ارشيف من : 2005-2008

هل سألت نفسك يوماً:ماذا في الأخبار الاقتصادية؟؟

هل سألت نفسك يوماً:ماذا في الأخبار الاقتصادية؟؟

كتبت فاطمة بري بدير
منذ سنوات الغزو الإعلامي أو الفضائي، والمشاهد العربي تعوّد على متابعة النشرات الإخبارية، والحوارات السياسية والبرامج الاجتماعية، والتوك شو.. وكل أنواع التسميات الاعلامية الأخرى، ولكن ماذا عن الأخبار الاقتصادية التي باتت تمتلك حصتها المميزة في عالم الاعلام الخليجي بالتحديد؟
شاء المشاهد أم أبى، أعجبته الفقرات أو ولّى عنها، فإن بعض المحطات تعتبر الأخبار الاقتصادية في صلب اهتماماتها وتغطيتها.. ناهيكم عن نشرات البورصة والأسهم التي دخلت عالمنا وفضاءنا العربي منذ سنوات ليست بالكثيرة..
وهذه التساؤلات عن المكانة التي يشغلها التأثير الاقتصادي لا أطرحها عبثاً، إنما، هي محاولة متواضعة لمعرفة ما إذا كان هذا الجو من الإعلام الاقتصادي قد استطاع أن يؤثر في نفوس وعقول وأذهان وحسابات المشاهدين العرب، أم أننا لا نحبذ لغة الأرقام والأسواق العالمية، على حساب إدماننا القديم على نشرات الأخبار والمسلسلات والمسرحيات العربية..
بكل حال.. المناسبة كانت أكثر من مؤاتية في الأيام الأخيرة، وقد تسنّى لي أن أتابع البث الحي والمباشر الذي قامت به الفضائيات الخليجية لتغطية الحدث الاقتصادي الأبرز خليجياً، ألا وهو "معرض دبي للطيران"! ويا حسرة على معارض الثقافة والكتب وما يشبهها!! ومن يدور في فلكها أيضاً..
وقد زادت معلوماتي الاقتصادية قليلاً، فعلمت أن هذا المعرض يقام حالياً في دورته العاشرة، وهو يقام مرة كل عامين، وقد بدأ كتقليد في دبي منذ العام 1989.
وطبعاً.. وبكل تأكيد.. كان حفل الافتتاح برعاية وحضور ومشاركة، نائب رئيس الدولة، رئيس الوزراء وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي بت أعتقد أن لديه كل يوم أكثر من حفل افتتاح علمي أو تقني أو صناعي أو استثماري ليرعاه ويفتتحه، في دبي فقط!
ومعرض الطيران بما يتضمنه من أقسام مدنية وأخرى عسكرية، ومن طائرات ومقاتلات وناقلات ومركبات، كان يشبه العالم الجديد و"الغريب"، لمن لم يتعوّد إلاّ على أخبار السياسة والجوع والفقر والصفقات والسمسرات وغلاء الأسعار الجنوني!
وقد "تمخطرت" في المعرض طائرة الايرباص A380، التي تعتبر آخر انجاز في عالم الطيران ومللت من متابعة المعرض الطائر لأعود إلى الأرض، لكني رغماً عني، فاجأتني الأخبار الاقتصادية التي طغت بعد ذلك، والتي كنت مجبرة على متابعتها وقراءتها من خلال شريط الأخبار السفلي العابر على معظم  الشاشات، وحينها تساءلت: من الذي يهتم حقاً؟
واليكم على سبيل المثال عيّنة من هذه الأخبار التي تأتينا في زمن غلاء الرغيف والمازوت والخضار، فلا يملك مواطننا المسكين قوت يومه..
الامارات دفعت عربون 47 طائرة، ثمنها بضعة مليارات من الدولارات..
السعودية اتفقت على صفقة بعدة مليارات أخرى.. والصفقة الأكبر التي شهقت لها الأفواه (من المهتمين مالياً واقتصادياً) هي الصفقة القطرية، التي أوصت شركة البوينغ على 147 طائرة فقط لا غير.. ثمنها كم بليون!!
للمرة الأولى وأحسبها الأخيرة، تابعت هذه الأخبار الاقتصادية وأخبار أرقامها وحساباتها.. وأوجع قلبي ورأسي لفظ المليار والبليون وكأن المذيعين كانوا يتحدثون عن دريهمات قليلة.. مسكين هو الشعب العربي.. ما الذي سيفعله بتلك الأساطيل الطائرة؟؟ ومن أين تأتي أموالها وكيف تذهب ولمن..
نحن ما زلنا نتحدث عن الرغيف وتنكة الكاز والمازوت ورسم التسجيل لأولادنا في المدارس، وثمن اشتراك الماء والكهرباء، بينما إخوتنا يسوّقون طائراتهم وأساطيلهم وملايينهم بل.. وبلايينهم بعد اليوم؟
كيف تؤثر الأخبار والنشرات الاقتصادية؟
تزيد من الصداع والألم النفسي والجسدي فقط، وكل معرض آخر للطيران وأنتم بألف خير وألف حلم..
الانتقاد/ العدد1242 ـ 23 تشرين الثاني/نوفمبر2007

2007-11-23