ارشيف من : 2005-2008
عن العاشق والمعشوق

تنطوي العلاقة بين الله تبارك وتعالى والإنسان على فكرة رئيسية مؤدها أن هذه العلاقة هي أساس جميع العلاقات، ولولاها ليس بالإمكان التحدث عن أي علاقة أو ارتباط. هذه العلاقة الخاصة لا تتحقق بين الله تعالى وأي موجود آخر ولن يكون لها معنى إلا في ظل علاقة الله بالإنسان.
لكن السؤال الذي يشتق نفسه من القول الآنف هو: كيف يمكن فهم كنه هذه العلاقة وماهية هذا الارتباط؟
يذهب كبار حكماء العالم الإسلامي إلى فك رموز هذه العلاقة بواسطة العقل والعشق، فلا وجود للعاقل بدون معقول، ولا معنى للمحب بدون محبوب، وللعاشق بدون معشوق.. وكذلك يصح القول بنفس المستوى عن عدم معنى الحديث عن المحبوب بدون محب، والمعشوق بدون عاشق.
نجم الدين الرازي يشير إلى هذا المعنى بقوله: "مثلما لا بد للعاشق من المعشوق كذلك لا بد للمعشوق من العاشق".. الرازي يولي أهمية كبيرة للحب ضمن إطار العلاقة بين الله والإنسان، فهو يرى أن المحبة والعشق ـ مثل العلم والإدراك ـ حقيقة ذات إضافة.
إن موقع الإنسان مشخص ومحدد في قلب الوجود، وإن حقيقته وهويته تختلف اختلافاً أساسياً عن هوية أي موجود آخر.. وحتى الملائكة والجن الذين يشاركون الإنسان في التعبد لله، فإنه ـ أي الإنسان ـ يتميز عن سائر الكائنات التي تحمل ثقل أمانة المعرفة.
من هنا يمكننا فهم العلاقة بين الله والإنسان من حيث انها لا تشبه أي علاقة أخرى في العالم، وكذلك من حيث انها أساس ومصدر جميع أنواع العلاقات والارتباطات.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد1241 ـ 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2007