ارشيف من : 2005-2008

برغم انقسام المعارضة الفلسطينية : انتفاضة شعبية لرفض مؤتمر أنابوليس في غزة وقمع في الضفة

برغم انقسام المعارضة الفلسطينية : انتفاضة شعبية لرفض مؤتمر أنابوليس في غزة وقمع في الضفة

غزة ـ عماد عيد
كان من أبرز الأمور اللافتة على هامش مؤتمر انابوليس الفعاليات التي نظمتها مختلف الشرائح السياسية والشعبية في قطاع غزة، وقد تجلت أشكال الرفض والمناهضة لهذا المؤتمر بأمور عدة بدأتها الفصائل الفلسطينية بالندوات وورش العمل على مستوى النخب، ثم انتقلت لتشكيل لجان تحضيرية للإشراف على الفعاليات التي تندرج تحت هذا العنوان، ومن ثم انتقلت هذه الفصائل إلى عقد المؤتمرات الصحفية ومن ثم المؤتمرات الشعبية وتوجت بالمسيرات الحاشدة التي شهدتها محافظات القطاع الخمس.
على أن مركزية هذه الفعاليات والمسيرات كانت تلك التي شهدتها مدينة غزة ودعت لها حركتا حماس والجهاد الإسلامي قبيل انعقاد المؤتمر في الولايات المتحدة الأميركية بخمس ساعات فقط، وقد احتشدت الجماهير أمام المجلس التشريعي واستمعت لكلمات من رئيس المجلس التشريعي بالإنابة احمد بحر ورئيس اللجنة التحضيرية للحفاظ على الثوابت الدكتور محمود الزهار من حركة حماس والدكتور محمد الهندي من حركة الجهاد الإسلامي.
ولكن ما كان لافتا أيضا من وجهة نظر كل المراقبين والمتابعين للشأن الفلسطيني أن كل الفصائل باستثناء حركة فتح تقريبا عارضت هذا المؤتمر أو توقيته أو الشروط التي انعقد عليها وعدم وجود جدول زمني للمفاوضات القادمة، ومع ذلك فإن هذه الفصائل لم تستطع أن تشكل جبهة موحدة وتنفذ هذه الفعاليات كجبهة معارضة موحدة كما كان الحال إبان مؤتمر مدريد واتفاقات أوسلو وتكوين الفصائل العشرة المعارضة لها.
 وبحسب المراقبين ومصادر في هذه الفصائل فإن محاولات بذلت لتشكيل هذه الجبهة غير أن ما جرى في قطاع غزة والخشية من تفسير حركة فتح في حال انضمام الجبهات إلى جبهة تحالف مع حماس على انه اصطفاف ضدها جعلها ترفض الانضمام إلى مثل هكذا تحالف، ولكن على أية حال فقد بذل كل فريق من هؤلاء جهده وفق طريقته وقناعته لرفض هذا المؤتمر وهو الأمر الذي يوضح ربما حجم المعارضة في الشارع الفلسطيني إزاء أي تفريط أو تنازل يمكن أن تقدم عليه القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس عباس.
 وبرأي المحللين فإن هذه الفعاليات تشكل رادعا حقيقيا إلى حد كبير أمام عباس، وهو ما انعكس في الكلمة التي ألقاها أمام المؤتمر وكان واضحا في التأكيد على الثوابت الفلسطينية خصوصا قضية اللاجئين والقفز عن أية خلافات مع الطرف الصهيوني وتجاهل ذكرها في الكلمة..
وفي هذا السياق برز تنظيم حزب التحرير الإسلامي مسيرات حاشدة أيضا في قطاع غزة ومحاولات في الضفة الغربية لرفض هذا المؤتمر أيضا، وهي المرة الأولى التي ينظم فيها هذا الحزب مثل هذه المسيرات لمناسبة سياسية بعد أن اقتصر فعله على البيانات وفي إطار من السرية.
وما ينبغي ذكره هو الوضع في الضفة الغربية التي وعلى الرغم من سيطرة السلطة الفلسطينية فيها فقد انطلقت المسيرات الشعبية العفوية للتعبير عن رفض المؤتمر ورفض التفريط بأي حق من حقوق الشعب الفلسطيني، لكن هذه الجماهير اصطدمت بأجهزة السلطة التي عملت على قمع المتظاهرين بالقوة وبوحشية شابهت الوحشية الصهيونية، فقد صمم حزب التحرير على تنظيم مسيرة في الخليل التي تعتبر معقله الأساسي في الضفة الغربية غير أن السلطة تصدت لها واعتدت على العشرات من المشاركين واعتقلت عشرات آخرين، واعتدت على الصحفيين أيضا، ومن بينهم مراسل الجزيرة وائل الشيوخي الذي ظهرت صوره على شاشات التلفزة.
وقد تزامن عقد المؤتمر مع تصعيد إسرائيلي في الضفة والقطاع، وهو الأمر الذي يلقي بمزيد من الشك على مصداقية الجانب الصهيوني في مثل هذه التوجهات التفاوضية ويؤكد وجهة نظر الكثيرين من أن هذه المؤتمرات يوافق على عقدها من اجل استثمارها لمصلحته ولمصلحة الإدارة الأميركية وليس العكس.. فقد استشهد ستة من قطاع غزة في يوم انعقاد المؤتمر برصاص وقذائف الجيش الصهيوني وجميعهم من كتائب القسام، وذلك خلال توغلات أو غارات صهيونية داخل قطاع غزة، بالإضافة إلى إصابة عدد آخر بجروح واعتقال آخرين في هذه الموجة من التصعيد، وفي الضفة الغربية لم يتوقف مسلسل الاعتقالات والتوغلات والعمليات الخاصة هناك أيضا بغض النظر عن الحديث عن مفاوضات أو سلام، وذلك جنبا إلى جنب مع استمرار الحصار على قطاع غزة الذي يتضاعف يوما بعد يوم مع اقتراب موسم الحج، وهو الأمر الذي يلقي بظلال من الشك في إمكانية أن يؤدي حجاج قطاع غزة هذا العام مناسك الحج.
الانتقاد/ العدد 1243 ـ 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007

2007-11-30