ارشيف من :آراء وتحليلات
مجرد كلمة: عماد مسيحيي الشرق

كتب أمير قانصوه
تفتح الزيارة التاريخية للجنرال ميشال عون الى دمشق باباً واسعاً لنقاش أوسع في لبنان قد يطال هذه المرة علاقة المسيحيين بأوطانهم في الشرق، كما بالوطن العربي عموماً، وقد أعاد العماد عون الروح الى تسمية المسيحيين المشرقيين قبل فترة للتأكيد على عمق الارتباط بينهم وبين المنطقة التي ينتمون اليها، وربما لتمييزهم عن مسيحيي الغرب، لا رفضاً للغرب بل لتثبيت الانتماء الحضاري الذي حاول الكثيرون انكاره في السابق واستبدال الهوية الأصلية، بأصول أخرى.
لقد قدمت فرنسا نفسها للمسيحيين في لبنان طوال عقود من الزمن كأم حنون وحاضنة سياسية لتياراتهم المختلفة، وعندما كان الدور الفرنسي يتراجع كانت الولايات المتحدة تتقدم لتحل مكان الأم الحنون، لكن الكل يعلم أن الفرنسيين كما الاميركيين وكل الغرب لم يستطيعوا أن يقدموا للمسيحيين ما ينهض ويقوي دعائم وجودهم في أوطانهم، لا بل جل ما كان يحصل عليه المسيحيون هو تأشيرات دخول الى الغرب واقامات دائمة، ولم يكن هؤلاء في وارد تقديم مصلحة المسيحيين المشرقيين على مصالح دولهم وسياستهم في الشرق الأوسط، والتجارب تؤكد ذلك من فلسطين التي يتقاسم المسيحيون كما المسلمين فيها القتل والتهجير، الى العراق الذي لم يستطع كل الغرب حماية مسيحييه من التهجير، حتى لبنان وأولى المشكلات التي كانت تؤرق المسيحيين فيه هي تزايد أعداد المهاجرين منهم الى الغرب واستيطانهم في تلك الدول بعيداً عن الوطن وحقه في أن يكونوا من بُناته وصانعي حاضره ومستقبله كما كانوا طوال التاريخ.
ما يفعله الجنرال عون منذ عودته الى لبنان منتصف العام 2005 في حركته الداخلية والخارجية هو تغيير هذه الصورة من خلال مدّ جسور التفاهم على امتداد الداخل لبناء اسس الثقة بين المسيحيين وشركائهم في الوطن، وقد استطاع من خلال وثيقة التفاهم مع حزب الله وكل ممارساته السياسية التي تبعتها حتى ورقة الاستراتيجية الدفاعية أن يعطي للمقاومة بعداً وطنياً واسعاً يقوم على رصّ الساحة الوطنية في مواجهة العدو، بما يكفل حماية الوطن من أعدائه، ويطمئن الشركاء في الوطن الى أن اللبنانيين كلهم شركاء في حماية بلدهم.
وعندما ذهب العماد عون بالأمس الى سوريا، فهو يكمل الطريق نفسه لتحصين الساحة المسيحية، وتأكيد عمقها التاريخي وخياراتها المرتبطة بمصالح المنطقة وأوطانها وشعوبها.
الجنرال يدرك أن كثيرين ممن لا يرون غير مصالحهم الذاتية ومصالح الدول التي يحملون جوازاتها لا يستسيغون خياراته الوطنية البعيدة عن السياق الانتخابي، ربما لأن ما يتطلع اليه جنرال السيادة هو ما قرأه في صفحات التاريخ، وما مشى عليه رسل المسيح في أسفارهم.
الانتقاد/ العدد 1321 ـ 5 كانون الاول/ ديسمبر2008
تفتح الزيارة التاريخية للجنرال ميشال عون الى دمشق باباً واسعاً لنقاش أوسع في لبنان قد يطال هذه المرة علاقة المسيحيين بأوطانهم في الشرق، كما بالوطن العربي عموماً، وقد أعاد العماد عون الروح الى تسمية المسيحيين المشرقيين قبل فترة للتأكيد على عمق الارتباط بينهم وبين المنطقة التي ينتمون اليها، وربما لتمييزهم عن مسيحيي الغرب، لا رفضاً للغرب بل لتثبيت الانتماء الحضاري الذي حاول الكثيرون انكاره في السابق واستبدال الهوية الأصلية، بأصول أخرى.
لقد قدمت فرنسا نفسها للمسيحيين في لبنان طوال عقود من الزمن كأم حنون وحاضنة سياسية لتياراتهم المختلفة، وعندما كان الدور الفرنسي يتراجع كانت الولايات المتحدة تتقدم لتحل مكان الأم الحنون، لكن الكل يعلم أن الفرنسيين كما الاميركيين وكل الغرب لم يستطيعوا أن يقدموا للمسيحيين ما ينهض ويقوي دعائم وجودهم في أوطانهم، لا بل جل ما كان يحصل عليه المسيحيون هو تأشيرات دخول الى الغرب واقامات دائمة، ولم يكن هؤلاء في وارد تقديم مصلحة المسيحيين المشرقيين على مصالح دولهم وسياستهم في الشرق الأوسط، والتجارب تؤكد ذلك من فلسطين التي يتقاسم المسيحيون كما المسلمين فيها القتل والتهجير، الى العراق الذي لم يستطع كل الغرب حماية مسيحييه من التهجير، حتى لبنان وأولى المشكلات التي كانت تؤرق المسيحيين فيه هي تزايد أعداد المهاجرين منهم الى الغرب واستيطانهم في تلك الدول بعيداً عن الوطن وحقه في أن يكونوا من بُناته وصانعي حاضره ومستقبله كما كانوا طوال التاريخ.
ما يفعله الجنرال عون منذ عودته الى لبنان منتصف العام 2005 في حركته الداخلية والخارجية هو تغيير هذه الصورة من خلال مدّ جسور التفاهم على امتداد الداخل لبناء اسس الثقة بين المسيحيين وشركائهم في الوطن، وقد استطاع من خلال وثيقة التفاهم مع حزب الله وكل ممارساته السياسية التي تبعتها حتى ورقة الاستراتيجية الدفاعية أن يعطي للمقاومة بعداً وطنياً واسعاً يقوم على رصّ الساحة الوطنية في مواجهة العدو، بما يكفل حماية الوطن من أعدائه، ويطمئن الشركاء في الوطن الى أن اللبنانيين كلهم شركاء في حماية بلدهم.
وعندما ذهب العماد عون بالأمس الى سوريا، فهو يكمل الطريق نفسه لتحصين الساحة المسيحية، وتأكيد عمقها التاريخي وخياراتها المرتبطة بمصالح المنطقة وأوطانها وشعوبها.
الجنرال يدرك أن كثيرين ممن لا يرون غير مصالحهم الذاتية ومصالح الدول التي يحملون جوازاتها لا يستسيغون خياراته الوطنية البعيدة عن السياق الانتخابي، ربما لأن ما يتطلع اليه جنرال السيادة هو ما قرأه في صفحات التاريخ، وما مشى عليه رسل المسيح في أسفارهم.
الانتقاد/ العدد 1321 ـ 5 كانون الاول/ ديسمبر2008