ارشيف من :من الصحافة اللبنانية

اعلام شمولي في مواجهة المقاومة

اعلام شمولي في مواجهة المقاومة

بثينة عليق 

ان الحرب الاعلامية الفكرية ضد المقاومة او ما يسميه الكاتب المصري فهمي هويدي "فيلم الفتنة " ليست جديدة، لقد مرت هذه الحرب بمراحل مختلفة وتبدلت اساليبها وتكتيكاتها بحسب خصوصية كل مرحلة.

ففي زمن المد القومي العربي اي في ستينات القرن الماضي صوب الاعلام المعادي لفكر وممارسة المقاومة على اثار هذا المد وكرست الاقلام للقضاء على  عنوان "فلسطين القضية".

في زمن كامب دافيد رفع شعار:السلام هو الخيار الاستراتيجي وما اخذ بالقوة يسترد بالمفاوضات... وترافقت الشعارات مع حملات تسويق منظمة  لما سمي بعملية السلام  وبذلت جهود مضنية لتجميل وتزيين التسوية بين مصر و"اسرائيل" بداية ثم  لاتفاقية اوسلو وما تبعها من مسار. بالمقابل كانت تشن حملات التشويه والتسخيف لكل عمل مقاوم او حتى ممانع.

مع تجربة المقاومة الاسلامية في لبنان لم يقبض الاعلام العربي حركة المقاومة بجدية، وكال لها اتهامات الارتهان للخارج وتحديدا للجمهورية الاسلامية الايرانية كما سعى لتكريسها كنقيض لثقافة الحياة  والفرح.

لم يغير هذا الاعلام من اساليبه حتى بعد  انتصار الالفين، لا بل  تبنى هذا  الاعلام سياسة التنكر لانجازات المقاومة وتم الترويج لرواية  الانسحاب الاسرائيلي بقرار سياسي اسرائيلي اقليمي دولي وليس تحت ضغط ضربات المقاومة!

بعد حرب تموز  بدأت مرحلة جديدة من الهجوم على المقاومة. عربيا ركز "الفرع الاعلامي" في  محور الاعتدال العربي على نقطتين:
الاولى، صبغ المقاومة بطابع مذهبي  معين بهدف استنفار الغرائز المذهبية ضدها. والثاني تغيير هوية العدو من "اسرائيل" باتجاه ايران، وذلك ضمن عملية تضليل مدروسة ومخططة لسنا في وارد تفصيلها في هذه المقالة .
اما لبنانيا فقد انخرطت وسائل اعلام  14 اذار  في فيلم الفتنة المذهبية الذي لحسن الحظ لم يلق الرواج المطلوب او بالاحرى نفذ جمهوره في ايام العرض الاولى، فكانت العودة لروايات اخرى عسى وعل يتحقق المبتغى .

الاسلوب المعتمد  شمولي تحديدا لناحية سيطرة جهة معينة على الاعلام وتكرار وسائل الاعلام والاعلاميين للروايات ذاتها وللافكار ذاتها، والروايات تركز على مقولة "الدولة داخل الدولة" مرفقة بعنوان ثانوي حول  تهديد سلاح المقاومة للسلم والاستقرار في لبنان.

ويلاحظ ان هذه الروايات تتكثف وتتكرر مباشرة عند  كل مرة يعلن فيها الامين العام لحزب الله عن معادلات عسكرية تساهم في ردع "اسرائيل" .
اخر الحملات نشطت بعد الخطاب الأخير للسيد حسن نصر الله  واطلاقه لمعادلة البحر. ما ان انتهى الامين العام لحزب الله من القاء خطابه حتى انبرت الاقلام لتكتب وتكرر وباسلوب شمولي (تعريف الشمولية يتضمن معيار السيطرة الاعلامية من قبل الجهة الشمولية ما يؤدي الى تكرار وسائل الاعلام والاعلاميين للروايات ذاتها وللافكار ذاتها) نفس العبارات في عدد من المقالات التي توزعت على صفحات جرائد ومجلات مختلفة.  واليكم  بعض الامثلة :

اعتبر وليد شقير في مقالاته في الحياة في عدد 28 ايار/مايو ان ما يهدد لبنان ليس الحرب الاسرائيلية فقط انما "حرب داخلية نتيجة الخلاف القائم بين قواه السياسة على سلاح المقاومة وقرار السلم والحرب وما يسمى ببسط الدولة على كامل الاراضي" ويتابع شقير جازماً بان "هناك من يتولى بذور تهديد الداخل كل يوم " في اشارة الى الطرف الذي يملك السلاح.
في مقالة اخرى وفي صحيفة الحياة، ايضا ولكن في عدد29 ايار/مايو كتب الياس حرفوش, الذي تحدث عن عقلانية الحزب في اثارته للمسائل المتعلقة بالمواجهة مع "اسرائيل" فقال ان خطاب الأمين العام لحزب الله في الذكرى العاشرة لتحرير الجنوب  القى "بثقله على الداخل اللبناني اكثر مما يهدد بقلب الاوراق الاقليمية" ويضيف وهنا التطابق مع ما قاله زميله شقير ان "القدرات الدفاعية لحزب الله في مواجهة الكيان المغتصب ترافقها في المقابل قدرات واستعدادات هجومية في مواجهة خصوم الداخل "

اما صحيفة النهار فقد تكررت الفكرة نفسها مع ربطها بالمهمة المطلوب من الرئيس الحريري القيام بها في زيارته لواشنطن وهي "منع حرب اسرائيلية وتجنب حروب داخلية "والمقصود بالحرب الداخلية هي تلك التي ستقع على خلفية سلاح المقاومة.

اما مجلة المسيرة القواتية  فقد ذهبت أبعد من ذلك وكل ما قالته عن معادلة الردع البحري انها تشكل ردعا للحوار  اللبناني وخرقا للدستور.


2010-06-01