ارشيف من : 2005-2008

انتصار أصاب أميركا.. بالإحباط

انتصار أصاب أميركا.. بالإحباط

بقلم النائب الدكتور أسامة سعد(*)

في الذكرى الأولى للعدوان الصهيوني على لبنان، في الذكرى الأولى لانتصار المقاومة على العدوان، ننحني أمام بطولات المقاومين، ونتوجه بتحية الإجلال والإكبار إلى الشهداء الذين سطروا بدمائهم ملحمة من أروع الملاحم في تاريخ الكفاح العربي في مواجهة الغزو الصهيوني.
لقد شنّ العدو الصهيوني حربه العدوانية على لبنان بقرار أميركي من أجل تحقيق جملة من الأهداف الأميركية الصهيونية المشتركة، من بينها توجيه ضربة قاصمة للمقاومة والقضاء على قوة الردع لديها، والهيمنة على لبنان بعد كسر التوازن الداخلي فيه بغية الحاقه بمشروع الشرق الأوسط الأميركي الجديد، تعويضاً عن الفشل الذي أصاب هذا المشروع في العراق.
غير أن العدوان لم ينجح في تحقيق هذه الأهداف، بل على العكس من ذلك تمكنت المقاومة من إحراز نصر استراتيجي لن تقتصر ثماره على منطقتنا، بل ستشارك في حصادها شعوب العالم المنتفضة ضد النهج الأمبراطوري الأميركي.
وكان لنتائج العدوان تداعيات ما تزال تردداتها متواصلة حتى اليوم، وتشمل هذه التداعيات المشروع الأميركي المعد للشرق الأوسط، والكيان الصهيوني، كما تشمل لبنان وبقية البلدان العربية.
في ما يتصل بالمشروع الأميركي، من الواضح أن المزيد من المراوحة والتعثر بل الفشل والتراجع، قد أصاب هذا المشروع، فبعد الخسائر المتعاظمة في كل من أفغانستان والعراق، جاءت نتائج العدوان على لبنان لكي تزيد من عمق المأزق الذي يعاني منه هذا المشروع، وبتنا نرى الإدارة الأميركية وهي تزداد عزلة داخل اميركا، كما بتنا نراها وهي تبذل قصارى جهودها من أجل رفع المعنويات المنهارة لأصدقائها داخل لبنان وفي المنطقة عموماً.
وفي ما يتصل بالكيان الصهيوني، كان من نتائج فشل عدوان تموز سقوط رموز من القيادة العسكرية ومن القيادة السياسية، من بينها وزير الدفاع ورئيس الأركان وغيرهما، ومن هذه النتائج أيضاً  تراجع الثقة داخل إسرائيل بالمؤسستين السياسية والعسكرية، ومسلسل المساءلة وإعادة النظر الذي ما يزال مستمراً.
وإذا كانت المساءلة والمحاسبة هي من الممارسات الإيجابية التي تشكل ميزة لكيان العدو، فإن غيابهما عن لبنان والعالم العربي يشكل خللاً تنبّه له قائد المقاومة مبدياً استعداده للخضوع لهما شرط أن تخضع لهما الحكومة اللبنانية أيضاً، غير أن الحكومة، للأسف الشديد، قد تجاهلت بشكل كامل هذا العرض.
وفي لبنان، أصاب انتصار المقاومة، والاحتضان الشعبي الواسع الذي حظيت به، أميركا وأصدقاءها بالذهول والإحباط، فكانت رد فعلهما اللجوء إلى ممارسة التصعيد السياسي الداخلي بشكل لا سابق له، وحاولا أن يكسبا بواسطة هذا التصعيد ما لم يتمكنا من كسبه بواسطة الحرب الإسرائيلية. إلا أن انتفاضة المعارضة استطاعت تفشيل أهداف هذا التصعيد.
واليوم تواصل المعارضة نضالها الهادف إلى تحقيق تسوية سياسية داخلية، تستند إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية من شأنها الإسهام في إنجاز استحقاق الانتخابات الرئاسية، وتحصين لبنان في مواجهة المخاطر المتعددة التي تحدق به، ومن بينها الإرهاب، وتصاعد حدة الانقسام الأهلي وخطر الانزلاق إلى حرب داخلية، والأزمة الاقتصادية الاجتماعية، وسواها.
ومما لا شك فيه أن نجاح المعارضة في مواجهة هذه المخاطر، يستدعي رفع درجة التنسيق بين أطرافها توصلاً إلى الاتفاق على برنامج عمل مشترك يساعد على إخراج لبنان من المأزق الذي يتخبط فيه.
(*) رئيس التنظيم الشعبي الناصري
الانتقاد/ العدد الخاص بالانتصار ـ 17 آب/أغسطس 2007

2007-08-17