ارشيف من : 2005-2008

الرئيس الحص في ملتقى القدس الدولي : ربما لن تكون حرب بين العرب واسرائيل ولكن تبقى الكلمة للمقاومة..

الرئيس الحص في ملتقى القدس الدولي : ربما لن تكون حرب بين العرب واسرائيل ولكن تبقى الكلمة للمقاومة..

المسيحيين، وهي أولى القبلتين وثالث الحرمين عند المسلمين. واليهود يصرون على الاستئثار بها، فلا يرتضون بشريك لهم فيها. والعالم لا يرى هذا الظلم، ويدع الدولة العبرية تنفذ مآربها فيها. المدينة مهددة في عروبتها، فهي مطوقة بالمستوطنات من كل جانب، وحركة الاستيطان ما زالت ناشطة ومكثفة من حولها. وأهلها العرب يتعرضون للمضايقة اليومية فتضطر أعداد منهم إلى مبارحتها. فالمدينة تتضاءل في مساحتها وتنكمش في تعداد سكانها وحركة تهويدها مستمرة بلا هوادة، والمقدسات المسيحية والإسلامية في خطر متعاظم".

أضاف: "القدس إلى كل ذلك رمز قضية العرب المركزية. ليس بيننا من يتصور حلا لقضية فلسطين لا تكون فيه القدس عاصمة الدولة. وكيف ستكون عاصمة إذا ما نجح الصهاينة في سلخها جغرافيا عن محيطها العربي؟ فالخطر الذي يحيق بالقدس هو خطر على الوجود الفلسطيني، على قضية فلسطين ومصيرها. أين هي الأصوات الزاجرة والتحركات الرادعة؟ يكاد لا يكون لها وجود أو هي خافتة. من المسلم به أن لا حل لقضية القدس من دون حل عادل لقضية فلسطين. فالقدس رمز القضية ومحورها. فأين هو الحل العادل للقضية القومية؟. ليس من حل عادل مطروح في التداول. ولن يكون حل ما دامت إسرائيل لا تنشد حلا. إسرائيل اليوم هي دولة بلا حدود. وكأنما هي مصممة على أن تبقى بلا حدود، محتفظة بهامش التمدد ساعة تشاء على حساب أرض العرب. والغريب أن العالم المتحضر يطالب العرب، ويطالب فصائل فلسطينية معينة بالاعتراف بدولة إسرائيل. والسؤال البديهي هو: كيف يمكن الاعتراف بدولة بلا حدود؟ هل يراد الاعتراف بدولة تتمتع بحق التوسع متى وكيفما تشاء على حساب الغير؟".

تابع "إذا كان الحل لقضية القدس مرتبطا بالحل المرتجى لقضية فلسطين، فما هو هذا الحل؟ يراد للعرب أن يعقدوا سلاما مع الكيان الصهيوني في ظل انعدام التكافؤ في القوى التفاوضية بين الجانبين. فالقوة التفاوضية الإسرائيلية محصنة برجحان قوة إسرائيل العسكرية بفعل الدعم اللامحدود الذي تتلقاه من أعظم قوة في العالم، هي الولايات المتحدة الأميركية. فهي تتلقى من أميركا إمدادا بآخر التكنولوجيا العسكرية وأحدثها وأفتكها، وتتزود بالعتاد العسكري المدمر والأكثر تطورا، من طائرات ودبابات وصواريخ ومدافع ووسائل الاتصال. يراد لمحادثات التسوية أن تكون بين الأقوى والأضعف. فكيف يكون تكافؤ في المواقع التفاوضية؟ بعبارة أخرى، يراد للعرب أن يستسلموا. وهذا لن يكون إلا على حساب سلامة المصير العربي وعلى حساب استقرار المنطقة برمتها".

وقال: "لا مناص من الاستقواء بالشرعية الدولية، المتمثلة بالأمم المتحدة ومتفرعاتها. ولكن مصيبة العرب أن الشرعية الدولية كثيرا ما تبدو وكأنها دمية في يد الدولة العظمى. فهي التي تحاول السيطرة على قرارات مجلس الأمن الدولي، ولا يحول دون تماديها في ذلك في كل الأوقات سوى مواقف معترضة تتخذها أحيانا دول أخرى من الدول الخمس ذات العضوية الدائمة، ولا سيما منها روسيا والصين. مشاريع الحل المتداولة ليست في مصلحة العرب، وأبرزها مشروع الرباعية الدولية المسمى خارطة الطريق، والمشروع العربي المقر في قمة بيروت عام 2002 ثم قمة الرياض مؤخرا. نحن نرى في قضية فلسطسن قضية وجود ويراد لنا أن ننظر إليها كقضية حدود. كلا المشروعين الدولي والعربي، يعتمدان القرار الدولي 242، الصادر إثر حرب عام 1967أساسا للحل. وهذا القرار يجعل من القضية مسألة حدود. أما القرار 194 الصادر عن الهيئة العامة للأمم المتحدة عام 1948، والذي تكرر تأكيده عشرات المرات في قرارات لاحقة، فهو إذ يحفظ للاجئين الفلسطينيين حقهم في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها إنما يجعل من القضية قضية وجود، وجود شعب تعرض لأفدح ظلم في التاريخ. لذا نحن نرى في القرار 194 مفتاح الحل العادل. فإذا ما عاد اللاجئون الفلسطينيون إلى ديارهم في فلسطين في امتدادها التاريخي من البحر إلى النهر، أي إلى حيفا ويافا وصفد وعكا وخلافها، فلا يعود يهمنا أين وكيف ترسم الحدود كما لا يعود للجدار الفاصل الذي بناه شارون أي قيمة".

أضاف: "مأخذنا على مشروع خارطة الطريق أنه يجرد المفاوض الفلسطيني من ورقة التفاوض الوحيدة التي في يده، إذ يدعو إلى إنهاء الانتفاضة والتخلي عن السلاح في المرحلة الأولى من المشروع. والانتفاضة هي الوجه الآخر لأمن إسرائيل، الذي يستطيع أن يقدمه الفلسطيني في مقابل كل ما يطالب به: القدس، واسترجاع الأراضي المحتلة، وعودة اللاجئين إلى ديارهم. فتأتي المرحلة الثالثة من خارطة الطريق، مرحلة التفاوض، وليس في يد المفاوض الفلسطيني أي ورقة يساوم عليها. فإذا به في حكم المستجدي وليس المفاوض. أما المشروع العربي فيعيدنا إلى الوضع الذي كان قبل حرب العام 1967، وكأنما لم يكن ثمة مشكلة مع إسرائيل قبل ذلك العام. لو كان هذا صحيحا، فعلام كانت حرب العام 1967 إذا؟ صحيح أن المشروع ينص على حفظ حق العودة، ولكن المزاج السائد بين الحكام العرب للأسف يصب في قناة البحث عن حلول بديلة كالتعويض والتوطين في زوايا الأرض الأربع. إننا نرى الحل في فلسطين موحدة، يتعايش فيها العربي واليهودي بسلام، وتكون عاصمتها القدس، ويعود إليها جميع اللاجئين إلى ديارهم. المنطلق هو القرار 194. والسبيل إلى الحل هو المقاومة ولو غير المسلحة وليس الحرب. إسرائيل كانت هي المنتصرة في كل حروبها مع العرب، حيث المواجهة بين جيوش نظامية، ولكنها خذلت دوما في مواجهة المقاومة. عجزت عن إلغاء المقاومة الفلسطينية منذ العام 1948 حتى اليوم، وانسحبت من غزة، وانتصرت المقاومة اللبنانية عليها إذ أخرجتها من بيروت عام 1982، ومن الجنوب، باستثناء مزارع شبعا، عام 2000، وأحبطت المقاومة هجومها على لبنان وخذلتها عام 2006، فاعترفت إسرائيل نفسها بهزيمتها النكراء. ربما لن تكون حرب عربية إسرائيلية بعد اليوم مع استمرار الصراع العربي الإسرائيلي، فتبقى الكلمة في الجانب العربي للمقاومة".

2007-11-15