ارشيف من :أخبار عالمية
خاص الانتقاد.نت: غطرسة واشنطن تهيئ الثورة... الاسلامية
"في حكومة القانون، يتعرض وجود الحكومة للخطر اذا ما فشلت في اتباع القانون بدقة. حكومتنا هي المعلم الكبير الذي يعلم الشعب، شرا او خيرا، بالقدوة. والجريمة معدية، فان اصبحت الدولة متجاوزة للقوانين، فانها تولد احتقار القانون، وتدعو كل مواطن ليصبح قانونا لذاته، وتنتج الفوضى.
بقلم بول كريج روبرتس(*)/ 5 كانون الأول 2008
هل باكستان مسؤولة عن هجوم بومباي في الهند؟ كلا.
هل الهند مسؤولة عن اضطهاد اقليتها المسلمة؟ كلا.
هل الولايات المتحدة مسؤولة؟ نعم.
لقد اقتضى هجوم بومباي في الهند وجود اسلاميين جذريين.
ولقد وجد الاسلاميون المتجذرين نتيجة اطاحة الولايات المتحدة بالحكومة المنتخبة في ايران وفرض الشاه.
ومن اقامة الولايات المتحدة قواعد لقواتها في العربية السعودية.
ومن غزو الولايات المتحدة ومحاولتها احتلال افغانستان والعراق.
ومن قصفها للاعراس والجنائز وملاعب كرة الاطفال.
ومن انتهاك الولايات المتحدة القوانين الدولية والقوانين الامريكية بتعذيبها ضحاياها المسلمين.
ومن تجنيد الولايات المتحدة للباكستان في حربها ضد الطالبان.
ومن انتهاك الولايات المتحدة لسيادة الباكستان بالقيام بعمليات عسكرية على الاراضي الباكستانية، وقتلها المدنيين الباكستانيين.
ومن نصف قرن من دعم حكومة الولايات المتحدة للتطهير العرقي الاسرائيلي للفلسطينين من ارضهم ومدنهم وقراهم.
ومن هجمة الحضارة الامريكية على القيم الاسلامية.
ومن شراء الولايات المتحدة الحكومة المصرية كي تكون عميلة لها.
ومن غرور الولايات المتحدة وادعائها بانها مرجع الفضيلة الاعلى وحكم الاخلاقية النهائي.
وكما قال القاضي براندايس، الجريمة معدية. والدولة تعلم بالقدوة والشفاعة. وقدوة الولايات المتحدة اختراق القوانين وشفاعتها تجاوز الشرعية.
جرائم الولايات المتحدة الوحشية ضد العالم الاسلامي دعت كل مسلم ليصبح قانونا ثوريا لذاته. ان ما تواجهه واشنطن ليس الارهاب بل ثورة.
ايقظت الولايات المتحدة، بتصرفاتها الغير شرعية والغير حضارية والغير دبلوماسية، الشعوب الاسلامية من رقادها الطويل كرقيق للقوى الاستعمارية الغربية. ولقد تجاوز تحمل بعض المسلمون ما يستطيعون تحمله، والان يدفعم سخطهم لاستنهاض بليون انسان من معشرالاسلام للتحرر من عبودية الهيمنة الاجنبية.
ولقد ادخل غرور حكومات الولايات المتحدة الفاشل هذا الصراع على الشعب الامريكي وفرضه على العالم. فبزعزعة الولايات المتحدة للاستقرار في الباكستان، خسرت الولايات المتحدة دولة عميلة لها وخلقت فرصة يستغلها الثوريون الاسلام. وباثارة الهند ضد الباكستان، خلق هجوم بومباي مشاكل جديدة للباكستان سيحول انتباه حكومتها بعيدا عن قتال معاقل طالبان على حدود الباكستان مع افغانستان. واذا ملئت الولايات المتحدة الفراغ الناجم عن هذا الوضع، تكون قد غزت بلدا اخرا وستصبح حبيسة مستنقع اوسع.
بعد رعاية الولايات المتحدة الارهاب، تدعي الآن انها ضحية بريئة، مثلها في ذلك تماما كمثل الاسرائيليين الذين اتوا بالارهاب بتشريدهم الفلسطينيين من ديارهم ويدعون الآن انهم ضحايا ابرياء.
اعضاء في حلف شمال الاطلسي (ناتو)، منظمة بالية عفى عليها الزمن اسست لتدافع عن اوروبا الغربية ضد احتلال سوفياتي، يضحون اليوم بحياة جنودهم الذين يخوضون حرب الامبراطورية الامريكية في افغانستان. وان استمرت امريكا بنيل مشيئتها، فسيموت الاوروبيون قريبا في اوكرانيا، وجورجيا وايران.
لقد ذهبت الحكومة الامريكية، التي تعظ "الحرية والديمقراطية"، في القرن الحادي والعشرين الى ابعد الحدود للقضاء على دستور الولايات المتحدة وقمع الحريات المدنية التي يكفلها.
لقد تنصلت حكومة الولايات المتحدة من معاهدة جنيف واخترقت قوانين الولايات المتحدة الامريكية ذاتها التي تحرم وتمنع التعذيب.
لقد القت حكومة الولايات المتحدة حق المثول امام المحكمة، المبدأ القانوني العريق المكفول من قبل دستور الولايات المتحدة والذي يمنع الحكومات من حبس الناس في السجن دون توجيه تهم لهم في محكمة شرعية وعلنية.
لقد كسرت حكومة الولايات المتحدة قوانين دول اخرى باختطافها مواطنين اجانب ونقلهم للتعذيب الى بلدان اخرى.
لقد سوغت وبررت كل هذه الجرائم الجماعية الجسيمة باسم "الحرب على الارهاب." ولكن الحقيقة ان جرائم امريكا تهيء الثورة.
حكومة الولايات المتحدة هي التي خلقت "الحرب على الارهاب،" التي استغلت لقتل ملايين العراقيين والافغان من وتجريدهم من حقوقهم، ولسجن مواطني الولايات المتحدة كما لو انهم كانوا رقيق قرون وسطى، ولهدر وتبذير ثلاثة تريليون من الدولارات (3،000،000،000،000 التريليون الف بليون، والبليون الف مليون، والمليون الف الف ـ المترجم) بهدف وحيد وهو اغناء شركة هاليبرتون ومجموعة الشركات العسكرية-الامنية.
لقد اثبت الصحفي الاستقصائي جون بيلجر ان ما يسمى "تفوق الغرب الاخلاقي" خدعة صممت لحجب جرائم الغرب ضد الانسانية عن النظر.
لقد وعد اوباما تغييرا عن هذا السلوك التدميري الهدام. لكن كيف ينشأ التغيير الآن عندما تعين اكثر النساء في العالم غطرسة وزيرة للخارجية وعندما يكون باقي اعضاء الحكومة الجديدة ليكوديون مجربون و ليكوديون مخلصون وخدام مجموعة الشركات العسكرية-الامنية؟
التغيير الذي سيتراسه اوباما سيكون خاليا من اي انتصارات امريكية. سياتي التغيير من امريكا كدولة فشلت، من الدولار المخلوع عن عرش العملة والنقد، من امريكا المنبوذة من حلفائها وعملائها، من البطالة الواسعة التي لا حل لها، من التضخم المالى الذي ينتج الفوضى.
وقد يصل اليوم الذي ستواجه فيه واشنطن ثورة في داخل الولايات المتحدة بالاضافة الى ثورة الخارج.
(*) كاتب المقال صحفي وإقتصادي ووزير مساعد سابق لوزارة المالية في إدارة رونالد ريغان رئيس الولايات المتحدة الإمريكية السابق.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018