ارشيف من : 2005-2008

اجتماع الكويت يفتح الأزمة اللبنانية على التدويل والمعارضة متمسكة بمطالبها برغم التهويل الأميركي

اجتماع الكويت يفتح الأزمة اللبنانية على التدويل والمعارضة متمسكة بمطالبها برغم التهويل الأميركي

تراوحت تفاعلات الأزمة السياسية خلال الأيام الأخيرة بين ردود الفعل على مخططات الإدارة الأميركية لتحضير الساحة اللبنانية لـ"صيف حار" كما عبر مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش في ختام زيارته الأخيرة الى لبنان وإعطائه تعليمات المرحلة المقبلة لفريق السلطة، وبين إجراء "مراسم دفن المبادرة العربية" في العاصمة الكويتية بمشاركة الأمين العام  لجامعة الدول العربية عمرو موسى, حيث فتح هناك ملف الأزمة اللبنانية على "التدويل" من خلال الاجتماع الدولي الذي عُقد على هامش اجتماع دول الجوار العراقي، والذي كان معدّه وبطله ناظر القرار 1559 تيري رود لارسن، الذي لفت وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى دوره السلبي عندما قال "الحق البوم يدلك على الخراب".
والمخطط الأميركي الداخلي حاليا كان يتركز على شن حرب إلغاء ضد التيار الوطني الحر على الساحة المسيحية عبر أكثر من محور وقضية، وصولا الى محاولة محاصرة هذا التيار الذي أكد استقلالية خياراته السياسية بعيدا عن الإملاءات الأميركية، وهو ما عبر عنه رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون عندما رد على هذه الحملة الأميركية عبر أدوات واشنطن المحلية بتأكيد أنه "سيقاوم حتى النهاية السياسة الأميركية التي جلبت الويلات والمصائب على لبنان منذ العام سبعين حتى اليوم".
وفي مواجهة المخططات الأميركية الجديدة تدعو أوساط المعارضة إلى عدم التقليل من قدرة الولايات المتحدة على التخريب على الساحة اللبنانية، لكنها تلفت الى ضرورة عدم السقوط أمام "عامل التهويل" الذي قد يكون أحد أهداف هذه الحملة لدفع المعارضة الى التخلي عن مطالبها المحقة في المشاركة الحقيقية في الحكم, وهي ترى أن الهامش الزمني أمام محاولة تحقيق مشاريع الإدارة الأميركية في المنطقة بدأ يضيق مع قرب دخول إدارة جورج بوش في مرحلة تصريف الأعمال على أعتاب الانتخابات الأميركية في الخريف المقبل، ما يقود الى التوقع بتراجع احتمالات شن الولايات المتحدة حربا إقليمية ضد إيران أو شن العدو الصهيوني عدوانا على سوريا أو لبنان.
وهذه المعطيات بدأ يتلمسها فريق السلطة في لبنان، ما أدخله في حال إحباط جديدة، لأنه يرهن بقاءه واستئثاره بالحكم بهذه الرهانات الإقليمية التي وعد بها كثيرا من قبل صقور الإدارة الأميركية.
وفي السياق نفسه يبرز الموقع القوي لسوريا في المعادلة الإقليمية، ما دفع فرنسا الى إعادة التواصل معها على أعلى المستويات، وهو ما تمثل في اللقاء الثنائي بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في الكويت، الذي وصفه الطرفان بأنه كان وديا وإيجابيا. وقد شكل هذا اللقاء تراجعا فرنسيا عن المقاطعة التي كان أعلن عنها الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي ضد سوريا خلال زيارته الأخيرة الى القاهرة. وبناءً على ما تقدم ترى الأوساط ان الإدارة الاميركية ربما تبدأ قريبا بصوغ تسويات اقليمية مرحلية على قاعدة "البيع والشراء"، وهو ما تنبه إليه مجددا رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي يمارس حاليا اعادة تموضع واستدارة بطيئة بانتظار اتضاح معالم المرحلة المقبلة.
هلال السلمان
ـــــــــــــــــــ
بري يعيد كرة جلسة الانتخاب الى ملعب فريق السلطة
أعاد رئيس مجلس النواب نبيه بري الكرة بالكامل الى ملعب فريق السلطة ومن يقف وراءه من وراء البحار، وتحديدا الوصي الأميركي، وذلك عندما كسر الروتين المتبع منذ مدة بإرجاء جلسة انتخاب رئيس الجمهورية عبر بيانات مكتوبة قبل يوم من موعد الجلسة. وهو بعدما تعرض لحملة اتهامات من قبل فريق السلطة والوصي الأميركي بتعطيل المجلس وإقفال أبوابه، لجأ في المرة الأخيرة الى فتح أبواب المجلس على مصراعيها يوم الثلاثاء  الماضي أمام "نواب الأمة"  لانتخاب الرئيس، فكان أن جاء نواب فريق السلطة "متثاقلين" الى ساحة النجمة كأنهم يُسحبون إليها سحبا بعدما استراحوا في فنادقهم، وغاب من ارتاح في اغترابه كالنائب سعد الحريري الموجود في الرياض منذ أكثر من شهرين. ولذلك لم يتجاوز من حضر الى ساحة النجمة من نواب السلطة أربعين نائبا، فيما بلغ عدد نواب المعارضة الذين نزلوا الى مقر المجلس تسعة وأربعين، وكانوا جاهزين للدخول الى القاعة العامة لانتخاب الرئيس اذا وافق فريق السلطة على السلة المتكاملة للحل، وهو ما لم يحصل.
أما القطب الوحيد الذي حضر من فريق السلطة الى ساحة النجمة وهو النائب وليد جنبلاط، فكانت له حساباته الخاصة لهذا الحضور، فالأخير الذي استقبله الرئيس نبيه بري في لقاء ثنائي على مدى نصف ساعة بدا أنه "يكرس التمايز" عن تيار المستقبل. ففي حين ان الاخير يرفض مبدأ  الحوار من أساسه، يرى جنبلاط ان المعبر الى الحل هو الحوار، ولذلك أبقى على  خطوط الاتصال مع الرئيس بري وكرّسها في نزوله الى ساحة النجمة، وهو وجد موعد الجلسة مناسبة لحصول اللقاء مع بري لأنه يرغب بحصوله بعيدا عن مقر عين التينة. والسبب الذي يدفع النائب جنبلاط الى الابتعاد في هذه المرحلة عن النائب الحريري هو الخلاف الناشب بين الجانبين على قانون الانتخاب, فالحريري يريد إبقاء كتلته المنتفخة عبر السعي للإبقاء على قانون غازي كنعان، فيما يؤدي الإبقاء على قانون الألفين الى تقزيم كتلة جنبلاط من ثمانية عشر نائبا الى ثمانية نواب هم عدد نواب الشوف، مع الخسارة شبه المحسومة في بعبدا عاليه وفق التحالفات الموجودة حاليا.
الرئيس بري نجح من خلال طريقة إدارته ملف جلسة انتخاب الرئيس في تكريس معادلة أسبقية الحوار والتوصل الى "اتفاق نوايا" على توزيع الحصص في الحكومة الجديدة وشكل الدوائر في قانون الانتخاب، على ان يجري الذهاب بعد ذلك الى انتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان.
وكذلك بعث الرئيس بري برسالة الى فريق السلطة عندما رفض تحديد موعد جديد للجلسة العامة قبل التوافق على موضوع الحوار، على ان يجري التوافق على طاولة الحوار بشأن الموعد الجديد للجلسة، وهو أعطى بضعة أيام فرصة لموافقة فريق السلطة على الحوار، وإذا لم يتجاوب فإنه سيلجأ حينها الى تحديد موعد جديد لجلسة انتخاب الرئيس.
وفي سياق الخطوات الإيجابية التي سعى اليها الرئيس بري كان إيعازه بإعادة تنشيط عمل اللجان النيابية، على ان لا يحضرها وزراء الحكومة اللاشرعية، ويتمثل فقط في اجتماعاتها ممثلون للمؤسسات الرسمية.
هلال السلمان
الانتقاد/ العدد1264 ـ 25نيسان/ أبريل 2008


2008-04-25