ارشيف من : 2005-2008
كيف استطاع حزب الله أن يفعلها؟

دمشق ـ أنس أزرق
كثيراً ما واجهني هذا السؤال من رسميين وفعاليات شعبية ودينية واجتماعية سورية، وغالباً ما كان السائل ينخرط في لحظة تأمل ثم يبدأ الإجابة، وغالباً ما كانت الإجابات تتطابق مع عبارات مثل "الإيمان، العمل، الصدق، التواضع، التنظيم".
وقد لا أبالغ إذ أقول: إن هذا السؤال الواحد والإجابات المتعددة عليه تشكل جوهر الصورة الذهنية للمقاومة ودورها في الحياة العربية المعاصرة.. هذه الصورة التي تكرست بفضل صور العمليات البطولية لرجال حزب الله وهم يرفعون علم الحزب فوق موقع عسكري صهيوني أو يصطادون عميلاً لحدياً كبيراً أو يوقعون خيرة الكوماندوز الإسرائيلي في كمين محكم. وأخيراً وليس آخراً بدخول المنتصر الواثق إلى كل قرية لبنانية في أيار 2000م.
لم يكن اسم حزب الله في التداول الإعلامي الشعبي قبل أيار 2000م كما هو بعد هذا الحدث المفصلي في حياة السوريين وحياة أمتهم وهم الذين ما انفكوا يشكلون طليعة القوى التحررية العربية بدءاً من ثورة الشريف حسين وإعلان الدولة العربية في دمشق مروراً بتطوع السوريين في جيش الإنقاذ ومن ثم خسارتهم للجولان في عام 1967م وانتهاءً بحرب تشرين التحريرية عام 1973م التي أعادت لهم جزءاً من الجولان وهو قد هدم وما زال.
فالسوريون يعتبرون أنفسهم شركاء في انتصار المقاومة ولكن شراكتهم كما يعلن الكثير منهم ناقصة.
شراكة تقوم على دعم سياسي ما زال مستمراً ودعم مادي تجلى في الحرب العدوانية الأخيرة بقصص حاولت أن تستلهم قصص المجاهدين في الحرب. امرأة عجوز تركت حيها الدمشقي القديم وقصدت ضاحية السيدة زينب معها مصاغها ونقودها التي جمعتها ليوم اسود وضعتها كلها أمام احد المسؤولين في مكتب هيئة دعم المقاومة فسألها عن اسمها فقالت له سجل "من حسن نصر الله إلى حسن نصر الله".
قصدني شاب حلبي وقال لي إن هذا نقوط عرسي أهديه للمقاومة بشرط شراء صاروخ.
نعم يعتبر السوريون شعبياً، قبل الجانب الرسمي، أنفسهم شركاء في هذه المقاومة التي رفعت رأسهم عالياً مرتين، مرة في أيار 2000 وأخرى في تموز 2006.
ومن يومها صور السيد حسن نصر الله وأعلام حزب الله باتت جزءاً من التشكيل البصري لمدن وقرى سورية، كما أن الكثير من الشباب يضعون بعضاً من أقوال السيد وخطبه كرنّة لهواتفهم المحمولة.
استلهام التجربة
كثيرون من أعضاء النخب الثقافية والسياسية السورية يؤكدون على ضرورة استلهام تجربة حزب الله في لبنان لتحرير الجولان، وهم يرون أن أسلوب حزب الله باتباع المقاومة الشعبية نادى به السوريون منذ احتلال الجولان عام 1967م. ولا عجب أن يتأسس في سورية مؤخرا وأثناء عدوان تموز لجنة شعبية جديدة هي هيئة المقاومة الشعبية لتحرير الجولان، وهي تنظيم شعبي وإن كان بعلم السلطات وتحت بصرها. وعلى كلّ، السلطة السورية لا تخفي استعداداتها لحرب قد تشنها إسرائيل في أية لحظة، ولا تلغي الخيار العسكري لتحرير الجولان كل الجولان إن تعذر ذلك بالمفاوضات.
برأي السوريين فإن الحزب قدم نموذجاً جديداً كان لوقت قريب نموذجاً غير متجسد في الحياة الحزبية العربية، واقرب لصورة خيالية، استطاع الحزب أن ينقل هذه الصورة من حيز الإمكان إلى حيز الواقع، وهنا بعض التصريحات لعدد من الشخصيات:
"استطاع حزب الله أن يحرر الجنوب حين عجزت الأنظمة العربية عن القيام بأي عمل ضد إسرائيل لأنه كان جاداً أولاً، ولأنه استخدم أسلوب المقاومة الشعبية ثانياً. ولم يكن يحسب حسابا لا لسلطة يمتلكها ولا لامتيازات يريد المحافظة عليها".
حسين العودات - مثقف مستقل
"يوم الانسحاب كان بداية الانتصار أو تكريس وجهة نظر إستراتيجية رئيسية جوهرها إمكانية المقاومة أن تحقق انتصارا فعليا، وإجبار الخصم على الانسحاب بفضل ضغوط المقاومة وكفاحها. الشيء الأساسي هو إصرار المقاومة بفرض قوى جديدة وتحوّل الموازين إلى حقائق على ارض الانتصار الفعلي".
سمير التقي ـ مدير مركز الشرق للدراسات الإستراتيجية
"إن يوم تحرير الجنوب اللبناني يوم مشهود في تاريخ العرب الحديث والمعاصر. وقد اثبت الشعب اللبناني ومقاومته البطلة ان العدو الصهيوني مهما بلغ من القوة والغطرسة والتسليح والعنصرية فإنه غير قادر على زحزحة الإرادة والإيمان والتمسك بالأرض والهوية والحقوق. وذلك اليوم العظيم "يوم التحرير" قد أسس انتصارات لاحقة في طليعتها الانتصار العظيم الذي أحرزته المقاومة ضد العدو الصهيوني في تموز 2006.
كل ذلك يشكل درساً للأمة العربية جمعاء مفاده أن فئة مهما كانت صغيرة العدد والحجم والتسليح فإنها قادرة على دحر العدو الصهيوني وتحطيم مخططاته اذ ما ملكت "كما حزب الله" الإيمان بالله والأرض والوطن والحق والاستعداد للاستشهاد وبذل التضحيات من اجل هذا الحق".
د. خلف الجراد ـ مدير مؤسسة الوحدة الوطنية
الانتقاد / العدد1216 ـ 25 ايار:مايو2007