ارشيف من : 2005-2008

نور الولاية: سطوع نور المالكية(*)

نور الولاية: سطوع نور المالكية(*)

لمّا كانت الصلاة معراج الوصول إلى حضرة القدس ومرقاة حصول مقام الأُنس  فهذه السورة الشريفة تعطي تقريراً للترقي الروحاني والسفر العرفاني، وحيث أن العبد في بدء السلوك إلى الله محجوب في الحجب الظلمانية لعالم الطبع والحجب النورانية لعالم الغيب ومحبوس فيها، والسفر إلى الله هو الخروج من هذه الحجب بقدم السلوك المعنوي، وفي الحقيقة المهاجرة إلى الله هي الرجوع من بيت النفس وبيت الخلق إلى الله وترك الكثرات ورفض غبار الغيرية وحصول التوحيدات والغيبة عن الخلق والحضور لدى الرب، فإذا رأى في الآية الشريفة مالك يوم الدين الكثرات منطوية تحت سطوع نور المالكية والقاهرية فتحصل له حالة المحو عن الكثرة ويحصل له الحضور في الحضرة، ويقدم العبودية بالمخاطبة الحضورية ومشاهدة الجمال والجلال، ويعرض مشاهداته لله وطلبه لله على محضر القدس ومحفل الأُنس، ولعل النكتة في أن العبد يؤدي هذا المقصد بضمير إياك هي أن هذا الضمير راجع إلى الذات مضمحلة فيها الكثرات فيمكن أن تحصل للسالك في هذا المقام حالة التوحيد الذاتي وينصرف عن كثرة الأسماء والصفات أيضاً، وتكون وجهة القلب حضرة الذات بلا حجب الكثرات، وهذا هو كمال التوحيد الذي يقوله إمام الموحدين ومقدم حلقة العارفين وقائد العاشقين ورأس سلسلة المجذوبين والمحبوبين أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى أولاده المعصومين: "وكمال التوحيد نفي الصفات عنه"، لأن للصفة وجهة  الغيرية والكثرة، وهذا التوجه إلى الكثرة الأسمائية بعيد عن سرائر التوحيد وحقائق التجريد، ولهذا فلعل سر خطيئة آدم عليه السلام كان التوجه إلى الكثرة الاسمائية التي هي روح الشجرة المنهية.
اعلم أن أهل الظاهر ذكروا في ذكر نعبد ونستعين بصيغة المتكلم مع الغير مع أن العابد واحد،  نكاتاً منها أن العابد يحتال حيلة شرعية تكون عبادته بها مقبولة لجناب الحق تعالى، وهي أن يقدم عبادته لجناب القدس وحضرة الرحمة ضمن عبادة سائر المخلوقين ومنهم كمّل أولياء الله الذين يقبل الله تعالى عبادتهم كي تكون بهذه الوسيلة عبادته أيضاً مقبولة ضمناً لأن تبعض الصفقة ليس من عادة الكريم.
ومنها تشريع الصلاة إذا كانت في أول الأمر مع الجماعة، فمن هذه الجهة أدّيت بلفظ الجمع ونحن ذكرنا نكتة في السرّ الجملي للأذان والإقامة يكتشف منها هذا السر في الجملة، وهي أن الأذان اعلان لقوى السالك الملكية والملكوتية بالحضور في المحضر، وان الاقامة هي اقامتها في الحضور، فإذا أحضر السالك قواه الملكية والملكوتية في المحضر وقام القلب الذي هو إمامها بسمة الامامة فقد قامت الصلاة، وان المؤمن وحده جماعة، فقول نعبد ونستعين واهدنا كلها لأجل هذا الجمع الحاضر في محضر القدس، وقد أشير إلى هذا المعنى في الروايات والأدعية الصادرة عن أهل بيت العصمة والطهارة منابع العرفان والشهود.
والوجه الآخر الذي يتراءى في نظر الكاتب هو أن السالك في الحمد لله اذا جعل المحامد والإثنية من كل حامد ومثن في الملك والملكوت مقصورة ومخصوصة بالذات المقدسة للحق تبارك وتعالى.
(*) من كتاب الآداب المعنوية للصلاة للإمام الخميني (قده)
الانتقاد/ العدد1264 ـ 25 نيسان/أبريل 2008


2008-04-25