا القرار الدولي؟
ـ يا ذكي!!! القاصي والداني، الرائي والأعمى، الصغير والكبير، يعرف أن سلاح المقاومة هو فقط ضد "اسرائيل"، لا وظيفة له في الداخل، سلاح متأهب و"بوزه" إلى الجبهة، سلاح غائب عن الداخل اللبناني، حاضر كغابة سرية في الجنوب، هذا يعني أنهم يريدون إراحة "اسرائيل" فقط لا غير أولاً وبين بين، وأخيراً.
* ولكن اللبنانيين محقون في أن السلاح دولة ضمن دولة، وهذا لا يجوز.
ـ دعني أضحك على مدى قرنين. عمري الآن نصف قرن، ولم أقرأ نصاً واحداً لمفكر يقول فيه إن اللبنانيين، قبل سلاح المقاومة، قد بنوا دولة، ولو!!! سموها مزرعة، سموها خيمة كراكوز، سموها كل الأسماء "القبحى" ولم يسموها مرة دولة، إنهم يكذبون، فقط لا غير إلى دهر الداهرين.
* ولنفرض أن اللبنانيين قد قرروا بناء الدولة راهناً.
ـ دعني أضحك إلى أبد الآبدين، من سيبني دولة، هؤلاء حقدة، أكلة الجبنة، وورثة المحاصصة، وسلالة القتال الطائفي ومن تبقى من أمراء الحروب؟ دعني أضحك حتى أفقع.
* لا تكن ماجناً هكذا.
ـ أن أكون ماجناً خير من أن أكون مجنوناً. ثم، إذا أردت الجدل البيزنطي سأجاريك بجدل ينجب نفياً. الطوائفيات، تبني طوائف. الطوائفيات تدمر دولاً، الطوائفيات تشنق مخيمات على سنة الخلافات. فكيف تطلب من الشياطين أن تنصب لك قمة السماء الزرقاء. اعقل يا رجل عشنا أزمنة حتى بلغنا انتصاراً ومقاومة، أتصدق أن المسألة مسألة سلاح؟
مسألة ماذا إذاً؟
انها مسألة شكسبيرية بامتياز، مسألة أن تكون أو لا تكون، ونحن قد قررنا أن نكون فقط لا غير ودائماً، وكي تكون يلزم أن تكون قوياً بحقك وسلاحك، فحيّ على الحق ورفيقه المدجج بالايمان المشتعل كبيت النار.
نصري الصايغ
الانتقاد/ العدد1241 ـ 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2007