ارشيف من : 2005-2008

ملتقى القدس الدولى فى اسطنبول: مشاهد و مفارقات

ملتقى القدس الدولى فى اسطنبول: مشاهد و مفارقات

اسطنبول ـ نضال حمادة    
انعقد على مدى أيام ثلاثة ملتقى القدس الدولي في اسطنبول، العاصمة التاريخية للخلافة العثمانية، وللمكان رمزية  تجمع بين التاريخ الإسلامي العريق والدولة التركية الحديثة التي  أدارت ظهرها للعالمين العربي والإسلامي منذ سقوط السلطنة العثمانية في بدايات القرن الماضي.
القدس كانت محورا جامعا لكل أطياف الأمة على اختلاف مشاربهم، إنها قلب العالم العربي والإسلامي وتاريخ الحضارات والديانات التي مرت على منطقة الشرق الأوسط من دون ان تستطيع تغيير الوجه العربي الإسلامي للمدينة التي تسعى الصهيونية الى تهويدها مستغلة الدعم الأميركي الكبير الذي يتعامل مع احتلال القدس من زاوية عقائدية عمادها المسيحيون الجدد.
بيد ان انعقاد الملتقى لم يسلم من الضغوط الإسرائيلية والأميركية على السلطات التركية لحملها على عدم عقد الملتقى على أراضيها، حسب أحد المنظمين، الذي صرح لـ"الانتقاد" "ان المنظمين اضطروا للقبول بالكثير من التسويات مع سلطات البلد المضيف من أجل عقد الملتقى في مدينة اسطنبول، مع أخذ مصالح الأتراك بعين الاعتبار".
في السياق نفسه كان من اللافت لكثير من المشاركين الدعم والتسهيلات الكبيرة التي قدمتها السلطات التركية لإنجاح الملتقى عبر المقر الذي قدم للمؤتمرين والحشد الأمني التركي الذي وضع في خدمة الملتقى عبر العناصر البشرية والإمكانيات التقنية الكبيرة التي سخرتها في سبيل انجاح المؤتمر.
وكان من اللافت الحضور الايراني الكثيف على كل الصعد، حيث كان الوفد الصحافي الايراني أكبر الوفود الاعلامية المشاركة على الاطلاق، وتميزت  كلمات الوفد الايراني داخل قاعات الملتقى بالحضور الكبير وباهتمام الوفود الأخرى، حيث حازت كلمة السيد محمد مهدي التسخيري حول مفهوم الارهاب إعجاب الحاضرين واهتمام الوفود الاعلامية التي أفرد مراسلوها حيزا مهما من مراسلاتهم لهذه الكلمة، وشبهها أحد المراسلين العرب بالوثيقة القانونية والفلسفية التي لا غنى عنها في مواجهة الهجوم الغربي على الاسلام تحت عنوان محاربة الارهاب.
أما الحضور الفلسطيني الذي حاز الاهتمام الأكبر من قبل الحاضرين والصحافيين فكان للشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الاسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948، وكان من المثير للاهتمام في كلمة رائد صلاح عدم اطلاقه على الكيان الصهيوني لقب دولة أو لقب سلطة، وإنما عبر عنه في خطابه أكثر من مرة بتعبير المؤسسة الاسرائيلية، في إنكار كبير وذكي لوجود هذا الكيان المغتصب من رجل أجبر بفعل الاحتلال على حمل جنسية لا يريدها ولا يريد حتى الاعتراف بشرعيتها.
ومن المفارقات المعبرة لهذا الملتقى كان المعرض الذي أقيم  بالتزامن معهه، حيث عرضت الجمعيات المشاركة نشاطاتها في سبيل دعم قضية القدس وتحريرها، وكانت المواد التي عرضتها الجمعيات المذكورة متشعبة وكثيرة ومختلفة في كل شيء تقريبا، باستثناء أمرين: الأول ذكر القدس باعتبارها محور الملتقى، أما الأمر الثاني الذي فاجأ السلطات التركية فكان وجود صور أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في جميع مراكز المعرض، وكأن للقدس المدينة صورة انسانية في مفهوم الأمة هي شخصية السيد نصر الله.
لقد تميز اعلان المبادىء الذي أصدره المشاركون بإعلان الحركة الصهيونية منظمة إرهابية وعنصرية، وتكمن أهمية هذا الاعلان بكونه صدر من العاصمة الاقتصادية والتاريخية لدولة عضو في حلف شمال الأطلسي طالما حرص القيمون عليها على اعتبار دولتهم حليفة لـ"اسرائيل" منذ ما يقرب خمسين عاما..
إنها القدس التي تجمع و لا تفرق، والتي تأبى أن يغير وجهها دخلاء على الإنسانية.. ستدحرهم القدس والإنسانية في يوم ليس ببعيد.
الانتقاد/ العدد1242 ـ 23 تشرين الثاني/نوفمبر2007

2007-11-23