ارشيف من : 2005-2008
بقلم الرصاص: شمس الرئيس السنيورة

كتب نصري الصايغ
يتصرف السنيورة كأنه باقٍ، رئيس حكومة، إلى الأبد، وهو مرشح لأن يطوَّب كواحد من رؤساء الحكومات، الذين عمَّرت حكومتهم إلى أجل غير مسمّى، مع فارق وحيد، هو أنه رئيس حكومة لا تحكم.
كأنني به ماسك ومتمسِّك ومُسْتَمسِكّ ومُتَمَسْكِن، وكل الأمور مبررة، كي يستمر على رأس هذه الحكومة.
ليس مهماً أن يكون نصف اللبنانيين زائداً أكثر من واحد، ضد هذه الحكومة ولا يعترفون بها. وليس مهماً أن تكون طائفة برمتها، غير ممثلة فيها، أو منسجمة معها. وليس مهماً أن تكون أبواب المجلس النيابي، مقفلة بوجهها، وأبواب قصر بعبدا ستصدأ بسبب الفراغ. كل ذلك ليس مهماً: حتى الموازنات، العزيزة على قلبه، غير ضرورية. سيجد وسيلة للصرف والتيسير والتسيير، وفق القاعدة الاثني عشرية. وبإمكانه أن يستمر في مشاريع الخصخصة، والانفاق إلى ما شاء القدر اللبناني.
سيعترف له المؤرخون بقدرته الفائقة على ايجاد المبررات، وعلى تدبيج القرارات، والتصرف، كأنه رئيس حكومة كاملة الأوصاف. وهذا لم يحدث مرة في تاريخ لبنان.
هو يعرف الكتف ومن أين تؤكل. وهو يراهن حالياً على أعز ظرف مناسب: الفراغ، فيما هو مستعد لتقديم وجبات دستورية، غير مناسبة لصحة الانتخابات الرئاسية.
يقال، والعهدة على كاشفي الأسرار، أنه بعد فراغ سدة الرئاسة، استفحل أمره، وبات شديد البأس، وسيقدم قريباً على اجراء تشكيلات سياسية وقضائية وحتى عسكرية وأمنية، طالما أنه لم يعد بحاجة إلى توقيع رئيس الجمهورية. فرئيس الجمهورية الراهن فؤاد السنيورة، يتصرف بكل مفاتيح السياسة، ولا ينقصه سوى بعبدا.
ولا يظنن أحد، أن هذا الكلام يهدف إلى تدبيج موقف ساخر من رئيس الحكومة. إنه مقال جاد، عن رجل جاد، في موقع جاد، وسياسة جادة، ولو أدى ذلك إلى فقدان النصاب الوطني برمته.
إنه الماسك المتمسك المستمسك تحت عباءة المسكنة، والعمل ليل نهار، من أجل اتمام الاستحقاق الدستوري. وهو أكثر من ذلك، يتمتع بوتيرة عالية من الجرأة على المفاجأة. يطمئن الجميع أنه سيتصرف بهدوء، وبدون استفزاز، وبطريقة لا تغضب أحداً، على قاعدة «الفراغ الهادئ» وفجأة، يعقد جلسة، وينصب نفسه قائداً أعلى للقوات المسلحة اللبنانية. وهو ما سيثير عاصفة في فنجان السياسة اللبنانية.
سيجرؤ، فمن جرؤ على ممارسة الطرش السياسي، والاصغاء الدولي، وتقبيل رايس، واستقبال بلير، واتهام الخيم بتعكير الصفاء الوطني، سيجرؤ على كل شيء. فبيده صلاحيات الحكومة ورئاستها. عفواً، أخطأنا في تركيب الجملة: فبيده صلاحيات رئيس الجمهورية والحكومة، بلا وزرائها المقيمين ووزرائها المنسحبين. وليس من يحاسبه. وإذا اشتدت الوطأة عليه، يستنجد بالامارات والممالك والمجالس الدولية، وجاءه الدعم الدولي، مؤيداً وممهوراً بتوقيع جورج بوش.
السنيورة، يتصرف حالياً، كأنه رئيس البلاد، كل البلاد، من دون العباد.
لعل الصورة التي رفعت في الطريق الجديدة، لاستفزاز الموارنة، وتحديداً التيار العوني، تدل على دقة وصف الحالة التي يعيشها السنيورة.
... كان لويس الرابع عشر، الملك الشمس، السنيورة يتصرف كأنه الرئيس الشمس...
ولكنها، شمس غاربة، يا دولة الرئيس.
الانتقاد/ العدد 1247ـ 28 كانون الاول/ديسمبر2007