ارشيف من : 2005-2008

روسيا تسلم الوقود النووي الى محطة بوشهر بعد سقوط الذرائع الأميركية

روسيا تسلم الوقود النووي الى محطة بوشهر بعد سقوط الذرائع الأميركية

طهران ـ "الانتقاد" 
أخيراً وبعد انتظار طال اكثر من 33 سنة, وصل الوقود النووي الى محطة بوشهر النووية، هذه المحطة التي أضحت رمزا للحلم النووي الايراني لما رافقه من ضغوط ومد وجزر وتهديدات "تنذر بحرب عالمية ثالثة" حسب تعبير الرئيس الاميركي جورج بوش.
وصل الوقود الروسي الى المحطة التي بدأ الألمان العمل على إنشائها في العام 1974 ليوقفوا مشروعهم عند انتصار الثورة الاسلامية في العام 1979، وليتابع الروس في مطلع التسعينيات العمل في المحطة الصامدة في وجه الضغوط الاميركية الغربية وسط اصرار ايراني على انجاز مشروع هو علامة الحق المشروع وثبات روسي استطاع تحييد المحطة من عقوبات مجلس الأمن. بالطبع شدة الضغوط الاميركية استطاعت تأخير وصول الوقود النووي سنوات، ولكن الروس "لمسوا المصداقية الإيرانية مرارا وشفافية التنسيق الايراني مع الوكالة الدولية"، كما صرح الناطق باسم الخارجية الروسي، مقللا من أهمية الضوضاء الاعلامية الغربية.
رئيس الوكالة الذرية الايرانية آغا زاده أعلن أن شحنة الوقود الاولى قد وصلت الى المفاعل تحت اشراف كامل لمراقبي الوكالة الدولية، وبشّر الشعب الإيراني بأن الصيف المقبل سيشهد انتاج 500 ألف ميغاواط من الكهرباء النووية.
وحول أفق استخدام الكهرباء النووية صرح وزير الطاقة الايراني بأن وزارته قد طلبت من وكالة الطاقة الايرانية عدم الاكتفاء بإنتاج 1000 ميغاواط, بل الوصول الى 3000 ميغاواط في السنوات القليلة المقبلة. وأضاف الوزير برويز فتاح: إن أفق الـ20 سنة القادمة على مستوى الطاقة ينبغي ان تشهد انتاج 19000 ميغاواط من الكهرباء النووية من مفاعلات اخرى غير بوشهر.. معلنا ان هذه الطاقة ستستخدم للحاجات الداخلية، وكذلك لبيعها الى دول اخرى كالإمارات التي بدأت المفاوضات في هذا الشأن.
هذه الخطوة المهمة في مسار المشروع النووي جاءت بعد مخاض كبير وصراع ارادات لم يستطع ان يعيق التعاون الروسي الايراني الذي شهد تطورا "استراتيجيا" بعد زيارة فلاديمير بوتين الى ايران وترسيخ التعاون مع ايران التي وصفها الرئيس الروسي بالقوة العالمية الكبرى، فيما رحب قائد الثورة بفتح كل الآفاق في التعاون، مؤكدا قاعدة "ايران مستقلة = روسيا مقتدرة".. وزيارات أحمدي نجاد ووزير خارجيته وأمين مجلس الامن القومي الايراني جليلي الى موسكو سارت في هذا الاتجاه بقوة، إلى أن صدر تقرير البرادعي الشهير وتلاه بعد أشهر تقرير لأجهزة الاستخبارات الاميركية الذي اعتبره الروس "سقوط الذريعة الأميركية الأخيرة"، فجاء تسليم الوقود النووي لإيران بعد تذليل العوائق التقنية والهواجس البيئية بإشراف الوكالة كإنجاز روسي ـ ايراني مشترك مقابل تراجع المنطق الاميركي الذي فشل مرارا أخيرا في الوصول الى مسودة مشروع قرار ثالث ضد ايران في مجلس الامن بسبب ما أسمته وزيرة الخارجية الاميركية "خلافات تكتيكية" بين دول (5 + 1).
هذا الانجاز الجديد حاولت الادارة الاميركية التخفيف من أهميته، لا بل تجييره لمصلحة الضغط لتوقيف عملية تخصيب اليورانيوم, حسب المنطق "البوشي": فما دام الروس قد سلموا الوقود النووي لايران فما حاجة الايرانيين الى متابعة التخصيب؟!
ايران التي وجه وزير خارجيتها كتابا الى مجلس الامن لإعادة ملفها النووي فورا الى الوكالة الدولية وسحبه من التداول السياسي في مجلس الامن بعد اقرار الوكالة الدولية بخلو المشروع الايراني من أي تسلح نووي، وهو ما اعترفت به لاحقا الاستخبارات الأميركية، تتمسك بحقها في التخصيب كخط احمر وخيار استراتيجي علمي وتقني لا غنى ولا تراجع عنه مهما كلف الأمر.
وفيما تشترط كوندوليزا رايس وقف تخصيب اليورانيوم للقاء وزير الخارجية الإيراني، يؤكد "الحاج" أحمدي نجاد ان الملف النووي قد انتهى بالنسبة إلينا، وأن وقف التخصيب هو "من أوهام الماضي". ويصرح الناطق باسم الخارجية الإيرانية أنه لا حاجة لأي لقاءات مع الأميركيين، وأن لقاءات بغداد لمساعدة العراقيين حدها الأعلى في التمثيل الدبلوماسي هو على مستوى السفراء.
وعلى مستوى التعاون الروسي الايراني صرح محمد سعيدي عضو وفد التفاوض النووي الايراني، ان ايران قد خصصت 700 كادر في التقنية النووي في الجامعات الروسية، وأن طهران ستصل خلال السنوات العشر المقبلة الى مصاف الدول المنتجة لمفاعلات الطاقة النووية في العالم, خاصة بعد اكتشاف حقول جديدة لليورانيوم  جنوبي البلاد وغربها.
"رجب صفروف" رئيس مركز مطالعات ايران في موسكو، أعلن بدوره ان المفاعل سيكتمل خلال 6 أشهر، وأن مشروعا جديدا مشتركا بين طهران وموسكو سيبدأ قريبا لبناء مفاعلين نوويين لإنتاج 3 آلاف ميغاواط، بقيمة 4 مليارات دولار. مضيفا: ان تقرير الاستخبارات الاميركية أثبت خطأ السياسة الأميركية تجاه ايران، وأعطت دفعا لتقوية التعاون الروسي الايراني بعد ان أثبتت ايران تعاونا ممتازا مع الوكالة الدولية للطاقة النووية.
وفي مقارنته بين مشروع بوشهر ومشروع نطنز قرب أصفهان قال آغا زاده رئيس الوكالة الذرية الايرانية: ان بوشهر لا يغني عن انتاج الطاقة في نطنز، حيث يجري العمل على انتاج 3600 ميغاواط في محطة "دارخوين" من خلال رفع عدد أجهزة الطرد المركزي من 3 آلاف الى 5 آلاف، وذلك على يد المتخصصين الايرانيين فقط.
فيما يرى الايرانيون بفرح نتائج ثباتهم وثمار المقاومة الدبلوماسية والتمسك بالحق النووي الذي أضحى رمزا للاستقلال والتنمية ومواجهة الاستكبار, تتابع الدوائر الاميركية سعيها لاسترجاع زمام المبادرة بعد الضربات القاسية الاخيرة في أكثر من ملف ومنطقة ساخنة.. فالحرب سجال.
الانتقاد/ العدد1247 ـ 28 كانون الاول/ ديسمبر2007

2007-12-28