ارشيف من :آراء وتحليلات
الخشية الإسرائيلية من الحرب.. انتصار جديد للمقاومة

حسان إبراهيم
أحاديث الحرب المقبلة على لبنان، أحاديث دائمة ولازمة كلامية لدى البعض، الذي لا ينقاد إلا إلى عداوته للمقاومة وما تمثله من قدرة ومنعة لهذا البلد.. منهم من يرى وجوب الحرب لأنها تتقاطع مع مصالحه، الأمر الذي يدعوه إلى الحديث عنها ومناشدتها، بينما يرى بعض آخر أن أصل الحديث عن الحرب مطلب حيوي يستهدف المقاومة وحرف اهتماماتها، أو في أدنى نتيجة ممكنة التشويش عليها داخليا، ما يدفعها إلى الرد والرد المقابل. بحسب اعتقاد هؤلاء، يوجد ذلك سجالا داخليا في لبنان يشكل رسالة واضحة إلى الخارج مع مضمون يجافي الواقع، بأن ليس في لبنان إجماع على المقاومة، وخاصة أن الحرب ومكونات الحرب وأسبابها، لدى هؤلاء ولدى ما يروجونه، تعود إلى وجود ما يدافع عن لبنان من قدرات لدى المقاومة، وليس إلى إرادة الاعتداء الإسرائيلي نفسها.
ينشغل عدد من سياسيي لبنان، وهم معروفو الأهداف والتطلعات، إضافة إلى عدد من الإعلاميين الذين يدورون في فلكهم، بالتشديد على وقوع الحرب في الصيف.. لكن هل لدى هؤلاء أسباب موجبة للقول بأن الحرب واقعة، وهل لديهم أسباب موجبة للقول بأنها ستقع في الصيف، ما زالت هذه المجموعة تسوّق لاعتبارات لم تعد قائمة، ومستندة بمعظمها إلى المصلحة الإسرائيلية "التي لا يمكنها أن تتعايش مع سلاح المقاومة"، وحسب هؤلاء، فعلى حزب الله أن ينزع فتيل الحرب وإمكاناتها من أساساته، أي أن ينزع سلاحه كي يتجنب لبنان حربا لا هوادة فيها.
وأحاديث الحرب في الصيف، هي نفسها من جهة أسبابها ومنطلقاتها ونتائجها، للحرب في الشتاء وفي الخريف وفي الربيع. منذ أربع سنوات، أي منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، تكررت المواعيد وشملت كل فصول السنة، بل لدى بعض الكتّاب الذين يتقاطعون في المصلحة مع "إسرائيل" في التصويب على المقاومة، كانت المواعيد تطلق وتحدد بناءً على الأشهر والأيام، وربطا بأحداث ومواقف وتصريحات إسرائيلية، ومنها بالطبع "ضجة" إسرائيل الإعلامية حول صواريخ السكود الأخيرة، وبطبيعة الحال مناورة " إسرائيل" الكبرى للجبهة الداخلية، نقطة تحول أربعة.
يغفل هؤلاء، ومن يتقاطع معهم في المصلحة، أي إسرائيل، أن حديث الحرب المقبلة، وتحديدا في الصيف، لم يعد في هذا الفصل من السنة، كما كان عليه حديث الحرب في الفصول الأخرى الماضية.. ففي ظل القدرة العسكرية المادية التي باتت لدى المقاومة، للحرب معنى آخر لدى العدو، وبالتالي يصيب مقتلا لدى الجمهور الإسرائيلي، وهو ما يعبر عنه حاليا في "إسرائيل". تمتلئ وسائل الإعلام منذ أن بدأ حديث الحرب الصيفي، على لسان الملك الأردني عبد الله الثاني وتبعته جوقة "الحرب المقبلة" في لبنان وغيره، تمتلئ بكتابات تعبر عن القلق والخشية الإسرائيليين من الحرب، وما يمكن أن تحملها من ويلات على المستوطنين الإسرائيليين، بما لم يسبق أن شهده الكيان الإسرائيلي منذ العام 1948. وهذا ما دفع بمسؤولي تل أبيب إلى إطلاق تصريحات وتعليقات متكررة، بمناسبة أو من دون مناسبة، أن لا أحد معنيا بالحرب، وحسب تعبير نائب وزير الحرب متان فيلنائي: بالتأكيد لن تقوم الحرب إذا كانت المسألة متعلقة بنا، ويمكن أن أقول للجميع ان الصواريخ لن تتساقط على إسرائيل هذا العام، وعلى الجميع أن يكون هادئا ويتعامل مع مسألة الحرب ووقوعها بواقعية بعيدا عن الكلام الذي يطلق هنا وهناك".
يدرك الإسرائيليون أن الحرب إن وقعت ستكون حربا غير مسبوقة، وستطال كل نقطة جغرافية في فلسطين المحتلة، بحيث أن لا مكان آمن أمام المستوطنين، وان عدد الإصابات والأضرار سيكون كبيرا إلى حدوده القصوى.. دقة سلاح المقاومة وقدرته التدميرية، قياسا عما كان لدى المقاومة من قدرات في السابق، تجعل من الصعب على المستوطنين التفكير بأصل الحرب، وتبث في صفوفهم الخشية منها ومن تداعياتها السلبية عليهم.
من ناحية عملية، أدرك المسؤولون الإسرائيليون، كما يبدو من تعاطيهم ما بعد خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، في السادس عشر من شباط الماضي، في ذكرى القادة الشهداء، وفرضه المعادلة الردعية الجديدة، أن تهديد إسرائيل بالحرب أو التلويح بها، مباشرة أو غير مباشرة، هو من ناحية عملية تهديد للإسرائيليين أنفسهم، الأمر الذي يفسر تراجع الخطاب التهديدي وسلوك منحى التهدئة في الخطابات والتصريحات الأخيرة لدى مسؤولي العدو، إلى أن باتت كلمة "إسرائيل غير معنية بالحرب"، لازمة كلامية بامتياز لدى هؤلاء، في أحاديثهم التطمينية للمستوطنين.
يشار في هذا الإطار إلى تصريحين اثنين، من قبل شخصيتين إسرائيليتين معنيتين بالحرب إن وقعت، للإشارة إلى ما بات لدى الإسرائيليين من الخشية والقلق، من مواجهة المقاومة.. يقول وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك في مقابلة أجرتها معه القناة الأولى في سياق مناورة الجبهة الداخلية الأخيرة، انه "قبل كل شيء، الجهد الذي نبذله هنا هو للحيلولة دون حصول الحرب، وبالتالي لا يعني أن الصواريخ ستتساقط هنا"، وذلك ردا على سؤال حول الخشية التي باتت لدى الإسرائيليين وسؤالهم عن إمكان وقوع الحرب في الصيف، أما نائبه متان فيلنائي، فأشار ردا على نفس السؤال أن "إحدى الوظائف الرئيسية لوزير الدفاع وللقادة الآخرين في الوزارة، هي تأخير الحرب قدر الاستطاعة، فالحرب الجيدة هي الحرب التي لا تقع بالأساس".
هذه هي "إسرائيل" ما بعد معادلة الردع الدفاعية التي فرضتها المقاومة، تهرب من الاستحقاقات، وتؤجل الحروب، برغم أن تاريخها يشهد أنها لا تؤخر أي استحقاق عسكري لاجتثاث التهديد الماثل أمامها.. صحيح قول فيلنائي، بأن الحرب التي لا تقع هي الحرب الجيدة، لكن في الحالة الإسرائيلية فان المنتصر في هذه الحرب، "التي لم تقع"، هو المقاومة بالتأكيد.. يكفي أن قدراتها تتراكم لان الحرب لم تقع، ويكفي أن قدرة "إسرائيل" على المواجهة تتقلص، لان "الحرب لم تقع". لقد سبق السيف العذل.
أحاديث الحرب المقبلة على لبنان، أحاديث دائمة ولازمة كلامية لدى البعض، الذي لا ينقاد إلا إلى عداوته للمقاومة وما تمثله من قدرة ومنعة لهذا البلد.. منهم من يرى وجوب الحرب لأنها تتقاطع مع مصالحه، الأمر الذي يدعوه إلى الحديث عنها ومناشدتها، بينما يرى بعض آخر أن أصل الحديث عن الحرب مطلب حيوي يستهدف المقاومة وحرف اهتماماتها، أو في أدنى نتيجة ممكنة التشويش عليها داخليا، ما يدفعها إلى الرد والرد المقابل. بحسب اعتقاد هؤلاء، يوجد ذلك سجالا داخليا في لبنان يشكل رسالة واضحة إلى الخارج مع مضمون يجافي الواقع، بأن ليس في لبنان إجماع على المقاومة، وخاصة أن الحرب ومكونات الحرب وأسبابها، لدى هؤلاء ولدى ما يروجونه، تعود إلى وجود ما يدافع عن لبنان من قدرات لدى المقاومة، وليس إلى إرادة الاعتداء الإسرائيلي نفسها.
ينشغل عدد من سياسيي لبنان، وهم معروفو الأهداف والتطلعات، إضافة إلى عدد من الإعلاميين الذين يدورون في فلكهم، بالتشديد على وقوع الحرب في الصيف.. لكن هل لدى هؤلاء أسباب موجبة للقول بأن الحرب واقعة، وهل لديهم أسباب موجبة للقول بأنها ستقع في الصيف، ما زالت هذه المجموعة تسوّق لاعتبارات لم تعد قائمة، ومستندة بمعظمها إلى المصلحة الإسرائيلية "التي لا يمكنها أن تتعايش مع سلاح المقاومة"، وحسب هؤلاء، فعلى حزب الله أن ينزع فتيل الحرب وإمكاناتها من أساساته، أي أن ينزع سلاحه كي يتجنب لبنان حربا لا هوادة فيها.
وأحاديث الحرب في الصيف، هي نفسها من جهة أسبابها ومنطلقاتها ونتائجها، للحرب في الشتاء وفي الخريف وفي الربيع. منذ أربع سنوات، أي منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، تكررت المواعيد وشملت كل فصول السنة، بل لدى بعض الكتّاب الذين يتقاطعون في المصلحة مع "إسرائيل" في التصويب على المقاومة، كانت المواعيد تطلق وتحدد بناءً على الأشهر والأيام، وربطا بأحداث ومواقف وتصريحات إسرائيلية، ومنها بالطبع "ضجة" إسرائيل الإعلامية حول صواريخ السكود الأخيرة، وبطبيعة الحال مناورة " إسرائيل" الكبرى للجبهة الداخلية، نقطة تحول أربعة.
يغفل هؤلاء، ومن يتقاطع معهم في المصلحة، أي إسرائيل، أن حديث الحرب المقبلة، وتحديدا في الصيف، لم يعد في هذا الفصل من السنة، كما كان عليه حديث الحرب في الفصول الأخرى الماضية.. ففي ظل القدرة العسكرية المادية التي باتت لدى المقاومة، للحرب معنى آخر لدى العدو، وبالتالي يصيب مقتلا لدى الجمهور الإسرائيلي، وهو ما يعبر عنه حاليا في "إسرائيل". تمتلئ وسائل الإعلام منذ أن بدأ حديث الحرب الصيفي، على لسان الملك الأردني عبد الله الثاني وتبعته جوقة "الحرب المقبلة" في لبنان وغيره، تمتلئ بكتابات تعبر عن القلق والخشية الإسرائيليين من الحرب، وما يمكن أن تحملها من ويلات على المستوطنين الإسرائيليين، بما لم يسبق أن شهده الكيان الإسرائيلي منذ العام 1948. وهذا ما دفع بمسؤولي تل أبيب إلى إطلاق تصريحات وتعليقات متكررة، بمناسبة أو من دون مناسبة، أن لا أحد معنيا بالحرب، وحسب تعبير نائب وزير الحرب متان فيلنائي: بالتأكيد لن تقوم الحرب إذا كانت المسألة متعلقة بنا، ويمكن أن أقول للجميع ان الصواريخ لن تتساقط على إسرائيل هذا العام، وعلى الجميع أن يكون هادئا ويتعامل مع مسألة الحرب ووقوعها بواقعية بعيدا عن الكلام الذي يطلق هنا وهناك".
يدرك الإسرائيليون أن الحرب إن وقعت ستكون حربا غير مسبوقة، وستطال كل نقطة جغرافية في فلسطين المحتلة، بحيث أن لا مكان آمن أمام المستوطنين، وان عدد الإصابات والأضرار سيكون كبيرا إلى حدوده القصوى.. دقة سلاح المقاومة وقدرته التدميرية، قياسا عما كان لدى المقاومة من قدرات في السابق، تجعل من الصعب على المستوطنين التفكير بأصل الحرب، وتبث في صفوفهم الخشية منها ومن تداعياتها السلبية عليهم.
من ناحية عملية، أدرك المسؤولون الإسرائيليون، كما يبدو من تعاطيهم ما بعد خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، في السادس عشر من شباط الماضي، في ذكرى القادة الشهداء، وفرضه المعادلة الردعية الجديدة، أن تهديد إسرائيل بالحرب أو التلويح بها، مباشرة أو غير مباشرة، هو من ناحية عملية تهديد للإسرائيليين أنفسهم، الأمر الذي يفسر تراجع الخطاب التهديدي وسلوك منحى التهدئة في الخطابات والتصريحات الأخيرة لدى مسؤولي العدو، إلى أن باتت كلمة "إسرائيل غير معنية بالحرب"، لازمة كلامية بامتياز لدى هؤلاء، في أحاديثهم التطمينية للمستوطنين.
يشار في هذا الإطار إلى تصريحين اثنين، من قبل شخصيتين إسرائيليتين معنيتين بالحرب إن وقعت، للإشارة إلى ما بات لدى الإسرائيليين من الخشية والقلق، من مواجهة المقاومة.. يقول وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك في مقابلة أجرتها معه القناة الأولى في سياق مناورة الجبهة الداخلية الأخيرة، انه "قبل كل شيء، الجهد الذي نبذله هنا هو للحيلولة دون حصول الحرب، وبالتالي لا يعني أن الصواريخ ستتساقط هنا"، وذلك ردا على سؤال حول الخشية التي باتت لدى الإسرائيليين وسؤالهم عن إمكان وقوع الحرب في الصيف، أما نائبه متان فيلنائي، فأشار ردا على نفس السؤال أن "إحدى الوظائف الرئيسية لوزير الدفاع وللقادة الآخرين في الوزارة، هي تأخير الحرب قدر الاستطاعة، فالحرب الجيدة هي الحرب التي لا تقع بالأساس".
هذه هي "إسرائيل" ما بعد معادلة الردع الدفاعية التي فرضتها المقاومة، تهرب من الاستحقاقات، وتؤجل الحروب، برغم أن تاريخها يشهد أنها لا تؤخر أي استحقاق عسكري لاجتثاث التهديد الماثل أمامها.. صحيح قول فيلنائي، بأن الحرب التي لا تقع هي الحرب الجيدة، لكن في الحالة الإسرائيلية فان المنتصر في هذه الحرب، "التي لم تقع"، هو المقاومة بالتأكيد.. يكفي أن قدراتها تتراكم لان الحرب لم تقع، ويكفي أن قدرة "إسرائيل" على المواجهة تتقلص، لان "الحرب لم تقع". لقد سبق السيف العذل.