ارشيف من :آراء وتحليلات
نقطة حبر: الحداثة كرد فعل حضاري

كتب حسن نعيم
شكلت علاقتنا بالغرب إحدى أهم الإشكاليات الثقافية الحضارية التي واجهت مجتمعاتنا الاسلامية والعربية, فمنها انبثقت واليها تعود مجموعة من القضايا والاشكاليات التي شغلت الفكر العربي والاسلامي المعاصر زهاء قرن من الزمن.
فمنذ بدايات القرن شهدت الساحة الثقافية العربية مشاريع ورؤى حضارية توقفت ملياً عند سؤال الأنا والآخر (الطهطاوي, محمد عبده, طه حسين).
وكان من أبرز هذه الإشكاليات تلك التي تعلقت بوعينا للخصوصية الثقافية التي تميزنا كما تميز أي أمة في مرحلة من مراحل تطورها الانساني, ولعل هذه المسألة شكلت مقتل الحداثة التي أخذ عليها نقادها انها جاءت كرد فعل فكري من قبل النخبة العربية, بعد أن أسكرتهم انجازات الغرب في حقول التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبحث العلمي والتطور التكنولوجي وتوظيفه في خدمة الانسان ورفاهيته. ولا ننسى بالطبع ما ترافق مع تلك الثورة العلمية من منجزات سياسية على مستوى التعددية والمشاركة والسياسية والديموقراطية..
على أعتاب تلك الفتوحات وقف المثقف العربي ينظر الى تجربة الغربي المدجج بانتصاراته بانفعال وانبهار يقترب من الاستلاب ونسيان الذات, فراح يستعير دلالات تجربة الآخر ويسعى الى تطبيقها في مجتمعه من دون أن يكلف نفسه عناء قراءة سياقها الحضاري وتراثها وتراكماتها التاريخية, ومن دون أن يدرك خصوصية بيئته الحضارية كما فعل اليابانيون الذين أخذوا عن الغرب الأوجه العصرية للحضارة الغربية مثل خطوط السكك الحديدية والمصانع والتعليم العام والصحف الكبرى، وبهذا المفهوم أصبحت اليابان أكثر تحديثاً وليس أكثر تغريباً كما يقول "أدوين رايشاور" في كتابه "اليابانيون" الذي يشير فيه الى أثر العلاقة الدافئة بين المديرين والمرؤوسين على عملية التنمية اليابانية, والذي يعتقد فيه أن عملية التحديث في اليابان لم تأت إلا على أساس الحضارة اليابانية التقليدية.
انها رسالة قادمة إلينا من اليابان فلنقرأها جيداً، ولنتمعّن في سطورها.
الانتقاد/ العدد 1321 ـ 5 كانون الاول/ ديسمبر 2008
شكلت علاقتنا بالغرب إحدى أهم الإشكاليات الثقافية الحضارية التي واجهت مجتمعاتنا الاسلامية والعربية, فمنها انبثقت واليها تعود مجموعة من القضايا والاشكاليات التي شغلت الفكر العربي والاسلامي المعاصر زهاء قرن من الزمن.
فمنذ بدايات القرن شهدت الساحة الثقافية العربية مشاريع ورؤى حضارية توقفت ملياً عند سؤال الأنا والآخر (الطهطاوي, محمد عبده, طه حسين).
وكان من أبرز هذه الإشكاليات تلك التي تعلقت بوعينا للخصوصية الثقافية التي تميزنا كما تميز أي أمة في مرحلة من مراحل تطورها الانساني, ولعل هذه المسألة شكلت مقتل الحداثة التي أخذ عليها نقادها انها جاءت كرد فعل فكري من قبل النخبة العربية, بعد أن أسكرتهم انجازات الغرب في حقول التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبحث العلمي والتطور التكنولوجي وتوظيفه في خدمة الانسان ورفاهيته. ولا ننسى بالطبع ما ترافق مع تلك الثورة العلمية من منجزات سياسية على مستوى التعددية والمشاركة والسياسية والديموقراطية..
على أعتاب تلك الفتوحات وقف المثقف العربي ينظر الى تجربة الغربي المدجج بانتصاراته بانفعال وانبهار يقترب من الاستلاب ونسيان الذات, فراح يستعير دلالات تجربة الآخر ويسعى الى تطبيقها في مجتمعه من دون أن يكلف نفسه عناء قراءة سياقها الحضاري وتراثها وتراكماتها التاريخية, ومن دون أن يدرك خصوصية بيئته الحضارية كما فعل اليابانيون الذين أخذوا عن الغرب الأوجه العصرية للحضارة الغربية مثل خطوط السكك الحديدية والمصانع والتعليم العام والصحف الكبرى، وبهذا المفهوم أصبحت اليابان أكثر تحديثاً وليس أكثر تغريباً كما يقول "أدوين رايشاور" في كتابه "اليابانيون" الذي يشير فيه الى أثر العلاقة الدافئة بين المديرين والمرؤوسين على عملية التنمية اليابانية, والذي يعتقد فيه أن عملية التحديث في اليابان لم تأت إلا على أساس الحضارة اليابانية التقليدية.
انها رسالة قادمة إلينا من اليابان فلنقرأها جيداً، ولنتمعّن في سطورها.
الانتقاد/ العدد 1321 ـ 5 كانون الاول/ ديسمبر 2008