برغم كل التحذيرات الروسية التي ترافقت مع استعادة موسكو لدورها بشأن نشر الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا على حدود الدب الأبيض، تصر واشنطن على التعامل بازدراء مع العامل الروسي العائد لأخذ مكان له على المسرح العالمي، ولا تريد أن تقتنع بأن عصر الأحادية القطبية ـ الذي لم تحسن استخدامه ـ قد ولّى ولا يمكن له أن يعود لمئات السنين ربما.
وبرغم كل الصيحات التي بدأت تتعالى داخل أروقة النظام الأميركي من المعارضين وصولا حتى الموالين وإلى المحافظين الجدد، يواصل ساكن البيت الأبيض سياسته الخرقاء كما يسميها فرانسيس فوكوياما وايتامار رابينوفيتش، معيراً الأذن الطرشاء لكل هذه الإنذارات حتى ولو كانت صادرة من احد أهم صقوره ومخططيه جون بولتون الذي لم يتمالك نفسه من شن هجوم عنيف على بوش بسبب أخطائه الكثيرة التي اعتبر أنها أذهبت جهد ثلاثين يوماً أمضاها بولتون بالقرب من بوش لإيصاله إلى البيت الأبيض.
وبرغم أن أغلب حلفائه الدوليين بدأوا بالتملص من سياساته وأفكاره إلى درجة أوصل فيها بلاده إلى ما يشبه العزلة دوليا، يواصل البوش الصغير هرطقاته وكأن كل العالم وراءه، وبرغم كل الفساد والفضائح التي تزين حديقة بيته في واشنطن يصر على أنه يريد نشر النزاهة والشفافية في أرجاء المعمورة.
وإذا كانت الانتقادات قد وصلت إلى أقرب المقربين من بوش فماذا يفعل هذا الرجل؟ إنه يعيش في عالم خاص قد يكون ابتدعه هو أو من ما زال يدفعه لارتكاب الخطأ تلو الخطأ لحاجة في نفس يعقوب... مسكين هذا الرجل عندما يستيقظ ذات صباح فيجد ليله قد بدأ..
محمد يونس
الانتقاد/ العدد1241 ـ 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2007