ارشيف من : 2005-2008
غلاء الأسعار... عدوٌ جديدٌ يزيد معاناة الغزيين

غزة – فادي عبيد
بالرغم من أن الحصار المفروض على قطاع غزة لم يترك جانباً من حياة المواطنين إلا وأتى عليه؛ إلا أن فصلاً جديداً أضيف إلى معاناتهم نتيجة الارتفاع الفلكي في أسعار السلع، وفي مقدمتها الغذائية.
هذا الواقع المرير بكل ما تحمل الكلمة من معنى تجلت صوره لدى تفقدنا عدداً من شوارع وطرقات غزة لنتلمس معاناة المواطنين.
يقول أبو يوسف ساق الله (45 عاماً)، وهو واحد من بين آلاف الفلسطينيين العاطلين عن العمل إنه يعيش حالة توتر عصبي باستمرار بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وبالدرجة الأولى نفاد المواد الأساسية من بيته وعجزه عن شرائها.
ويضيف ساق الله الذي يعيل ثمانية من الأبناء أن حجم الديون المتراكمة عليه لتوفير الحاجيات الضرورية لأسرته في ازدياد كبير، وأنه غير قادر على فعل أي شيء "الله يكون بالعون".
رمزي أبو جزر (30 عاماً)، وهو أب لولدين ويعمل تحت بند البطالة في إحدى المؤسسات الأهلية، وصف الوضع في القطاع بالمأساوي في ظل انتشار ما أسماه شبح غلاء الأسعار.
ويقول أبو جزر: "الوضع سيئ، والأسعار مخيفة، والمواد الاستهلاكية الأساسية ما بنلاقيها؛ مش بس هيك كمان الرواتب مقطوعة، وإن وجدت فمتدنية".
التذمر لدى الغزيين إزاء ارتفاع أسعار السلع المهول، لم يقتصر على عجزهم عن شراء حاجياتهم؛ بل وصل إلى تفكير البعض منهم في ترك دراسته.
يقول رفعت محمد (في العشرينيات من عمره)، وهو واحد من بين مئات الشباب الفلسطينيين الذين اضطروا لتحمل أعباء الحياة مبكراً، من خلال التحاقهم بسوق العمل أثناء دراستهم لتوفير مصاريفهم، إنه يفكر في التوقف عن الدراسة؛ لأنه لم يوفر الرسوم حتى الآن، ولا يستطيع تحمل ارتفاع أسعار المواصلات التي طغت على مصروفه الشخصي.
في الطرف الآخر التقينا الحاج خليل حسونة، صاحب "سوبر ماركت"، وسألناه عن صحة الأنباء التي تتحدث عن قيام بعض التجار الكبار باستغلال الظرف السياسي والحصار لاحتكار السلع وزيادة ثمنها، فلم ينف ذلك؛ وأوضح أن الكثيرين من تجار الجملة والموزعين استغلوا نفاد المواد الأساسية أو بعضها لرفع أسعارها من دون أخذهم بالحسبان الواقع الصعب الذي يعيشه المواطن.
الحركة ميتة
ورداً على سؤال حول الحركة الشرائية في الأسواق، قال حسونة: "إنها تكاد تكون ميتة بسبب الحصار الاقتصادي والغلاء الفاحش للأسعار، بالإضافة إلى أن سلطات الاحتلال الصهيونية لا تسمح بإدخال البضائع إلا في حالات قليلة للغاية".
تفاقم الأوضاع وتدهورها في قطاع غزة دفعا الكثير من المؤسسات الإنسانية والدولية العاملة هناك إلى إطلاق المزيد من التحذيرات بشأن المخاطر المحتمل أن تنشأ إذا لم يتم معالجتها في المرحلة الراهنة.
أبرز هذه التحذيرات جاء على لسان ناصر جبر مدير دائرة التموين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حيث حذر في بيان له من مغبة استمرار الحصار المفروض على القطاع، مؤكداً أن هذا الحصار سيؤدي إلى كارثة حقيقية؛ ولا سيما إذا ما نفذت التهديدات الصهيونية بتقليص كمية الوقود إليه.
في موازاة ذلك توعدت وزارة الداخلية في الحكومة المقالة على لسان الناطق باسمها إيهاب الغصين بملاحقة التجار غير الملتزمين بالأسعار التي أقرتها مباحث التموين، وفي مقدمتها سعر الدقيق.
استمرار المأساة الإنسانية بين أوساط السكان الغزيين من دون تدخل لردع دولة الاحتلال، يعكس بما لا يدع مجالاً للشك حالة الموت السريري التي يعيشها ما يسمى بالمجتمع الدولي، ومدى تواطئه في هذه الجريمة.
الانتقاد/ العدد1240 ـ 9 تشرين الثاني/نوفمبر2007