ارشيف من :أخبار لبنانية
خاص الانتقاد.نت: تجفيف مفتعل يشكل جريمة بيئية تسببت بتصحر وتدمير بيئته

النبطية ـ عامر فرحات
ثمة نزاز ماء لم يشمله الحسر، يقطع بعض مئات أمتار بعد نبع "الطاسة" ويغور بين الصخور، يشكل النزاز حلماً آخر لمصلحة مياه الجنوب في تجريد نهر "الزهراني" بقية رحيقه، ما يسدل الستار على صورة لمجرى أضناه التصحر بعد مصادرة مياهه، لا يدلل صيفاً إلا على أن نهراً مرّ من هنا قبل أن يغادر مجراه، وربما إلى غير رجعة.
لا تعبير يصف به جيران الزهراني ما فعلته وزارة الموارد المائية والكهربائية، ومجلس الانماء والإعمار ومصلحة مياه الجنوب، بنهرهم الأشهر في منطقة أقليم التفاح غير "الحيلة والتحايل"، تحت عناوين مختلفة، بدأت منذ العام 1982 ولم تنته حتى الأمس القريب، إذ ثمة مسعى لمجلس الإنماء والاعمار ومحاولات غير منقطعة، في وضع اليد على البقية الباقية من المياه التي حجبت بشكل تام عن النهر بعد مصادرة ما نسبته 95 بالمئة من النبع، وجرّ قسم من مياه الشتاء إلى خزانات خارج حوض النهر.
في المقابل لم تتوقف محاولات بلديات وجمعيات منطقتي النبطية وإقليم التفاح، خصوصاً منذ ما بعد التحرير في العام 2000، ومن خلال عشرات الكتب والمراجعات والتحركات، في إنقاذ النهر ومجراه، وإعادة بعض الحقوق إلى أصحابها، لا سيما في الحقول والمناطق التي استخدمتها وزارة الموارد المائية والكهربائية في مد شبكات خطوطها منذ العام 1982، ولم يصر حتى اليوم إلى التعويض على المستحقين التزاماً بكتاب الوزارة الذي ينص على "أن تقوم دائرة تنفيذ مياه الجنوب بإنشاء خط جرّ جديد من نبع الطاسة إلى عرب صاليم لفصل مياه النبطية عن مياه إقليم التفاح، علماً بأن الإدارة لن تقوم بجر المياه التي لا تزال تسيل في النهر، في هذا الخط. كما أنها لن تتعرض للمياه التي ما زالت مخصصة للري في منطقة الينابيع. علماً بإن الإدارة بصدد دفع التعويضات العائدة لمواقع مرور الخط في وقت قريب جداً". وقد مهر القرار بتاريخ 1/6/1982.
تمر السنون، وتسحب دائرة تنفيذ مياه الجنوب مجمل مياه نبع الطاسة المغذي الأساس لنهر الزهراني، وتصيب مجرى النهر بالعطش والتصحر، وتفعل كل ما ينفي حرفية التزام قرارها، وبدلاً من أن تعوض على أصحاب الحقوق، تسببت عملية سحب المياه كلها بيباس عشرات بساتين التفاح والإجاص والكرمة والحمضيات والجوز التي كانت منتشرة على ضفتي النهر.
أما "آخر بدع الدولة، فمن قرار مجلس الإنماء والإعمار إنشاء خط جرّ جديد على مسار الخط الحالي من نبع الطاسة إلى بلدة شوكين في قضاء النبطية بطول 13 كلم كي يؤمن المياه خلال ستة أشهر في السنة، للاستفادة من بعض فائض المياه في النبع أثناء موسم الشتاء كبديل عن ضخ المياه من آبار فخر الدين". بحسب رئيسة جمعية نداء الأرض البيئية السيدة زينب مقلد التي أشارت إلى أن "أهل مكة أخبر بشعابها، ونحن أخبر بوادينا والنبع الذي ينبع من أرضنا، ولنا تجربة سابقة مريرة سنة 1982 بخط نفذ خلسة وبدون وجه حق بات يعرف بخط أنور الصباح (الوزير الأسبق لوزارة الموارد) على اساس أن يكون لفصل الشتاء وصار بسحر ساحر لجر المياه كذلك أثناء الصيف، وهذا ما لا نقبله مطلقاً".
كلام مقلد يضاف إلى كتاب وجه من رئيس اتحاد بلديات إقليم التفاح ورؤساء بلديات عربصاليم وحومين الفوقا وجرجوع ومختارين وجمعيات من بلدتي عربصاليم وجرجوع إلى مجلس الانماء والإعمار، منذ نحو عام، يعترض على مشروع المجلس ويشير إلى أن الموقعين على الكتاب بصدد توكيل محام لإقامة دعوى قضائية على الدولة اللبنانية أمام شورى الدولة "لأنها أخذت كل مياه نبع الطاسة وقطعت أرزاق المواطنين وحرمتنا من أجمل الوديان في لبنان وقضت على البيئة والطبيعة في وادينا وهجرت حيوانات وطيوراً مميزة ونباتات محلية موئلها الطبيعي على ضفاف النهر، وهذا يشكل مخالفة صريحة لمعاهدة التنوع البيولوجي التي وقع عليها لبنان".
بنى الأهالي اعتراضهم على اساس أن الوادي الممتد من نبع الطاسة وحتى حبوش، ثم ينساب نحو الساحل ليصب في منطقة الزهراني، جنوبي صيدا، حُرم من مياه نبع الطاسة التي جرى سحبها كلياً (تقريباً) إلى مناطق النبطية والزهراني وشرقي صيدا، ما أفقد الوادي طبيعته الخلابة، بعد يباس معظم الشجر المثمر والبري والحرجي وهجره الطيور وبعض الحيوانات، وتسبب باختفاء القناتين الغربية والشرقية على ضفتي النهر، وتوقف أكثر من 10 طواحين مائية، ومنعت الأهالي من سقاية أراضيهم وحقولهم على ضفتي النهر، كانت تشكل مورداً اساساً لمعيشة العديد منهم "ولهذه الأراضي حق قانوني وشرعي استناداً إلى ما هو مدون على جميع سندات التمليك بأن هذه العقارات لها حق الاستفادة للري من مياه نبع الطاسة".
وإذ تتهم مقلد وزارة الموارد ومصلحة مياه الجنوب ومجلس الانماء والإعمار "بتجفيف مفتعل في حق النهر والنبع والوادي ما شكل جريمة بيئية تسببت بتصحر نهر الزهراني وتدمير بيئته بعدما سحبت مياه النبع كلها منذ السبعينيات"، تلفت إلى أنه "لم تبق غير ينابيع رديفة متواضعة منتشرة على ضفاف النهر التي لولاها ليبس "الوادي الأخضر" تحت عربصاليم بكامله". لكن هذه الينابيع الصغيرة "من دون مياه نبع الطاسة غير كافية لإعادة النسغ في حياة البساتين التي كانت تفيض بالخير، خضاراً وفاكهة وجوزاً وتفاحاً كنّي الاقليم باسمها، فضلاً عن البقول والزراعات الموسمية".
"أبو غسان" محمد مقلد رئيس بلدية جرجوع يروي بإسهاب ذكريات أهالي إقليم التفاح ومنطقة النبطية "الرائعة" حول نهر الزهراني، يؤكد أن "ثمة صفقات متتالية يتعرض لها النهر والضفاف"، آخرها "السدّ الذي نفذ مؤخراً قرب منبع (نبع) الطاسة بتكلفة بلغت نحو مئة ألف دولار أمريكي، ستجرفه السيول في أول غزارة موسم مطر، إذ لم ينفذ بالمواصفات القانوينة المطلوبة وبرزت تشققات في الجدران، وبتقديري، بوضعه الحالي، لا تصل التكلفة إلى حدود 20 ألف دولار، فأين ذهب الباقي؟".
ولا ينفي أبو غسان "حق الدولة في استثمار مياه نبع الطاسة، ونحن لسنا ضدها ولا نريد احتكارها لأنفسنا"، لكن "بمفهومنا القانوني والدولي أنه لا يحق للدولة أن تأخذ أكثر من 60 بالمئة من مياه النبع حتى لا تقتل النهر والمجرى، هي أخذت أكثر من 95 بالمئة أيام الاحتلال الإسرائيلي بمشروع الوزير أنور الصباح، ومن النبع مباشرة، وليس من خلال سدود متوزعة تستفيد منها ولا تضر بالنهر. الدولة سحبت من المياه ما يمكن أن يتسبب بتصحر النهر، وهذا ما جرى، ولا يمكن نعت ذلك إلا بالتحايل علينا، واليوم يريدون القضاء على البقية الباقية، وهذا ما لا نقبله وسنتصدى له بكل طاقاتنا، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين".
ابو محمد احمد الحاج عباس فرحات في لثمانين من عمره قال ان الدولة تريد سلبنا الماء الذي نشربه من نبع الطاسة لانه لم يتبقى في النهر مياه لسحبها الى بلدات اخرى . هناك مياه يريدون تقسيمها بين البلدان لكسب الاموال من المواطنين وانا متأكد من انهم لن يشربوا يومياً ، بينما مياه نهري الاولي والليطاني تهدر في البحر. ليس عند دولتنا ادارة للثروات الموجودة في بلدنا لبنان بل يبحثون عن جني الاموال فقط . فعربصاليم كانت بلدة الزراعة فاليوم اصبحت معظم ارضها يابسة قاحلة بسبب قلة المياه وهي التي كان يلتف نهر الزهراني حولها من الشرق والجنوب والغرب ، عندما كان في النهر مياه.
نهر الزهراني
من وديان منطقة كفرحونة وعرمتى واللويزة وجبل صافي تنساب مياه الثلوج والامطارخلال الشتاء في مجرى نهر الزّهراني والتي تتوحّد مع مياه نبع الطّاسة لتصبّ بعد رحلة طويلة، في البحر، قرب مصفاة الزّهراني.هذه الرحلة التي لا تستمر اكثر من اربعة اشهر
شكَّل نهر الزهراني على امتداد تاريخه مصدر رزقٍ حلال لسكان القرى التي تطل على جانبي النهر من خلال الزراعة وصيد السمك وبيئة غنية متنوعة وملتقى للراحة والاستجمام والسباحة وتراثاً من المطاحن المائية التي بدء الزمن يأكل من جدرانها في ضل غياب كامل للدولة والبلديات والجمعيات التي تعني بالمحافظة على التراث والتي لم يزل أبناء الإقليم يتذكرون أسماءها واحدة واحدة "الفوقا" و"الوسطانية" و"التحتا" التي باتت على نحو معاصر الزيتون أثراً بعد عين.

لا تعبير يصف به جيران الزهراني ما فعلته وزارة الموارد المائية والكهربائية، ومجلس الانماء والإعمار ومصلحة مياه الجنوب، بنهرهم الأشهر في منطقة أقليم التفاح غير "الحيلة والتحايل"، تحت عناوين مختلفة، بدأت منذ العام 1982 ولم تنته حتى الأمس القريب، إذ ثمة مسعى لمجلس الإنماء والاعمار ومحاولات غير منقطعة، في وضع اليد على البقية الباقية من المياه التي حجبت بشكل تام عن النهر بعد مصادرة ما نسبته 95 بالمئة من النبع، وجرّ قسم من مياه الشتاء إلى خزانات خارج حوض النهر.
في المقابل لم تتوقف محاولات بلديات وجمعيات منطقتي النبطية وإقليم التفاح، خصوصاً منذ ما بعد التحرير في العام 2000، ومن خلال عشرات الكتب والمراجعات والتحركات، في إنقاذ النهر ومجراه، وإعادة بعض الحقوق إلى أصحابها، لا سيما في الحقول والمناطق التي استخدمتها وزارة الموارد المائية والكهربائية في مد شبكات خطوطها منذ العام 1982، ولم يصر حتى اليوم إلى التعويض على المستحقين التزاماً بكتاب الوزارة الذي ينص على "أن تقوم دائرة تنفيذ مياه الجنوب بإنشاء خط جرّ جديد من نبع الطاسة إلى عرب صاليم لفصل مياه النبطية عن مياه إقليم التفاح، علماً بأن الإدارة لن تقوم بجر المياه التي لا تزال تسيل في النهر، في هذا الخط. كما أنها لن تتعرض للمياه التي ما زالت مخصصة للري في منطقة الينابيع. علماً بإن الإدارة بصدد دفع التعويضات العائدة لمواقع مرور الخط في وقت قريب جداً". وقد مهر القرار بتاريخ 1/6/1982.
تمر السنون، وتسحب دائرة تنفيذ مياه الجنوب مجمل مياه نبع الطاسة المغذي الأساس لنهر الزهراني، وتصيب مجرى النهر بالعطش والتصحر، وتفعل كل ما ينفي حرفية التزام قرارها، وبدلاً من أن تعوض على أصحاب الحقوق، تسببت عملية سحب المياه كلها بيباس عشرات بساتين التفاح والإجاص والكرمة والحمضيات والجوز التي كانت منتشرة على ضفتي النهر.

كلام مقلد يضاف إلى كتاب وجه من رئيس اتحاد بلديات إقليم التفاح ورؤساء بلديات عربصاليم وحومين الفوقا وجرجوع ومختارين وجمعيات من بلدتي عربصاليم وجرجوع إلى مجلس الانماء والإعمار، منذ نحو عام، يعترض على مشروع المجلس ويشير إلى أن الموقعين على الكتاب بصدد توكيل محام لإقامة دعوى قضائية على الدولة اللبنانية أمام شورى الدولة "لأنها أخذت كل مياه نبع الطاسة وقطعت أرزاق المواطنين وحرمتنا من أجمل الوديان في لبنان وقضت على البيئة والطبيعة في وادينا وهجرت حيوانات وطيوراً مميزة ونباتات محلية موئلها الطبيعي على ضفاف النهر، وهذا يشكل مخالفة صريحة لمعاهدة التنوع البيولوجي التي وقع عليها لبنان".
بنى الأهالي اعتراضهم على اساس أن الوادي الممتد من نبع الطاسة وحتى حبوش، ثم ينساب نحو الساحل ليصب في منطقة الزهراني، جنوبي صيدا، حُرم من مياه نبع الطاسة التي جرى سحبها كلياً (تقريباً) إلى مناطق النبطية والزهراني وشرقي صيدا، ما أفقد الوادي طبيعته الخلابة، بعد يباس معظم الشجر المثمر والبري والحرجي وهجره الطيور وبعض الحيوانات، وتسبب باختفاء القناتين الغربية والشرقية على ضفتي النهر، وتوقف أكثر من 10 طواحين مائية، ومنعت الأهالي من سقاية أراضيهم وحقولهم على ضفتي النهر، كانت تشكل مورداً اساساً لمعيشة العديد منهم "ولهذه الأراضي حق قانوني وشرعي استناداً إلى ما هو مدون على جميع سندات التمليك بأن هذه العقارات لها حق الاستفادة للري من مياه نبع الطاسة".
وإذ تتهم مقلد وزارة الموارد ومصلحة مياه الجنوب ومجلس الانماء والإعمار "بتجفيف مفتعل في حق النهر والنبع والوادي ما شكل جريمة بيئية تسببت بتصحر نهر الزهراني وتدمير بيئته بعدما سحبت مياه النبع كلها منذ السبعينيات"، تلفت إلى أنه "لم تبق غير ينابيع رديفة متواضعة منتشرة على ضفاف النهر التي لولاها ليبس "الوادي الأخضر" تحت عربصاليم بكامله". لكن هذه الينابيع الصغيرة "من دون مياه نبع الطاسة غير كافية لإعادة النسغ في حياة البساتين التي كانت تفيض بالخير، خضاراً وفاكهة وجوزاً وتفاحاً كنّي الاقليم باسمها، فضلاً عن البقول والزراعات الموسمية".
"أبو غسان" محمد مقلد رئيس بلدية جرجوع يروي بإسهاب ذكريات أهالي إقليم التفاح ومنطقة النبطية "الرائعة" حول نهر الزهراني، يؤكد أن "ثمة صفقات متتالية يتعرض لها النهر والضفاف"، آخرها "السدّ الذي نفذ مؤخراً قرب منبع (نبع) الطاسة بتكلفة بلغت نحو مئة ألف دولار أمريكي، ستجرفه السيول في أول غزارة موسم مطر، إذ لم ينفذ بالمواصفات القانوينة المطلوبة وبرزت تشققات في الجدران، وبتقديري، بوضعه الحالي، لا تصل التكلفة إلى حدود 20 ألف دولار، فأين ذهب الباقي؟".

ابو محمد احمد الحاج عباس فرحات في لثمانين من عمره قال ان الدولة تريد سلبنا الماء الذي نشربه من نبع الطاسة لانه لم يتبقى في النهر مياه لسحبها الى بلدات اخرى . هناك مياه يريدون تقسيمها بين البلدان لكسب الاموال من المواطنين وانا متأكد من انهم لن يشربوا يومياً ، بينما مياه نهري الاولي والليطاني تهدر في البحر. ليس عند دولتنا ادارة للثروات الموجودة في بلدنا لبنان بل يبحثون عن جني الاموال فقط . فعربصاليم كانت بلدة الزراعة فاليوم اصبحت معظم ارضها يابسة قاحلة بسبب قلة المياه وهي التي كان يلتف نهر الزهراني حولها من الشرق والجنوب والغرب ، عندما كان في النهر مياه.
نهر الزهراني
من وديان منطقة كفرحونة وعرمتى واللويزة وجبل صافي تنساب مياه الثلوج والامطارخلال الشتاء في مجرى نهر الزّهراني والتي تتوحّد مع مياه نبع الطّاسة لتصبّ بعد رحلة طويلة، في البحر، قرب مصفاة الزّهراني.هذه الرحلة التي لا تستمر اكثر من اربعة اشهر
شكَّل نهر الزهراني على امتداد تاريخه مصدر رزقٍ حلال لسكان القرى التي تطل على جانبي النهر من خلال الزراعة وصيد السمك وبيئة غنية متنوعة وملتقى للراحة والاستجمام والسباحة وتراثاً من المطاحن المائية التي بدء الزمن يأكل من جدرانها في ضل غياب كامل للدولة والبلديات والجمعيات التي تعني بالمحافظة على التراث والتي لم يزل أبناء الإقليم يتذكرون أسماءها واحدة واحدة "الفوقا" و"الوسطانية" و"التحتا" التي باتت على نحو معاصر الزيتون أثراً بعد عين.