ارشيف من : 2005-2008

في الآداب القلبية عند التوجه إلى الماء للطهارة (*)

في الآداب القلبية عند التوجه إلى الماء للطهارة (*)

ونذكر في المقام الحديث الشريف لمصباح الشريعة كي يحصل للقلوب الصافية لأهل الإيمان منه نورانية.
ففي مصباح الشريعة قال الإمام الصادق عليه السلام: "إذا أردت الطهارة والوضوء فتقدم إلى الماء تقدمك إلى رحمة الله، فإن الله قد جعل الماء مفتاح قربته ومناجاته ودليلاً على بساط خدمته، وكما أن رحمة الله تطهّر ذنوب العباد كذلك النجاسات الظاهرة يطهرها الماء لا غير"، قال الله تعالى: "وهو الذي أرسل الرياح بُشراً بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهوراً". وقال الله تعالى: "وجعلنا من الماء كل شيء حيّ أفلا يؤمنون". فكما يحيي به كل شيء من نعيم الدنيا كذلك برحمته وفضله جعل حياة القلوب الطاعات. وتفكر في صفاء الماء ورقّته وطهارته وبركته ولطيف امتزاجه بكل شيء واستعمله في تطهير الأعضاء التي أمرك الله بتطهيرها، وأت بآدابها في فرائضه وسننه فإن تحت كل واحدة منها فوائد كثيرة، فإذا استعملتها بالحرمة انفجرت لك عيون فوائده عن قريب، ثم عاشر خلق الله كامتزاج الماء بالأشياء يؤدي كل شيء حقه ولا يتغير معناه معتبراً لقول رسول الله صلى الله عليه وآله مثل المؤمن المخلص الخالص كمثل الماء، ولتكن صفوتك مع الله تعالى في جميع طاعتك كصفوة الماء حين أنزله من السماء وسمّاه طهوراً، وطهّر قلبك بالتقوى واليقين عند طهارة جوارحك بالماء".
وفي هذا الحديث لطائف ودقائق وإشارات وحقائق تحيي قلوب أهل المعرفة وتعطي الأرواح الصافية لأصحاب القلوب حياة جديدة. ففي هذا الحديث شبه الماء بل أوله إلى رحمة الحق، فمن نكات هذا التشبيه أو التأويل أن الماء أحد المظاهر العظيمة لرحمة الحق التي أنزلها في عالم الطبيعة وجعلها سبباً لحياة الموجودات، بل أهل المعرفة يعبّرون بالماء عن الرحمة الواسعة الإلهية التي نزلت من السماء رفيعة الدرجات لحضرة الأسماء والصفات فأحيا بها أراضي التعيّنات للأعيان. وحيث أن تجلّي الرحمة الواسعة الإلهية في الماء الملكي الظاهري أكثر من سائر الموجودات الدنيوية جعله الله تعالى لتطهير القذارات الصورية، بل ماء الرحمة للحق تعالى اذا نزل وظهر في كل نشأة من نشآت الوجود وفي كل مشهد من مشاهد الغيب والشهود يطهّر ذنوب عباد الله وفقاً لتلك النشأة وبما يناسب ذلك العالم.
(*) من كتاب "الآداب المعنوية للصلاة" للإمام الخميني (قده)

الانتقاد/ العدد 1241 ـ 16 تشرين الثاني/نوفمبر2007

2007-11-16