ارشيف من : 2005-2008

مرضى السرطان من الأطفال.. دموع ألم بين حياة وموت

مرضى السرطان من الأطفال.. دموع ألم بين حياة وموت

غزة ـ فادي عيد

"لم تعد معاناة الأطفال الفلسطينيين محصورة في حرمانهم من الأمان ووسائل الترفيه لا سيما في قطاع غزة، فالحصار الصهيوني الخانق المفروض على القطاع منذ ما يزيد عن عامين أتى حتى على أدويتهم، وجعلهم يرقبون الساعات والأيام بين حياة وموت بانتظار مصيرهم".

الطفلة علا الشرباصي ـ في الثالثة من عمرها، زهرة من بين 300 حالة مصابة بأمراض سرطان الدم "اللوكيميا"، وأنيميا البحر المتوسط، إلى جانب أمراض الدم الأخرى، ممن أوصدت كل الأبواب في وجوههم للسفر إلى الخارج لاستكمال علاجهم، فلم يجدوا أمامهم سوى مستشفى النصر للأطفال بمدينة غزة علهم يفلحون في قهر آلامهم.
تقول والدة علا وقد بدت مكسورة: "الاحتلال عرقل سفرنا بعد ما حصلنا على تحويلة خارجية، فما كان أمامنا إلا أن نلجأ إلى هذا المستشفى برغم ضعف إمكانياتها حتى نسيطر على حالة ابنتنا ولا تتدهور".
وتضيف والدة الطفلة الشرباصي: ان الحصار الصهيوني وإغلاق المعابر أثر بشكل كبير على صحة ابنتها، حيث انها الآن بحاجة ماسّة إلى بعض الأنواع من الأدوية والحبوب غير المتوفرة، بعد أن قطعت شوطاً طويلاً من العلاج الكيماوي.
مخاطر
الانكسار نفسه والشعور بالعجز عن فعل أي شيء لمسناه في وجه "أم خليل الغفاري" في الثلاثينيات من العمر، حين بدأت بالحديث عن مشوار معاناتها في علاج ابنها.
تقول أم خليل: "في البداية تعالج ابني بالكيماوي فترة طويلة داخل مستشفى "تل هاشومير" في فلسطين المحتلة، وعندما حاول العودة قبل شهرين لاستكمال العلاج رفض الاحتلال إعطاءه تصريح بحجج أمنية".
وعن الوضع الصحي لطفلها أوضحت الغفاري أن كل لحظة تمر دون حصوله على الدواء اللازم تهدد حياته، حيث ان الخلايا السرطانية قد تنمو من جديد بعد أن ماتت، وعلاجه يصبح كأنه لم يكن!!
سماح كشكو نموذج آخر للمعاناة ذاتها، التقيناها خارج الغرفة المعزولة التي يرقد فيها طفلها فضل للشهر الثالث على التوالي،وهو الذي لم يتجاوز السادسة من عمره.
تقول كشكو: "إن ابنها قد تدهورت حالته بسبب رفض ومماطلة سلطات الاحتلال إعطاءه تحويلة طبية الى أحد المشافي الصهيونية لاستكمال علاجه، لا سيما أن الخلايا السرطانية في جسده زادت وأصبحت مناعته تحت الصفر".
وعن المخاطر التي تتهدد حياة فضل في ظل عجز الأطباء عن تشخيص الأسباب وراء تدهور حالته بشكل سريع قالت والدته: "إذا ما استمرت حالته هكذا من المحتمل أن يتحول سرطان الدم إلى ورم يتفشى في الجسم.. هو الآن يعيش على المحلول وجرعات الدم المتجددة، فأنا أناشد كل القلوب الرحيمة في العالم، وكل النساء اللائي يشعرن بأحاسيس الأمومة أن يساعدونا".
ألوان المعاناة
الحصار الصهيوني على قطاع غزة لم يلقِ بظلاله على المرضى وحدهم، بل وصلت انعكاساته السلبية إلى الخدمات الطبية وأطقمها بحيث باتت شبه معطلة.
يقول د. أنور الشيخ خليل مدير مستشفى النصر للأطفال: "الحصار وإغلاق المعابر يشكل معاناة لنا، ويؤثر تأثيراً سلبياً في عملنا ويعطله، ما يعني تهديد حياة المرضى".
وأوضح الشيخ خليل أن هذه المعاناة تأخذ أشكالاً وصوراً متعددة، منها حرمان الحالات الحرجة في مستشفيات القطاع من السفر إلى الخارج أو حتى الدخول إلى داخل الأراضي المحتلة عام 1948 لتلقي العلاج، ومنع دخول الأدوية اللازمة لصيدلياتها، إضافة إلى قلة كميات الوقود المتوفرة لتشغيل المولدات، هذا عدا عن تلف العديد من الأجهزة الطبية وفي مقدمتها الوسائل التشخيصية كالرنين المغناطيسي والمسح الذري، بحيث أصبحت غير صالحة للعمل ولا إمكانية لاستبدالها بسبب إغلاق المعابر.
غياب الابتسامة عن شفاه أطفال غزة من المصابين بالسرطان، وحسرة ذويهم في ظل عجزهم عن فعل أي شيء للتخفيف من معاناتهم؛ بمثابة صورة قاتمة تضاف إلى سجل الإجرام الصهيوني الحافل ضد الفلسطينيين.
الانتقاد/ العدد1241 ـ 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2007

2007-11-16