ارشيف من :أخبار لبنانية
خاص الانتقاد.نـت: رغيف التنور ساخناً على دروب بعلبك
كتب غسان قانصوه
"عالبركة" كلمة لطالما رددناها في الصغر ونحن نمر بالقرب من "التنور" الذي يتجمع عنده بعض النسوة وهن يخبزن مؤونة الخبز المرقوق، فننال ببركة هذه الكلمة لكل واحد منا رغيفاً ساخناً، لنمضي إلى مقصدنا فرحين وصوتهن يلاحقنا: "حلت البركة".
في تلك الأيام لم تكن الآلات التي تقوم بدور النسوة قد دخلت القرى والبلدات.. لتحل محل الأيدي التي تعجن وترق وتخبز أيضاً، ولتأخذ من الخبز بركته ورائحته الفواحة من "التنانير" التي تنتشر على أطراف القرى..
منذ فترة وبعد طول غياب عاد "التنور" ولكن بحلة جديدة ليصبح مهنة وصنعة للكثيرين من أبناء منطقة البقاع الشمالي، و"الفضل" يعود في ذلك الى تضاؤل فرص العمل، حيث صارت الزراعة عبئاً على من يعمل بها. لذلك لجأ بعض المواطنين الى مهن مختلفة ومنها العمل بخبز "التنور" الذي انتشر في منطقة بعلبك – الهرمل، وخاصة في منطقة شعت ورسم الحدث والبزالية ومقنة وحتى مدينة بعلبك ومحيطها على طريق بعلبك ـ الهرمل.
وأصبحت مخابز "التنور" مقصداً لأبناء المنطقة وللمناطق اللبنانية الأخرى الذين يزورون البقاع أيام العطل وخلال مواسم الصيد. يقوله أبو علي النمر (صاحب تنور يعمل على المازوت): "كل زبائننا من خارج المنطقة فمصلحتنا وخبزنا جيد"، ويضيف: "نحن بدأنا في العمل منذ حوالى 13 عاماً لأجل الحاجة وأصبحت بعد ذلك مصلحة لانه لا يوجد عمل في البقاع، ومن ليس عنده مصلحة يعمل بها فإما أن يهاجر أو عليه العمل بالممنوع، ونحن لسنا ممن يفعل ذلك.
ولم ينس أبو علي النمر انعكاس غلاء الأسعار على مصلحته فيشير: "كنا نضع عشرة أرغفة ونبيع الربطة بألفي ليرة، وكنا نربح لأن كيس الطحين كان بـ22 ألف ليرة والمازوت بـ 12 ألف ليرة، ولكن مع ارتفاع سعر المازوت والطحين اضطررنا لتقليص عدد الأرغفة إلى ستة، ومع ذلك فبالكاد نحصّل مصروفنا". ويؤكد النمر أنه يعمل هو وابنه في التنور لتوفير أجرة العمال.
وتقول حنان أمهز (صاحبة تنور على الحطب): "المصلحة جيدة جداً والناس كلها تشتري خبز التنور لأنه لقمة طبيعية، فنحن نطحن القمح ونعجن ونخبز على يدنا".
أما محمد درنوح (عامل في أحد مخابز التنور) فيقول: "نفتح عند الساعة الرابعة صباحاً ونقفل عند الساعة الثالثة بعد الظهر تقريباً حسب ضغط العمل ولا يبقى عندنا خبز لأن هناك طلبا عليه وخصوصاً على (الطلامي)".
وهنا يتدخل أحد الزبائن من الصيادين الذين وفدوا إلى المنطقة من الشمال فيقول: "نحن نأتي أسبوعياً خلال موسم الصيد ولا نهنأ بطعامنا إلا بخبز التنور".
أما محمد فيقول: "دوام عملي اليومي يسمح لي بأن أمر إلى هنا دائماً لآخذ حاجتي لأني تعودت أن لا آكل مع عيالي إلا من خبز التنور".
الانتقاد/ العدد 1321 ـ 5 كانون الاول/ ديسمبر2008
"عالبركة" كلمة لطالما رددناها في الصغر ونحن نمر بالقرب من "التنور" الذي يتجمع عنده بعض النسوة وهن يخبزن مؤونة الخبز المرقوق، فننال ببركة هذه الكلمة لكل واحد منا رغيفاً ساخناً، لنمضي إلى مقصدنا فرحين وصوتهن يلاحقنا: "حلت البركة".في تلك الأيام لم تكن الآلات التي تقوم بدور النسوة قد دخلت القرى والبلدات.. لتحل محل الأيدي التي تعجن وترق وتخبز أيضاً، ولتأخذ من الخبز بركته ورائحته الفواحة من "التنانير" التي تنتشر على أطراف القرى..
منذ فترة وبعد طول غياب عاد "التنور" ولكن بحلة جديدة ليصبح مهنة وصنعة للكثيرين من أبناء منطقة البقاع الشمالي، و"الفضل" يعود في ذلك الى تضاؤل فرص العمل، حيث صارت الزراعة عبئاً على من يعمل بها. لذلك لجأ بعض المواطنين الى مهن مختلفة ومنها العمل بخبز "التنور" الذي انتشر في منطقة بعلبك – الهرمل، وخاصة في منطقة شعت ورسم الحدث والبزالية ومقنة وحتى مدينة بعلبك ومحيطها على طريق بعلبك ـ الهرمل.
وأصبحت مخابز "التنور" مقصداً لأبناء المنطقة وللمناطق اللبنانية الأخرى الذين يزورون البقاع أيام العطل وخلال مواسم الصيد. يقوله أبو علي النمر (صاحب تنور يعمل على المازوت): "كل زبائننا من خارج المنطقة فمصلحتنا وخبزنا جيد"، ويضيف: "نحن بدأنا في العمل منذ حوالى 13 عاماً لأجل الحاجة وأصبحت بعد ذلك مصلحة لانه لا يوجد عمل في البقاع، ومن ليس عنده مصلحة يعمل بها فإما أن يهاجر أو عليه العمل بالممنوع، ونحن لسنا ممن يفعل ذلك.
ولم ينس أبو علي النمر انعكاس غلاء الأسعار على مصلحته فيشير: "كنا نضع عشرة أرغفة ونبيع الربطة بألفي ليرة، وكنا نربح لأن كيس الطحين كان بـ22 ألف ليرة والمازوت بـ 12 ألف ليرة، ولكن مع ارتفاع سعر المازوت والطحين اضطررنا لتقليص عدد الأرغفة إلى ستة، ومع ذلك فبالكاد نحصّل مصروفنا". ويؤكد النمر أنه يعمل هو وابنه في التنور لتوفير أجرة العمال.
وتقول حنان أمهز (صاحبة تنور على الحطب): "المصلحة جيدة جداً والناس كلها تشتري خبز التنور لأنه لقمة طبيعية، فنحن نطحن القمح ونعجن ونخبز على يدنا".
أما محمد درنوح (عامل في أحد مخابز التنور) فيقول: "نفتح عند الساعة الرابعة صباحاً ونقفل عند الساعة الثالثة بعد الظهر تقريباً حسب ضغط العمل ولا يبقى عندنا خبز لأن هناك طلبا عليه وخصوصاً على (الطلامي)".
وهنا يتدخل أحد الزبائن من الصيادين الذين وفدوا إلى المنطقة من الشمال فيقول: "نحن نأتي أسبوعياً خلال موسم الصيد ولا نهنأ بطعامنا إلا بخبز التنور".
أما محمد فيقول: "دوام عملي اليومي يسمح لي بأن أمر إلى هنا دائماً لآخذ حاجتي لأني تعودت أن لا آكل مع عيالي إلا من خبز التنور".
الانتقاد/ العدد 1321 ـ 5 كانون الاول/ ديسمبر2008
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018