ارشيف من : 2005-2008

ما الذي تغير بعد 12 سنة على عدوان نيسان؟

ما الذي تغير بعد 12 سنة على عدوان نيسان؟

12 سنة على عدوان نيسان 1996 مرت.
وبعد أربعة أشهر من الآن تدخل ذكرى عدوان تموز 2006 عامها الثالث.
10 سنوات بين الحربين، فصلت.
السنوات الأربع الأولى انتهت بدحر الجيش الاسرائيلي تحت ضربات المقاومة الى داخل فلسطين المحتلة.
في 25 أيار من العام ألفين احتفل لبنان بالعيد الأول للمقاومة والتحرير.
بعد ذلك بست سنوات قرر جنرالات "اسرائيل" الثأر لهزيمة الألفين بعدوان شنه الجيش الاسرائيلي في تموز 2006، وأنهته المقاومة بإعلان "انتصارها الإلهي" في 14 آب من العام نفسه.
ما الذي تغير بعد 12 سنة؟
* نمت قدرات المقاومة القتالية الى حد استطاعت فيه الرد باجتياح صاروخي للعمق الإسرائيلي الآمن على الاجتياح الجوي للبنان.
* تثبيت تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة منذ ربع قرن باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والعرقوب والأجزاء الغربية لجبل الشيخ والأراضي المحتلة منذ العام 1948 والتي تُعرف باسم "القرى السبع"، فضلاً عن التحفظات اللبنانية على الخط الأزرق.
بين 1996 و2006 حافظت المقاومة على تفاهم نيسان الذي نص على حق المقاومة باستهداف المستوطنات الصهيونية ما دامت تحتل الأرض وتعتدي على المدنيين.
قبل ولادة هذا التفاهم المكتوب من واشنطن ودمشق وبيروت وتل أبيب بدون تواقيع فرضته المقاومة عام 1993 اثر حرب اسرائيلية انتهت بمعادلة قوة وتفاهم غير مكتوب كرس حقها في ضرب المستوطنات الاسرائيلية مقابل محاولات الاحتلال توسيع رقعة النار خارج مناطق الأراضي المحتلة.
شعرت "اسرائيل" في عام 1993 بأنها مكبلة، وكان عليها ان تدفع الثمن غالياً كلما تجاوز جنودها أو دباباتها أو قذائفها حدود المناطق المحتلة.
في العام 1996 قررت العدو الاسرائيلي نسف تفاهم 1993 بفرض معادلة جديدة، إلا انها وقعت في شرك تفاهم جديد، واكتشفت مجدداً أنه أكثر تعقيداً من الأول، وقد لعب صمود المقاومة دوراً بارزاً في تثبيت حق المقاومة في العمل المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، ما سمح لدمشق بتكريس توازنات جديدة في المنطقة زادت من الأعباء على الجيش الاسرائيلي في السنوات الأربع التي تلت تفاهم نيسان، خصوصاً بعدما انحسر التفاهم في زوايا امنية ضيقة.
حاولت "اسرائيل" كسر هذا التفاهم بالانسحاب من جنوب لبنان في أيار من العام ألفين، إلا انها اكتشفت ان معادلة التفاهم لم تسقط لأن المقاومة أصرت على كامل حقوقها وهي الانسحاب الكامل من جميع الأراضي اللبنانية وتحرير جميع الأسرى من المعتقلات، وهو ما تنصلت منه قيادة الاحتلال، وأصرت على الاحتفاظ بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
فشلت "اسرائيل" أيضاً في محاولاتها كسر التفاهم بوسائل سياسية، فقررت شن حرب خاطفة في تموز 2006 لضرب القوة الصاروخية للمقاومة، وطرد رجالها الى ما بعد خط مجرى نهر الليطاني، ونشر قوات دولية تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة يمتد على طول الحدود اللبنانية من الجهات الأربع بهدف عزل المقاومة عن ما تفترضه خطوط الامداد لها عبر الحدود السورية اللبنانية، وخنقها في أماكن ضيقة، وتجريد سوريا من قوة المقاومة، وفك التحالف الاستراتيجي بين دمشق وطهران، واعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد بالاعتماد على الانتشار العسكري الأميركي في العراق والضفة العربية للخليج الفارسي.
انتهت حرب تموز 2006 من دون ان تحقق "اسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية واحداً من أهدافها الكثيرة.
في المقابل أعلنت المقاومة انتصارها على الجيش الاسرائيلي في معركة غير متكافئة من حيث ميزان القوة والقدرات التدميرية الكبيرة للجيش الاسرائيلي التي طالت عمق الضاحية الجنوبية لبيروت ومختلف المدن والبلدات في جنوب لبنان وبقاعه.
وبالرغم من صدور القرار الدولي 1701 الذي علق وقف اطلاق النار من دون ان يضع حداً للعدوان الاسرائيلي، وتعزيز انتشار قوات الطوارئ اللبنانية في جنوب لبنان، إلا ان تفاهم نيسان لا يزال قائماً ولم يستطع القرار الدولي ولا القوات الدولية كسر هذا التفاهم لأنه ينص على حق المقاومة بالعمل من أجل تحرير أرضها المحتلة واستعادة الأسرى من المعتقلات، والرد على الاعتداءات الاسرائيلية التي تطال المدنيين والممتلكات.
لقد ثبت ان قوة تفاهم نيسان تكمن بتمسك المقاومة بحقها الطبيعي في تحرير أرضها وأسراها، وردع العدو ومنعه من الاعتداء على الأراضي اللبنانية كافة، على قاعدة "حق الدفاع عن النفس". وهذا الحق مكفول في الدستور الوطني وجميع دساتير دول العالم، وفي ميثاق الأمم المتحدة، وهو الحق نفسه الذي خاضت باريس مقاومة الاحتلال الألماني لفرنسا به، وحرر دولا عدة في العالم من الاحتلالات.
بعد سنة ونصف السنة على عدوان تموز 2006 تعزز تفاهم نيسان بتوازن قوة بين المقاومة والجيش الاسرائيلي الذي عاد ووجد نفسه مكبلاً من جديد بقيود ثقيلة من الصعب نزعها، وليس سهلاً تجاهلها، فالمقاومة لن تقصف المستوطنات الصهيوينة ما دام الاحتلال الإسرائيلي لا يستهدف المدنيين اللبنانيين والأراضي اللبنانية، وبالمقارنة بين نص التفاهم ونص القرار 1701، فإن قوات الطوارئ المعززة لمساعدة الجيش اللبناني تتلقى الشكاوى بالخروقات الاسرائيلية على الأرض وفي البحر والجو وتحقق فيها، وهو يشبه ما نص عليه التفاهم لجهة تشكيل لجنة تنظر في الخروقات.
قاسم متيرك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نص تفاهم نيسان 1996
إن الولايات المتحدة تفهم أنه بعد مناقشات مع حكومتي "إسرائيل" ولبنان وبالتشاور مع سوريا، فإن لبنان و"إسرائيل" سوف يكفلان التالي:‏
1. إن المجموعات المسلّحة في لبنان لن تقوم بهجمات بصواريخ الكاتيوشا، أو أي نوع آخر من السلاح إلى داخل "إسرائيل".‏
2. إن "إسرائيل" والمتعاونين معها لن يطلقوا أي نوع من السلاح على المدنيين، أو الأهداف المدنية في لبنان.‏
3. بالإضافة إلى هذا، يلتزم الطرفان بالتأكد من عدم كون المدنيين هدفاً للهجوم تحت أي ظروف، وعدم استخدام المناطق المدنية الآهلة والمنشآت الصناعية والكهربائية قواعد إطلاق للهجمات.‏
4. بدون خرق هذا التفاهم لا يوجد ما يمنع أي طرف من ممارسة حق الدفاع عن النفس.
5. تم تشكيل مجموعة مراقبة مؤلفة من الولايات المتحدة، فرنسا، سوريا، لبنان و"إسرائيل". ستكون مهمتها مراقبة تطبيق التفاهم المنصوص عليه أعلاه. وستقدم الشكاوى إلى مجموعة المراقبة.‏
6. ستنظم الولايات المتحدة أيضاً مجموعة استشارية تتألف من فرنسا، الاتحاد الأوروبي، وروسيا، وأطراف أخرى مهتمة بهدف المساعدة على تلبية حاجات الإعمار في لبنان.‏
7. من المعترف به أن التفاهم من أجل إنهاء الأزمة الحالية بين لبنان وإسرائيل لا يمكن أن يكون بديلاً عن حل دائم. تفهم الولايات المتحدة أهمية تحقيق سلام شامل في المنطقة. من أجل هذه الغاية، تقترح الولايات المتحدة استئناف المفاوضات بين سوريا و"إسرائيل"، وبين لبنان وإسرائيل في وقت يُتفق عليه، بهدف التوصل إلى سلام شامل. تفهم الولايات المتحدة أنه من المرغوب به أن تجري المفاوضات في جو من الهدوء والاستقرار.‏
سيعلن هذا التفاهم في الوقت نفسه الساعة 18.00 في 26 أبريل/ نيسان 1996 في جميع البلدان المعنية.
الانتقاد/ العدد1263 ـ 18 نيسان/ أبريل 2008

2008-04-18