ارشيف من :أخبار لبنانية
اليوم الثاني لزيارة العماد عون الى سوريا محاضرة استثنائية لرجل استثنائي امام طلاب جامعة دمشق
المحرر المحلي
تابع رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون اليوم برنامج زيارته الحافل الى دمشق ، وابرز نشاطاته في اليوم الثاني للزيارة كان محاضرة سياسية عرض فيها للاوضاع على صعيد المحلي والاقليمي والدولي ، القاها امام طلاب جامعة دمشق .
المحاضرة الاستثنائية ، واستثنائية المحاضر استلزمت اجراءات غير اعتيادية من منظمي هذه المحاضرة عبر وضع شاشات أمام الطلاب لمشاهدة العماد ميشال عون من خارج القاعة والاستماع اليه بعدما لم يتسن لهم الدخول بسبب امتلاء القاعة باكراً.
رئيس التيار الوطني الحر في لبنان العماد ميشال عون اكد في محاضرته أن المعجزة تمت على أيدي المقاومين في مواجهة العدو الاسرائيلي. وفي محاضرة له في جامعة دمشق في اليوم الثاني من زيارته الى سوريا أكد عون أن تجربة التفاهم مع المقاومة حافظت على الوحدة الوطنية في لبنان وساعدت المقاومة على تحقيق الانتصار في أشرس حرب خاضتها إسرائيل ضد لبنان..مشيرا أن تحقيق السلام مرهون بعودة الحقوق العربية.
وأشار عون في محاضرة ألقاها على مدرج الباسل في كلية الهندسة المدنية بجامعة دمشق اليوم إلى أن المعجزة التي تمت على أيدي المقاومين في تموز 2006 فرضت معادلة عسكرية جديدة ستبقى قائمة طالما بقي مجتمعنا يواصل دعمه للمقاومة ..لافتاً إلى أن التدخلات الخارجية حاولت استقطاب الداخل اللبناني لمناهضة المقاومة وإثارة مخاوف أمنية من سلاحها ومخاوف سياسية في غاياتها.
ورأى رئيس التيار الوطني الحر أنه يمكن فصل الماضي عن الحاضر والمستقبل من خلال مواجهته وإعادة النظر فيه بذهنية الناقد الذاتي المصمم على التغيير.. مشيراً إلى أن القدرة على القيام بذلك هي مقياس لإرادتنا وتصميمنا على التطور ومواكبة التغييرات والمساهمة في صنعها..ومن هذا المنطلق يصبح التفاهم سهلاً والتقارب طبيعياً فلا يعود الماضي مرهقاً ولا الحاضر مربكاً ولا المستقبل مقلقاً.
وتابع رئيس التيار الوطني الحر.. لقد قمنا في لبنان نحن والمقاومة بهذه التجربة القيمة منذ العام 2006 ونجحنا معاً بعد أن وضعنا كل الأمورعلى الطاولة وناقشناها بعمق وصراحة أوصلنا إلى تفاهم انعكس على مجتمعنا طمأنينة مكنتنا من المحافظة على وحدتنا الوطنية وساعدت المقاومة على تحقيق الانتصار في تموز2006 وفق موازين قوى غير متكافئة بفوارق كبيرة.
وأوضح العماد عون..اذا كانت الطمانينة ساعدت المقاومة فالغطاء الذي أمنه خيار المقاومة الوطني بدعمها في مواجهة إسرائيل حصنها ضد الخارج الذي حاول استقطاب الداخل اللبناني لمناهضة المقاومة بإثارة مخاوف أمنية من سلاحها ومخاوف سياسية من غاياتها كاتهامها بالسعي إلى إقامة نظام ديني يتناقض مع عاداتنا وتقاليدنا والتزامنا بالحرية والمعتقد.
وأشار عون إلى أنه بالرغم من كل العراقيل حققنا تناغماً وطنياً حول المقاومة ومفاهيمها وأهدافها ووحدنا النظرة إلى وطن سيد حر مستقل يبني علاقاته مع الدول الأخرى على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة كما النظرة إلى مجتمع مستقبلي نسعى إلى قيامه في ظل دولة قوية وعادلة.. و بدأنا انطلاقة جديدة على طريق المواطنة آملين استكمالها بتحولات بنيوية.
وقال عون..خلافاً لكل التوقعات التي أكدت يوم ذاك انتصار إسرائيل على المقاومة أتت النتائج لتعكس هزيمة لم تشف إسرائيل من تداعياتها بعد كما لم تستطع تهديدات المسؤولين الإسرائيليين المستمرة بضرب لبنان ومقاومته وبنيته التحتية أن ترفع من معنويات جيشها أو أن ترهبنا.. فهم لم يتعلموا شيئاً من تجاربهم السابقة..ومازالوا يقومون خطأ أسباب هزائمهم المتكررة ..فبيننا وبينهم فوارق كبيرة في تقدير موازين القوى..قيمتهم الآلة العسكرية..وقيمتنا الإنسان.. وإذا كانوا قد حولوا الآلة أداة لاغتصاب الحقوق..فأن الإنسان المؤمن بحقه استطاع تدمير تلك الآلة.. لافتاً إلى أن المعجزة التي تمت على أيدي المقاومين فرضت معادلة عسكرية جديدة ستبقى قائمة طالما بقي مجتمعنا يواصل دعمه للمقاومة.
وتابع رئيس تكتل التغيير والإصلاح ... في نهاية العام 2004 نشرت رسالة أرسلها عالم النفس سيغمن فرويد إلى الدكتور حاييم كوفلار في العام 1930 أي بعد 75 عاماً من كتابتها وهي تناهض الفكر الصهيوني الذي يدعو إلى إقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين.. وقد رفض فرويد طلب كوفلار المساهمة في الدعاية لهذه الدولة لعدة أسباب وجيهة فندها في رسالته وهذه الأسباب هي نفسها المشاكل التي تعاني منها إسرائيل اليوم... ويأتي أيضاً كتاب المؤرخ اليهودي ايلان بابه التطهير الاثني لفلسطين في العام 2006 ليشكل إقراراً موثقاً بالمجازر التي ارتكبتها الصهيونية بحق الفلسطينيين منذ العام 1948 وبالتهجير الذي طال مدنهم وقراهم.
ولفت عون إلى أنه كان من المفترض أن تبقى رسالة فرويد سرية ولكن نشرها ونشر كتاب التطهير الاثني لفلسطين في وقت متزامن تقريباً وحيث لا يزال هذا التطهير متواصلاً وكذلك المجازر الإسرائيلية خصوصاً في غزة يشكلان بالحد الأدنى دعوة من عقلاء اليهود إلى إعادة النظر في السلوك والتفكير الإسرائيليين اللذين لا يتآلفان مع مسيرة السلام التي انخرطت فيها إسرائيل مع الدول العربية.
وأضاف العماد عون.. أنا متيقن أن إعادة النظر هذه إذا حصلت ستجعل "إسرائيل" تغير من مقاربتها في معالجة القضية الفلسطينية وتفهم بصورة أكيدة ونهائية أنها إذا ارادت السلام فأنه يبدأ بحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الذي طردوا من أرضهم وإعادة الحقوق إلى أصحابها.. فلا سلام بدون عدالة.. ولاعدالة بدون احترام الحقوق.. وخلاف ذلك فالحلول سراب.
ورأى رئيس تكتل التغيير والإصلاح..أنه لا يمكن لإسرائيل اليوم أن تتصرف عكس مسار التاريخ وتتحدى التطور الإنساني بعصبية لم تعد مقبول.. فمع سقوط الفكر الأحادي في اشكاله كافة السياسية والعرقية والدينية وسير المجتمعات باتجاه التعددية التي بدأت تعم العالم تعلن إسرائيل نفسها دولة يهودية وتؤكد على ذلك برفض حق العودة للفلسطينيين إلى أرضهم.
وتابع العماد عون أن عوامل الخيبة والإحباط واليأس التي أصابت الصهاينة بعد حرب تموز تفرض على "إسرائيل" الإسراع في تغيير مقاربتها للحلول والا وجدت نفسها على مسار الانحدار لافتاً إلى أن الذاكرة تبقى دائماً مشدودة إلى آخر الأحداث.. وذاكرتنا اليوم مشدودة إلى حرب تموز وحصار غزة.. وكأننا نسينا جذور المشكلة ونسينا مسببيها ما يتيح لهم الهروب من مسؤولية أعمالهم.. فقلما نشير إلى أن مأساة فلسطين وما جرته من ويلات على الشعوب بتقسيمها بقرار من الأمم المتحدة متجاهلاً ما تذخر به من مقدسات تتقاسمها الديانات السماوية الثلاث ما يجعل السيطرة عليها من قبل فريق ما إعلاناً لحرب الآلهة على الأرض تشتعل نارها تارة وتخبو طوراً وفقاً للظروف ولكنها لاتنطفئ أبداً.
وحمل عون الأمم المتحدة التي قسمت فلسطين مسؤولية ما نتج عن هذا التقسيم من مساس مادي ومعنوي لحقوق الشعب الفلسطيني وعن تغطية جميع أعمال الأذى التي قامت بها إسرائيل فيما بعد ضد الشعب الفلسطيني..مشيراً إلى أن معالجة هذه المشاكل وفق إرادة الدول الكبرى بصرف النظر عن توافق هذه الإرادة مع القوانين الدولية أو عدمه لن يؤدي إلى النجاح يوماً في إدانة إسرائيل بسبب حق الفيتو..كما أن هذه المنظمة لم تحاول إرسال قوى لتنفيذ قرارات دولية في فلسطين لتساعد على حماية شعب بأكمله بينما نراها في حقول النفط بقرار دولي أو بدون قرار.. ونجد أهم أعضائها اليوم يعملون على إلغاء مفاعيل القرار 194الذي ينص على حق العودة للاجئين الفلسطينيين من خلال الضغط لقبول تسوية تلغي واقعياً هذا الحق.
وأوضح عون أن هذه المشكلة التي بدأت في العام 1917 مع وعد بلفور وشغلت القرن العشرين ستبلغ بعد تسع سنوات عامها المئة.. واكبر ضحاياها الشعب الفلسطيني ثم الشعب اللبناني.. وباعتقادي إذا لم تصل هذه القضية إلى حل عادل تتحمل فيه الأمم المتحدة مسؤوليتها فأن النهاية ستكون أقرب مما نتصور وأكثر مأساوية من البداية تنعكس فيها الأدوار.. فتلك هي حتمية التاريخ.
وأكد العماد عون أنه طالما بقي مجتمعنا يواصل دعمه للمقاومة فأن "إسرائيل" لن تستطع إسقاط إرادة النواة الصلبة للمقاومة التي كانت تتزايد مع تصاعد العدوان الإسرائيلي ..وهكذا تمكن شعبنا أن يحرر نفسه من التعثر والارتباك..وبالرغم من تخاذل بعضنا أحياناً حققت المقاومة الانتصار وفقد الإسرائيليون وجيشهم المعنويات وخسروا إرادة القتال.
وخلص رئيس تكتل التغيير والإصلاح بالقول إن هذه المقاربة التي حققناها في لبنان والتي أكدت نجاحها نتوجه بها إلى مختلف المجتمعات العربية عاقدين العزم على الوصول معاً إلى مجتمع عربي حضاري وحديث أكثر فعالية وتضامناً وأكثر استعداداً لمواجهة تحديات العصر لنصل عندئذ إلى مجتمع طليعي قائد.
وفي نهاية المحاضرة فتح الباب للحوار والأسئلة التي تركزت حول الزيارة والأوضاع اللبنانية والإقليمية في المنطقة.
ورداً على سؤال حول إثارة موضوع مزارع شبعا من قبل البعض في لبنان أوضح عون أن إثارة هذا الموضوع هو عملية تشويش لا أكثر ولا أقل ومحاولة لخلق جو من القلق ..لا يجب أن يؤثر بنا.. فالمسار الصحيح للعلاقات بين سورية ولبنان لم يتوقف.. وكلما ازداد الآخر عجزاً زاد تضليله الإعلامي والتشويش.
واعتبر رئيس تكتل التغيير والإصلاح جواباً على سؤال حول انتقاد البعض لزيارته إلى سورية أن ذلك دليل على ضياع خيارات المنتقدين التي انتهجوها..فعليهم أن يتحملوا مسؤولية خياراتهم..وشبه هذه الخيارات بمثل مقامرة لاعب الميسر الذي يسير وراء خسارته أملاً في الربح 00مشيراً إلى أن العالم كله تحول حالياً لكنهم لم يفهموا ويجب عليهم ان يعدلوا سياستهم ورهانهم. وقال عون "بعد التغييرات التي حصلت وانسحاب سوريا من لبنان تحولت المصلحة باتجاهات اخرى. انتقلوا للجهات الثانية لأن اصحاب المصلحة هويتهم دفتر الشيكات ووطنهم البنك . وكلما زاد فشلهم زاد تضليلهم الاعلامي وزاد التشويش. بالامس سألوني اذا كان هناك اعتذار سوري عن احداث لبنان قلت اذا كانت الاحداث تتطلب اعتذارا فليبدأ اللبنانيون الذي هم قاموا بأفعال بالاعتذار منها يكون اعترافا صريحا منهم انهم هم من قام بالاذى وقتئذ نطلب من سوريا اعتذارا اخر".
وحول وجود مجموعات إرهابية في شمال لبنان أوضح عون أن هذه المجموعات الإرهابية لها ايديولوجية معينة ومصادر تمويل لا أحد يجهلها.
وبشأن تأثير الانتخابات النيابية المقبلة في المحافظة على دور لبنان قال عون .. أن الدور الذي نقوم به ليس دوراً ضيقاً ولا مرتبطاً فقط بلبنان وأنما هو انطلاقة لفكر جديد يجب ان يعم كل المسيحيين في الشرق وأن يؤدي بالمجتمع اللبناني إلى مجتمع المواطنة..لافتاً إلى أن خياراته هي مواجهة الماضي والخروج منه والتحضير للمستقبل.
وجواباً على سؤال حول الرهان على الموقف الدولي بحل مشكلات المنطقة أكد عون ضرورة إثبات وجودنا أولاً ..ومن ثم مطالبة الأمم المتحدة بحل مشاكل المنطقة.. فالأرض الفارغة من السكان يسكنها أي شخص..والأرض المهملة يتم التطاول عليها أكثر وأكثر.. واليوم الحالة العربية غير مرضية..فهناك حصار لبنان..حصار غزة.. وكل شخص يرفع راسه يتم تأديبه بالجوع والحصار.
وفي نهاية اللقاء قدم المهندس عمار ساعاتي رئيس الاتحاد الوطني لطلبة سوريا باسم الطلبة درع الاتحاد كتذكار يحمل كل معاني التقدير والاحترام للعماد عون.
وثمن اتحاد طلبة سوريا مواقف عون المبدئية التي لم تقبل إخضاع حقوق المواطنين اللبنانيين لفئوية أو حزبية أو مذهبية لأن لبنان بنظره لا يكون دون مقاومته وصموده وبطولات أبنائه الشرفاء ودماء شهدائه الأبرار.