ارشيف من : 2005-2008
شعرية النص العرفاني

يتعامل الأدب العرفاني مع خالق واحد جاء منه كل المخلوقات ومن بينهم الإنسان كفرد يسعى نحو الخلاص، والناس كجماعة تنتمي إلى بعضها البعض، يجمعها المصير وتتقاسم المرارات والآلام، وفي هذا التعامل مع الخالق ثمة رغبة عميقة في هذا الخالق.
يتخذ العارف من الرغبة في خالقه منطلقاً لنتاجه الأدبي والشعري.
الرغبة تعبث به وبأحلامه وبنصه كما تشاء، يقول مولانا جلال الدين الرومي: "قال النبي عليه الصلاة والسلام: اعلم أن المؤمن كالجمل ثمل دائماً بالحق الذي يقوده كسائق الجمل". لفظ الحديث: "المؤمن كالجمل الأنف (أي الذلول) حيثما قيد انقاد". فأورد لفظ الحديث، ثم دخل إلى حقيقة تستند خلف ألفاظه بقوله "ثمل دائماً بالحق الذي يقوده"، وهو بيان لسر سهولة انقياد المؤمن الذي ورد في هذا الحديث. مما تقدم يظهر انفعال النص الصوفي بحقائق الوحي تصديقاً وايماناً ومنافحة، كأن سيرة الانسان نهر متدفق ليس منبعه الله فحسب، وإنما الله تعالى هو الذي يضع الانسان في قارب ذهبي من الكشوفات والفيوضات ويسحبه نحو مشيئته القاهرة (وهو القاهر فوق عباده)، ويجري به النهر المتدفق رضيّاً نحو مصبه النهائي "يا أيتها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضيةً مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي".
الكتابة هنا ليست للترف الفكري، إنها أداة للكشف والمعرفة قبل أن تكون فناً بذاته، واللغة لا تتحقق شعريتها عبر كيميائها الداخلي، بل بطرحها أسئلة حول وجود الإنسان في هذه الحياة.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد 1243 ـ 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007