ارشيف من : 2005-2008

استراتيجية ثابتة في رسالة وأهداف المقاومة: تحرير الأسرى من سجون الاحتلال من عناصر الغلبة على العدو

استراتيجية ثابتة في رسالة وأهداف المقاومة: تحرير الأسرى من سجون الاحتلال من عناصر الغلبة على العدو

كتب محمد الحسيني
"استراتيجية المقاومة في لبنان كانت وما زالت هي تحرير ما تبقى من أرض لبنانية محتلة وأسرى في سجون الاحتلال، والدفاع عن لبنان وحمايته في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والقائمة". هكذا حدد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في الكلمة الأخيرة التي ألقاها في الاحتفال بذكرى أسبوع المقاومة الإسلامية والوفاء للشهداء القادة في شباط الفائت، رسالة المقاومة الإسلامية وأهدافها الرئيسية. وتأخذ قضية تحرير الأسرى مكانها المحوري في إطار سياسة حزب الله وقيادته، سواء من منطلق إنساني وواجب وطني أو من منطلق المسؤولية الأكيدة التي تعكس قناعة راسخة بالثوابت الوطنية، وعربون وفاء لتضحيات المقاومين وللشعب الذي ارتضى لنفسه خيار المواجهة والصمود.

على مدى سني المواجهة أولت قيادة المقاومة ملف الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية اهتماماً كبيراً، وحققت سلسلة نجاحات أفضت إلى تحرير المئات من الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين والعرب ليعودوا إلى كنف عائلاتهم وأحبائهم، والمئات من رفات الشهداء ليواروا في ثرى قراهم. ومنذ 29/1/2004 تاريخ آخر وأكبر عملية تبادل أجراها حزب الله عبر وساطة دولية مع العدو حتى اليوم، لم توفر قيادة المقاومة جهداً لاستكمال هذا الملف، وعملت على توفير العناصر الضرورية لتحقيق أفضل نتيجة ممكنة وتحرير أكبر عدد ممكن من الأسرى المعتقلين في سجون العدو.
وقد أكد السيد نصر الله في أكثر من مناسبة أن المفاوضات في هذا السبيل مستمرة ولم تنقطع يوماً، على الرغم من العراقيل التي يضعها العدو أمام التوصل لحل شامل وكامل، وصولاً إلى تحرير كل الأسرى وعلى رأسهم عميدهم سمير القنطار، وهو ما أوضحه سماحته في احدى خطبه بالقول: "جرت لقاءات في الآونة الأخيرة ولن نوقف التفاوض وسنواصل العمل، لأننا نريد أن نحقق أيضا واحدة من أماني الشهيد القائد الحاج عماد مغنية، وهي أن يرى إخواننا الأسرى أحرارا بين أهلهم وأحبائهم وأقاربهم وشعبهم".
وفي هذا الإطار حملت العملية التي نفذتها المقاومة الاسلامية في 12 تموز عام 2006 وأسرت خلالها الجنديين الإسرائيليين "ايهود غولدفاسر" و"ألداد ريغيف"، فضلاً عن الكثير من أشلاء جنود العدو التي جمعها المقاومون من أرض المعركة، اسم "الوعد الصادق"، تيمّناً بالوعد الذي أطلقه السيد نصر الله للأسير القنطار بأن المقاومة لن تعدم أي وسيلة في سبيل تحقيق هذا الوعد، تحقيقاً للشعار الذي أكده سماحة الأمين العام بقوله: "نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون".
ولا تقف قضية تحرير الأسرى عند حدود النتائج الميدانية من حيث إجراء عمليات تبادل أو إطلاق سراح معتقلين، فقد تركت تأثيرات عميقة في المستويات العسكرية والسياسية والنفسية، وجاءت هذه التأثيرات إيجابية في الجانب اللبناني وسلبية في الجانب الإسرائيلي، وأسهمت في استكمال عناصر الغلبة لدى المقاومة على الكيان الصهيوني.. ومن أهمها:
* تكريس الدور المركزي الذي تقوم به المقاومة في الدفاع عن لبنان وأرضه وشعبه، وحفظ سيادته واستقلاله، ليس في الجوانب العسكرية والجغرافية والسياسية فحسب، بل أيضاً في الجوانب الإنسانية والأخلاقية، وهو ما يعكس ثوابت المقاومة وقناعاتها الوطنية.
* الإقرار الرسمي اللبناني والعربي والدولي بأحقية عمل المقاومة الإسلامية وأهدافها في إطار المواجهة مع العدو، وهو ما أسهم في تقوية إيمان الشعوب العربية والإسلامية والمستضعفة في العالم واعتقادها بمفهوم المقاومة والقدرة على النهوض والتحرّر من التبعية والاحتلال.
* تأكيد القدرة الميدانية للمقاومة في لبنان على رد أي عدوان إسرائيلي، ومواجهة الأخطار التي تهدد سلامة وأمن الأرض والشعب، والتمكّن من تشكيل قوة ردع ضمن معادلة توازن شاملة، برغم اختلال موازين القوى المادية مع العدو.
ويمكن تلمّس نتائج وتداعيات هذه التأثيرات من خلال دراسة ردود الفعل والمواقف التي تصدر على ألسنة قادة ومسؤولي العدو في المستويين السياسي والعسكري، وأهمها أن حزب الله استطاع أن يفرض إرادته وحضوره في صياغة الواقع المستجد في لبنان والمنطقة، خصوصاً أن مجتمع العدو لم يألف أن يقف شخص ويطلق التهديدات والتحذيرات، بعد أن أسقط أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر"، وأذلّ جبروت الاحتلال وأدار رؤوس الإسرائيليين، وجعل عيونهم شاخصة وآذانهم منصتة في كل مرة يلقي خطاباً، وأجبر قادته على الاستقالة أو الإقالة ثمناً غالياً لأي مغامرة عدوانية جديدة على لبنان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
رسالة عميد الأسرى للسيد نصر الله بعد عملية التبادل الكبرى: أعاهدك أن أبقى صامدا مرفوع الرأس أقوم بواجبي

تلقى الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله رسالة من الأسير سمير القنطار بعد إعلان الاتفاق على تبادل الأسرى بين حزب الله و"إسرائيل"، وجاء فيها:
سيدي العزيز القائد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
نبارك للمقاومة ولشعبنا ولأمتنا هذا الإنجاز الوطني الإنساني الكبير، ونبارك لعائلات إخواني الأسرى الذين سيطلق سراحهم خلال الساعات المعدودة، وأحيّي وقفتهم الكبيرة إلى جانب قضيتي خلال الأسابيع التي مضت. كما أحيّي موقفكم الواضح والصادق، وأعبّر عن ثقتي الكبيرة بشخص سماحتكم ومقاومتنا الباسلة. وأنا على ثقة بأنكم ستكونون كما عوّدتمونا أوفياء لعهدكم.
لك كل تقديري واحترامي، وأعاهدك أن أبقى صامدا مرفوع الرأس أقوم بواجبي تجاه شعبي وقضيتي مهما طال الزمن.
أخوكم سمير القنطار
الانتقاد/ العدد1264 ـ 25 نيسان/أبريل 2008

2008-04-25