ارشيف من : 2005-2008

وولش يُحرّض.... وزحلة تنزلق: الأميركي يجمّد الحوار ويسخن مسيحياً

وولش يُحرّض.... وزحلة تنزلق: الأميركي يجمّد الحوار ويسخن مسيحياً

قبل حلول الصيف ارتفعت الحرارة السياسية مسيحياً الى درجة السخونة العالية وتسببت في غليان الشارع الزحلاوي وصولاً الى الاحتكام بالسلاح في الشارع، وهو ما أدى الى سقوط مسيحيين بالبندقية المسيحية.
وإذا كانت زحلة قد تجاوزت القطوع بضحيتين من حزب الكتائب، فإنها سلطت الضوء على الواقع المسيحي الذي يترنح منذ تشرين الثاني الماضي تحت ثقل الفراغ الرئاسي بعدما عجزت الفعاليات المسيحية بالدرجة الأولى في التوافق على تسمية مرشح توافقي يشغل منصب الرئيس ويُعبر عن المسيحيين خصوصاً واللبنايين عامة.
 لم يعد مثل هذا الكلام يقدم أو يؤخر لأن ملف الرئاسة وبظهره ملفات لبنانية عدة وضعت في السلة الأميركية مع ملفات أكثر تعقيداً ليشهد معها مخاض ولادة شرق أوسط جديد، ولم يعد سرّاً أن الإدارة الأميركية باتت تحرك فريق السلطة وفقاً لمصالحها الإقليمية، وفي هذا الإطار جاءت الزيارة الأخيرة لديفيد وولش مساعد وزيرة الخارجية الأميركية الى بيروت ليقطع طريق الحوار الداخلي الذي كان يحاول الرئيس نبيه بري فتحه بين السلطة والمعارضة، ويجمد الحراك اللبناني نحو التسوية الداخلية، ويشدد الضغط على التيار الوطني الحر على وجه التحديد.
 وفي هذا السياق أطلق ديفيد وولش تصريحات عدائية هي الأعنف من نوعها ضد النائب ميشال عون فيما يبدو أن الإدارة الأميركية يئست من زعيم الغالبية المسيحية، وتأكدت من ثبات مواقفه من الانتخابات الرئاسية والنيابية، لذلك رفعت من لهجة خطابها السياسي وحمّلته مسؤولية استمرار الفراغ الرئاسي.
 في المقابل أبدت واشنطن انفصال النائب ميشال المرّ عن الكتلة البرلمانية الإصلاحية التي يترأسها تحرّك شعبي مسيحي يساعد في ايصال قائد الجيش الى قصر بعبدا.
كذلك أعطت واشنطن ثقلاً سياسياً لرئيس القوات اللبنانية سمير جعجع عندما فتحت له أبواب البيت الأبيض وغرف وزارة الخارجية، ووفرت له مساعدات لوجستية لإعادة نبش الذراع الأمنية والعسكرية للقوات وإعادة تدريبها وتسليحها لتبطش في الشارع المسيحي، وقد تنبّأ جعجع بعودة الاغتيالات قبل توقعات وولش بالضيف الساخن، وهي تنبّؤات تستبطن تخويف المعارضة لدفعها نحو تقديم تنازلات، ويكتمل المشهد الأميركي بتمسّك عربي بانتخاب الرئيس التوافقي بلا شروط، توّجته الرياض بتصريح رفيع المستوى حذرت فيه من تعرّض لبنان لهيمنة تناقص هويته القومية، وينسجم هذا التصريح مع دعوة الإدارة الأميركية لفريق السلطة بتجميد البحث بأي ملف لبناني قبل إنجاز ملف الانتخابات الرئاسية في إشارة الى قانون الانتخابات البرلمانية.
يربط التيار الوطني الحر سخونة الحملة عليه بمجموعة من الأهداف يسعى الفريق الآخر  لتحقيقها:
1. كسر التفاهم مع حزب الله، ومن ورائه كسر جبهة المعارضة اللبنانية واضعاف حجة سوريا في عدم قدرتها على ممارسة ضغط سياسي على المعارضة.
2. تقليص النفوذ الشعبي للتيار الوطني من خلال صياغة قانون انتخابي جديد يعيد تقسيم الدوائر الانتخابية المسيحية بما يضمن عدم حصول النائب عون على زعامة الأغلبية المسيحية في البرلمان.
انطلاقاً من هذه الأهداف رفض فريق السلطة طاولة الحوار في مجلس النواب كما رفض مبادرة الوزير السابق سليمان فرنجية لمقايضة الانتخابات الرئاسية بقانون العام 1960 للانتخابات، كذلك رفضوا مبادرة الرئيس نبيه بري التي وضع فيها الانتخابات النيابية قبل الحكومة.
واللافت أن البطريرك مار نصر الله صفير الذي كان الى جانب قانون الستين مع القوات اللبنانية وبقايا قرنة شهوان الى جانب الرئيس رفيق الحريري في ذلك الوقت عاد وتراجع عن تأييده له متماشياً مع السلطة في طرحها لإعادة تشكيل الدوائر من جديد بما يضمن تقليص نفوذ التيار الوطني الحر.
ويؤيد قائد القوات اللبنانية سمير جعجع قانون العام ألفين كما هو دون أي تعديل متفقاً في هذا الشأن مع النائب سعد الحريري، لأن قانون الألفين يحافظ على هيمنة تيار المستقبل على نواب بيروت، فيما يستفيد جعجع من تحالفه مع الحريري في زيادة نوابه بأصوات غير مسيحية.
 أما الرئيس أمين الجميل فقد وجد في انفصال المرّ عن عون فرصة ذهبية لإعادة تموضعه في المتن الشمالي وغالبية المناطق المسيحية عامة، ومن هذه المناطق مدينة زحلة.
 وعلى خلفية ما جرى في زحلة فمن المتوقع أن تشهد الساحة المسيحية تغيرات على مستوى التحالفات السياسية ستزيد من الانقسام الداخلي خصوصاً بعد تصريحات النائب ميشال عون التي أكد فيها انضمام 4 نواب جدد الى تكتله تحفّظ عن ذكر أسمائهم لأسباب أمنية وسياسية، وهو ما يشير الى تبدل في خريطة القوى لمصلحة الجنرال عون سواء ظلّت الأوضاع مجمدة على ما هي عليه بقرار أميركي أو ذهبت نحو قانون الستين الى قانون انتخابي جديد.
وتدرك المعارضة أن التعطيل الأميركي للحوار الداخلي والتمسّك بالانتخاب التوافقي غير المشروط لميشال سليمان يعزز خيار التمديد لسلطة الرئيس فؤاد السنيورة على خلفية التمديد لبرلمان قانون العام ألفين بما يضمن حصول قوى 14 شباط على غالبية المقاعد في مجلس النواب.
قرار التجميد الأميركي لن يمر على المستوى المسيحي وإن كان سيجد ما يساعده محلياً على الحياة، وفي هذا الإطار تعتقد المعارضة أن الوقت يعمل لمصلحتها لأن المشروع الأميركي في المنطقة يتعرض لإخفاقات عدة ولا سيما في العراق، وبما أن واشنطن باتت تربط لبنان بأزمة المنطقة عموماً فإن فريق السلطة وضع نفسه في مكان آخر.
 قاسم متيرك
الانتقاد/ العدد1264 ـ 25 نيسان/أبريل 2008


2008-04-25