ارشيف من : 2005-2008
قوة لبنان في جيشه ومقاومته

بقلم وديع الخازن (*)
في ذكرى 14 آب سقط القناع الفولاذي الذي تختبئ وراءه "اسرائيل"، وانهزم جيشها على حدودنا الجنوبية في معركة الثلاثة والثلاثين يوماً، حيث لم يتمكن جيش العدو من أن يصمد في وجه عقيدة حزب الله المؤمنة بالقدرة الإلهية التي تحرس خطوات المقاتلين دفاعاً عن أرضهم.
سقطت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يهزم، ودوّت انتصارات المقاومة الوطنية في أسماع وضمائر الشعوب العربية والإسلامية، وهزّت وجدان الأمة، بعد سبات عميق، على كلمات قائد المسيرة سماحة السيد حسن نصر الله وخطوات مجاهديه التي لا تعرف التراجع.
إن أخطر تداعيات هذا النصر وأبلغها إيلاماً هو الجراح الثخينة التي تركتها المقاومة في البنية العسكرية الإسرائيلية وآلتها الحربية المدمرة، حيث ضُربت بحريتها في خاصرة بارجة قبالة الأوزاعي في بيروت، وتهاوت دباباتها المعروفة بالـ"ميركافا" بالعشرات أمام قوة الصد المنيعة لـ"حزب الله".
اهتزت البنية العسكرية وتزعزع معها الكيان الصهيوني برمته سياسياً وشعبياً وإعلامياً ما دفع لجنة "فينوغراد" إلى التحقيق وتحديد المسؤولين عن اخفاقات هذه الحرب التي فاق حجم قنابلها قنبلة نووية.
لم يعد بعد 12 تموز 2006 بمقدور "اسرائيل" ان ترفع رأسها في وجه لبنان لأنها تدرك مخاطر أية مغامرة عسكرية وتكاليفها البشرية الباهظة التي أظهرت وسائل الاعلام المحلية والعربية والأجنبية نحيب الجنود الإسرائيليين العائدين إلى ديارهم، فلا غرابة ان استهدفت القوة النارية الإسرائيلية مراكز الإرسال في لبنان لحجب الرؤية عن مشاهد الخزي والعار.
ليس خافياً على أحد انه لولا إيمان رئيس الجمهورية العماد إميل لحود باستراتيجية القوة المواجهة للغطرسة والصلف الإسرائيليين، فضلاً عن الدعم اللوجستي والدفاعي، الذي أمنه الجيش الوطني، لما حظيت المقاومة بغطاء رسمي وشعبي تجلى بأبهى صوره في احتضان اللبنانيين اخوانهم الجنوبيين ممن تهدمت منازلهم على امتداد رقعة الوطن وفي كنائسها وأديرتها.
غير أن ما يحز في النفس أن يكون هذا النصر الذي أعطي للبنان مرتين: الأولى في العام ألفين يوم دحرت المقاومة الباسلة العدو الاسرائيلي وراء الحدود وبقيت مزارع شبعا عالقة، والمرة الأخرى سنة 2006 عندما شنت "اسرائيل" حربها على لبنان للانتقام من انتصار المقاومة، فإذا بها تهزم للمرة الثانية شرّ هزيمة أمام روعة التصدي التي خطها حزب الله بدمه حبراً على أرض الجنوب.
والذي حزّ في النفس أن يعترف العدو بالهزيمة المنكرة ولا يعترف الشريك الآخر بالنصر، مكتفياً بتصوير الآثار السلبية التي أحدثتها آلة الدمار الإسرائيلية، وما خلفته من ضحايا العدوان الوحشي، واذا ما كان من عبرة لأي حدث جلل في تاريخ الشعوب فهو أننا خرجنا لأول مرة عن مقولة "قوة لبنان من ضعفه" لنسجل في الاستراتيجية الجديدة التي أرساها راعي المقاومة الرئيس إميل لحود مقولة: "قوة لبنان من قوة جيشه ومقاومته".
(*) رئيس المجلس الماروني العام ووزير سابق
الانتقاد/ العدد الخاص بالانتصار ـ 17 آب/أغسطس 2007