ارشيف من :أخبار لبنانية

عضو اللقاء الوطني المسيحي رشاد سلامة لـ"الانتقاد": عون يترجم ما جاء بالسينودوس والفدرالية مشروع قضاء على المسيحيين

عضو اللقاء الوطني المسيحي رشاد سلامة لـ"الانتقاد": عون يترجم ما جاء بالسينودوس والفدرالية مشروع قضاء على المسيحيين

كتب حسين عواد

عضو اللقاء الوطني المسيحي رشاد سلامة لـ"الانتقاد": عون يترجم ما جاء بالسينودوس والفدرالية مشروع قضاء على المسيحيين
يجد رشاد سلامة نفسه اليوم خارج حزب الكتائب، منسجماً مع نفسه ومع طروحاته السياسية التي طالما نادى بها وهو داخل الحزب، بمعنى انه ضد مشروع الفدرالية، ومع المقاومة بكل خياراتها وثوابتها.
هذا ما يجاهر به سلامة على مسامع الجميع، وهو بذلك يجد في زيارة العماد ميشال عون الى  سوريا إعادة للدور المسيحي الحقيقي في لبنان والمنطقة كجزء من الوطن العربي، وينبه الى من يطالب ضمنا بإعادة طرح المشاريع التقسيمية بأنه يعمل فعلا على "القضاء على المسيحيين في الشرق".
عضو اللقاء الوطني المسيحي رشاد سلامة يقرأ في مقابلة مع "الانتقاد" نتائج زيارة العماد عون الى سوريا وما يمكن أن يبنى عليها، فضلا عن رؤيته الخاصة لأوضاع مسيحيي لبنان. وفيما يلي نص المقابلة:
  

حكي الكثير عن زيارة العماد ميشال عون إلى سوريا، برأيكم ما هو المكسب السياسي الذي حققه الجنرال لمسيحيي لبنان، خصوصاً ان هناك من بدأ يتحدث عن الجدوى السياسية من الزيارة؟
ـ هذا الكلام يتوقف على ماذا وعد به عون قبل زيارته، ولمّا سُئل حينها وضعها تحت خانة التعارف أولاً، لكن بالطبع مضمونها غني.. زيارة عون ـ التي خضعت لقصف عنيف من قبل اخصامه ـ لها مردود ايجابي، وهو فتح صفحة جديدة من المصالحة الضمنية بين فريق سياسي عريض يمثله العماد عون الذي كان على خصومة طويلة مع سوريا، ودمشق، وبالتالي فان هذه الزيارة جاءت في إطار تصحيح مرحلة سابقة وتأسيس لمرحلة لاحقة في العلاقة بين الطرفين على مستوى الصداقة، والتي بطبيعة الحال ستؤسس لمرحلة جديدة مبنية على التفهم والتفاهم والصداقة.

ألم يكن من المفترض إجراء مصالحة مسيحية مسيحية قبل ان تتوّج بمصالحة مع ما يصفه البعض بـ"الخصم التاريخي"؟
ـ يجب ان نوضّح ان زيارة عون لم تكن وليدة ساعتها، أو نزوة، أو حاجة آنية، وكلنا يتذكر عندما كان عون في المنفى، وقال كلمته المشهورة انه مستعد بعد خروج الجيش السوري من لبنان أن يرسي أفضل العلاقات مع سوريا لكون الأخيرة تُمثل ليس فقط الجار التاريخي أو الجغرافي أو المصاهرة للبنان، إنما هناك مصالح مشتركة بين الطرفين لكون سوريا تشكل همزة وصل بين لبنان وسائر الأقطار العربية والإقليمية، وهذا ما فهمه عون جيداً.. أما المصالحة المسيحية المسيحية فهذا أمر اعتقد ان عون تجاوزه من زمن بدليل زيارته لسمير جعجع بالسجن منذ لحظة عودته من المنفى، ولكن للأسف الوضع السياسي الداخلي في لبنان والعلاقات المسيحية المسيحية لا تتوقف فقط عند زيارة من هنا او اعتذار من هناك, هي معقدة وأصبح لها مفهوم الخيار السياسي، وعلى هذا الخيار هناك حالة تناقض كبيرة بين السياسة التي قررها عون وتلك التي انخرط فيها مسيحيو 14 آذار، والتي تبدأ من التفاهم الذي وقعه عون مع حزب الله، ثم  زيارته لإيران وبعدها سوريا، في حين نجد ان الزعامات المسيحية ما زالت في الخيار الآخر، ولم تقتنع بعد ان مشروعها للبنان والمنطقة، والذي هو المشروع الأميركي ومن ضمنه المشروع الصهيوني، قد سقط، وبالتالي كان خيار عون في هذا الاتجاه، وهو زيارة سوريا على اعتبارها الجار الوحيد للبنان بخلاف ما قيل في وقت من الأوقات إن هناك جارين، ولذا أتت زيارته لتندرج في هذا السياق والخيارات والتفاهمات السياسية بينه وبين فريق كبير في الحياة السياسية ألا وهو حزب الله.

لكن على الأرض كيف "ستصرف" نتائج هذه الزيارة؟
عضو اللقاء الوطني المسيحي رشاد سلامة لـ"الانتقاد": عون يترجم ما جاء بالسينودوس والفدرالية مشروع قضاء على المسيحيين
ـ لا اعتقد ان عون في زيارته سوريا كان يسعى لمكسب سياسي، ربما العكس تماماً، بمعنى ان الذين حاولوا ان يهاجموه ذكروا أن زيارته لها بعد انتخابي، فيما البعض الآخر اعتبر أنها ستجلب له الخسارة، وأقول، على المستوى الانتخابي قد لا تخدمه هذه الزيارة، وهو سبق ان أجاب عندما سُئل، فقال إذا كان هذا الفريق مقتنعا ان الزيارة ستخسرني فليعتبرها هدية له، لذا لم يسعَ لمكسب، أو هو كان وعد بشيء للبنان خصوصاً لجهة المفقودين في سوريا، لكون هذا الملف بيد الدولة اللبنانية، وبالتالي فهؤلاء الذين يطالبون بحل لهذا الملف نسوا انهم كانوا في أحضان سوريا طوال الفترة الماضية، بل كانوا أدوات ليس في الجانب المضيء بل في الجانب الذي تحدث عنه الرئيس بشار الأسد في خانة الشوائب او الأخطاء. إذاً لا يمكن لأحد أن يطالب عون بمطلب عمره أكثر من ثمانية عشر عاماً، والذي هو من مسؤولية من يهاجمون عون الآن وتركوا هذا الملف طيلة هذه الفترة، ثم تذكروه فجأة!.

البعض يشير إلى أن سوريا أرادت من زيارة عون لها أن تُعده كورقة قوة في يدها بغية استخدامها في التوازنات الداخلية؟
ـ لا، ما نعرفه عن عون انه رجل صلب في قناعاته، يخاصم حين يجب أن يخاصم ويصادق حين يفترض ان يصادق، وهو ليس من النوع الذي يتعاطى بخفة في المواضيع الأساسية، ومنها الخيارات والعلاقات والتحالفات، وليس هو ايضاً من السياسيين الذين كان يملي عليهم السوري عندما كان في لبنان مواقف سياسية وخلافه، فالذي يريد ان يربح عون عليه ان يراعي هذا الجانب من شخصيته، من هنا جاء كلامه عن تنقية الوجدان اللبناني والسوري، هو بذلك قادر على ان يفعل ذلك.

إلى أي حد برأيك استطاع العماد عون ان يطمئن المسيحي اللبناني من الهاجس السوري، والذي طبع مخيلته ردحا من الزمن؟
ـ بالنسبة للمسيحيين الذين يتعاملون بمنطق الأمور لا بحالة غرائزية سيقدّرون أهمية هذه الزيارة، سيعتبرونها تأكيداً لأهمية الحضور المسيحي المشرقي سواء في لبنان، او سوريا او في مناطق أخرى من العالم العربي، وأيضا تأكيداً للدور المسيحي، لأنني اعتبر أن مستقبل المسيحيين في لبنان والمنطقة يتوقف على الدور الذي سيلعبونه، فإذا حاولوا أن يلجأوا إلى صيغة الغيتو أو المعزل المسيحي المنفصل عن كل شركائنا فيكون هذا قضاءً على الدور المسيحي.. وعندما يحكى عن اهمية الحضور المسيحي المشرقي، المقصود ليس حضورهم بشكل عادي لان المسيحيين ليسوا جالية طارئة، هم متجذرون في هذا المشرق العربي، وبالتالي أراد عون في زيارته الأخيرة أن يترجم ما اعتبره السينودوس أن المسيحيين جزء لا يتجزأ من مجتمعهم العربي والإقليمي، وعلى المسيحيين أن ينتبهوا الى ان مستقبلهم متوقف على مدى تفاعلهم ايجابياً مع المجتمعات التي تحضنهم وتحضن غيرهم من الشرائح الأخرى.

في الوقت الذي ينفتح عون على الآخر، نجد في الداخل من يعيد إحياء الكنتونات ويطالب بالفدرالية بشكل مبطن؟
ـ هذه الأفكار طرحت في السابق، واليوم بكل أسف هناك عودة لهذه الطروحات التي أسقطها اتفاق الطائف.. هذا البعض الذي بدأ يتحدث عن تطوير النظام، كان في وقت سابق يتهم جهات أخرى به، وإذ به نجده يسعى إلى تغيير النظام في لبنان عبر العودة الى المشاريع الفدرالية، والتي تعني التقسيم في لبنان، وهذا ليس منافياً لاتفاق الطائف فحسب، بل لمصالح المسيحيين في لبنان.

عضو اللقاء الوطني المسيحي رشاد سلامة لـ"الانتقاد": عون يترجم ما جاء بالسينودوس والفدرالية مشروع قضاء على المسيحيين
هل يمكن ان نجد لهذه الطروحات أرضاً خصبة في لبنان؟
ـ لا، على الإطلاق، لان المسيحيين الواعين يدركون تماماً أنها تعني بداية نهاية المسيحيين في لبنان.

ماذا عن التصعيد الجنبلاطي بعدما شهدنا هدوءا نسبياً على جبهته؟
ـ مواقف جنبلاط عادة مستمدة من مناخ معين خاضع لتقلبات هذا المناخ، فعندما يشعر جنبلاط بتراجع المشروع الاميركي تجده يميل نحو التهدئة، وعندما يتهيأ له ان هذا المشروع يمكن احياؤه يعود ويصعّد، اليوم يعتقد ان سياسة اوباما ستستمر في هذا المشروع، غير أنني أخالفه الرأي.

سؤال أخير، أين هو رشاد سلامة بعد خروجه من حزب الكتائب؟
ـ اولاً اعتبر نفسي من جهة مستقلاً ولكن غير حيادي، فلديّ خيارات سياسية هي نقيض مشروع الفدرالية، ونقيض أداء حزب الكتائب حالياً. أمارس قناعتي، وأنا اليوم بالخيارات التي كنت أعبر عنها عندما كنت في حزب الكتائب، انا مع المقاومة، مع خياراتها، انا مرتاح مع التيار الوطني الحر، وأنتسب حاليا الى اللقاء الوطني المسيحي الذي جاء بعد وثيقة التفاهم مع حزب الله، وكان نوعا من التكملة لأبعاد هذا التفاهم.   
الصور: موسى الحسيني  
الانتقاد/ العدد1322 ـ 12 كانون الاول/ ديسمبر 2008

2008-12-12