ارشيف من : 2005-2008
نقطة حبر: حزب يصاول التاريخ

لم يملك خطاب حزب الله والمعارضة إزاء عنتريات خطاب الموالاة إلاّ أن يحمّل مضامينه القدر الأوفى من مناخات التوافق والتآلف والحوار وإشاعة أجواء السلام الداخلي التي تنعكس إيجاباً على البلاد والعباد.. لكن هذا السلوك السياسي الذي سعى بالكلمة الطيبة إلى نبذ الفرقة ـ والتحالف الرباعي خير مثال على الود الذي أبداه الحزب اتجاه الآخر ـ وإلى تآلف القلوب والتعاون في إدارة شؤون البلاد وشجونها على قاعدة "إن هذه أمتكم أمة واحدة"، لم يلقَ من الموالاة إلاّ الجفاء والصدود مترافقاً مع سلوك سياسي طافح بالوقاحة.
لقد غنى خطاب المعارضة وحزب الله بالمزمار طويلاً للأفاعي لترقص، لكنها ما ازدادت إلاّ فحيحاً ولسعاً، وراحت تلتف بعضها على بعض عقداً من الغضب الراعف التي لا يحلها إلاّ دبيب الموت في جسد الوطن.. "لا سمح الله".
لقد بدا حزب الله وتحديداً بعد حرب تموز حزباً يصاول التاريخ، ولم يبدُ هؤلاء إلاّ شخصيات فارغة، شخصيات بلا شخصيات، جوهرها في ظاهرها، وظاهرها عند الأميركي والإسرائيلي.. انها شخصيات معوّقة كما يقال في النقد الروائي، شخصيات عدمية لا وجود لها بالذات، وإنما يتشكل حضورها بقدر تمكنها من الأذى وإلحاق الضرر.
إزاء هذا الخواء السياسي اقترحت تجربة حزب الله تعاملاً مختلفاً مع الآخر المختلف بلغة لا تعوزها الرصاصة، اكتفى الحزب بإفهام الآخر بأن بطولته الدونكشوتية متوهمة، بيّن لهم الأسباب الموضوعية التي تعطي الوهم قناع الحقيقة.. لكن فريق السلطة اقتفى آثار رغبة جديدة قوامها محاكاة المستعمر، هذه المحاكاة المستسلمة تجعل الرغبة وقد انتقلت إلى العميل أشد شراسة وجنوناً، ولهذا تلاشى الفرق بين المحتل وعميله الداخلي في تبادلية الدور والوقوف على مسافة واحدة من المقاومة.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد1242 ـ 23 تشرين الثاني/نوفمبر2007