ارشيف من :أخبار لبنانية
السيد نصرالله: حصار غزة اليوم هو كما قبل 60 عاما.. لتصفية القضية الفلسطينية

تحدث الامين العام لحزب الله مساء اليوم عبر قناة المنار ووجه الدعوة الى شعوب الامتين العربية والاسلامية للمشاركة في فعاليات التضامن لفك الحصار عن غزة ، وهنا النص الكامل لكلمة سماحته:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. منذ عدة أسابيع يعيش أهلنا الصابرون الصامدون في قطاع غزة حالة حصار مطبق دون أن يفتح لهم باب أو نافذة على هذا العالم الواسع وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار التصعيد السياسي والميداني الإسرائيلي وكذلك التهديدات العسكرية الإسرائيلية فلا يبدو هناك أي أمل لفك هذا الحصار عن غزة وأهلها في المدى القريب, مما يوجب علينا جميعا وفي مختلف المواقع وانطلاقا من مختلف الحيثيات يجب علينا وقفة تأمل وبحث عن المسؤولية والواجب إتجاه هذه المعانات الإنسانية الكبرى. وفي نظرة أشمل وأوسع وبعد ستين عاما من إحتلال فلسطين نجد أنفسنا أمام مرحلة جديدة تجهد فيها أمريكا وإسرائيل على تصفية القضية الفلسطينية في جميع مرتكزاتها وأركانها وأسسها, فعلى سبيل المثال نجد أن قضية اللاجئين الفلسطينيين خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة لا أفق لها أمام الإجماع الأمريكي والإسرائيلي والتواطؤ الدولي والسكوت العربي في مسألة حق العودة وتثبيت حق العودة وتنفيذ حق العودة والتخطيط لتوطين وتجنيس الفلسطينيين اللاجئين في البلدان التي يقيمون فيها.
وثانيا نجد مسألة القدس والعمل الدؤوب لتهويد القدس ولتهجير من تبقى من سكانها الفلسطينيين في القدس الشرقية عبر المضايقات في كل مجال وهدم المنازل تحت أي حجة .
وثالثا نجد التهجير التدريجي لأهلنا في الضفة الغربية من خلال الجدار وانعدام فرص العيش والحواجز والاعتقالات والظروف القاسية التي يعيشها أهلنا هناك حتى أننا شهدنا في الأسابيع الماضية معركة قطاف الزيتون وهو ما تبقى للفلسطيني في أرضه والاعتداءات التي شنها قطعان المستوطنين على أهلنا في أكثر من مدينة وقرية وخصوصا في مدينة الخليل وصولا إلى التهديد المتواصل بطرد فلسطينيي الثماني والأربعين, الأراضي المحتلة عام 48 , وهنا أيضا التهديد يطال كل الفلسطينيين هناك من مسلمين ومسيحيين وما قالته ليفني لم يكن زلة لسان وإنما هو تعبير عن موقف يجمع عليه قادة الأحزاب الصهيونية وهذا حلم الإسرائيليين وعملهم الدائم من أجل أقامة ما يسمونه دولة يهودية نقية وهذا ما يحظى بتأييد الولايات المتحدة الأمريكية وتأييد العالم وتفهّم حتى بعض الذين يجب أن يكونوا في موقع المدافع عن فلسطين وشعب فلسطين وصولا إلى معاناة آلاف الأسرى الفلسطينيين ووصولا إلى الحصار على غزة وعلى أهل غزة والذي يهدف إلى تحويل القطاع إلى مكان لا يمكن العيش فيه كمقدمة إلى تهجير للفلسطينيين شامل. خلاصة المشهد اليوم نحن أمام تصفية أو عملية تصفية كاملة لكل مرتكزات وأركان القضية الفلسطينية والعنوان الكبير اليوم في هذه المعركة وفي هذه المرحلة هو حصار غزة وهدف هذا الحصار هو كسر إرادة الشعب الفلسطيني وإحباط الشعب الفلسطيني لفرض الشروط الأمريكية والإسرائيلية عليه وللقبول بتسوية مذلة لا تحفظ حتى الحد الأدنى من الحقوق المشروعة لهذا الشعب وعلى مدى ستين عاما صمد هذا الشعب العزيز وتحمل وقاوم وقدم التضحيات الجسام وهذا الشعب هو الذي استطاع أن يمنع تصفية القضية الفلسطينية خلال ستين عاما رغم تواطؤ العالم وخذلان الصديق وإحساس الكثيرين حتى في عالمنا العربي بأن هذه القضية باتت عبء عليهم ويريدون التخلص من هذا العبء بأي وسيلة. إن أحد أهم مظاهر هذا الصمود وهذه المقاومة هو ما شهدناه في انتفاضة الشعب الفلسطيني خلال الأعوام الماضية الأخيرة وما نراه اليوم في غزة, في غزة اليوم مشهدان مشهد الحصار والتجويع والتعتيم والظلمة والبرد القارس والمرض والغارات الجوية الإسرائيلية والمشهد الآخر بالمقابل هو الصبر والصمود والمقاومة والعناد والثبات على الحق وعلى الموقف ولست بحاجة لتقديم شواهد فكلنا كنا نرى ونسمع من خلال وسائل الإعلام تصريحات وتعبيرات أهل غزة رجالهم ونساءهم وأطفالهم وصغارهم وكبارهم وما عبروا عنه من موقف ومن مضمون في هذا المجال وجاءت قمة التعبيرات عن هذا المشهد وحقيقة هذا المشهد في غزة ولدى أهلها في المهرجان الجماهيري الحاشد والكبير الذي أقامه الإخوة في حماس في غزة يوم أمس. أمام كل ما تقدم تأتي الدعوة إلى البحث عن المسؤولية وتحمل المسؤولية.
أيها الإخوة والأخوات قبل ستين عاما لو تحملت قيادات هذه الأمة وحكومات هذه الأمة وشعوب هذه الأمة مسؤوليتها وتحركت في الوقت المناسب لما احتلت فلسطين ولما كانت النكبة ولما قام هذا الكيان الغاصب الذي أذل هذه الأمة وأذل حكوماتها وشعوبها وجيوشها وأرتكب بحق أهلها وكبارها وصغارها ورجالها ونساءها أبشع المجازر ليس في فلسطين فقط بل في أكثر من بلد عربي وواصل وما زال يواصل عدوانه عليها منذ ستين عاما. أيها الإخوة الأخوات نعم الناس ينسون والأجيال قد تتجاهل ما حدث في الماضي والتاريخ قد يبدل وقد يزور ولكن أقول لكم في ساحة العدل الإلهي غدا يوم القيامة لا نسيان ولا تجاهل ولا إهمال ولا تزوير, إني أقول لكم إن كل الذين تخاذلوا وسكتوا ولم يفعلوا شيئا كانوا قادرين على فعله لمنع إحتلال فلسطين وقيام الدولة العنصرية الإرهابية في قلب عالمنا العربي والإسلامي, سيسألون ويحاسبون أشد الحساب يوم القيامة, لو تحمل الأجداد والآباء مسؤوليتهم لما كانت كل هذه المجازر وكل هذه الحصارات وكل هذا الإذلال ولكان وجه المنطقة غير ما عشناه وتعيشه شعوبنا منذ ستين عاما. الآن نحن نواجه نفس الواقع فكيف نتصرف كحكومات وشعوب وقيادات ومرجعيات دينية وسياسية وأحزاب وتيارات ونخب على امتداد العالمين العربي والإسلامي. أيها الإخوة والأخوات بالأمس وجهت دعوة كريمة من قبل المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي والمؤتمر العام للأحزاب العربية وهذه أطر قيادية تجمع في حناياها الكثير من القيادات والشخصيات والأحزاب والتيارات والفعاليات المختلفة والمتنوعة والمتعددة على امتداد عالمنا العربي, وجهت دعوة كريمة من قبل هذه المؤتمرات من اجل القيام بتعبئة شعبية عامة في جميع البلدان العربية للتضامن مع أهل غزة ولفك الحصار عنها ودعت هذه المؤتمرات في بيانها الذي أرجو أن يحظى باهتمام الناس إلى سلسلة تحركات ونشاطات ومواقف إبتداءً من يوم الجمعة القادم إن شاء الله نحن في حزب الله وفي المقاومة الإسلامية في لبنان ندعو إلى أوسع استجابة شعبية ممكنة مع هذه الدعوات وعلى امتداد العالمين العربي والإسلامي ونعتبر أن هذا هو الحد الأدنى من ما يجب القيام به في هذا السبيل ومن أجل تحقيق هذا الهدف من الطبيعي أن نتوجه وكما ورد في البيان بالمناشدة إلى الإخوة في مصر إلى القيادة المصرية والحكومة المصرية ونناشدها جميعا فتح معبر رفح أمام أهل غزة وبشكل دائم ونهائي, إننا نطالبها بهذه الخطوة التاريخية والشجاعة وستحفظ الأمة والتاريخ للقيادة المصرية هذا الموقف. إن الإلتزام بالاتفاقيات حول المعابر ليس له أي أساس إنساني أو أخلاقي أو ديني أو حتى قانوني إذا كان يؤدي إلى كارثة إنسانية كبرى وإذا كان نتيجته جريمة حرب بمستوى ما يحصل في قطاع غزة أنا أقول للمسؤولين المصريين نعم أيها الإخوة الزمن ليس زمن مزايدات ولا يريد أحد هنا أو هناك أن يسجل نقاط على أحد هنا أو هناك ولكننا أمام حقيقة مؤلمة جدا هناك المئات من المرضى يموتون في غزة وهناك مئات الآلاف يعيشون في الظلام والجوع, وهذا يتطلب موقفا تاريخيا مسؤولا منكم, والأمة كلها ستكون إلى جانبكم لو اتخذتم هذا الموقف, وان منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية مدعوتان إلى الوقوف إلى جانب مصر لو اتخذت خطوة من هذا النوع أمام أي مساءلة مفترضة من احد من طواغيت هذا العالم. أيها الإخوة والأخوات اليوم مسؤوليتنا جميعا أن نتحرك وان نواصل العمل. يبدأ التحرك يوم الجمعة لا لينتهي يوم الجمعة وإنما يجب أن يكون يوم الجمعة بداية التحرك لنتحمل فيها المسؤولية من اجل فك الحصار عن أهلنا في غزة وتثبيت هذا الموقع الأساسي والمهم في القضية الفلسطينية المركزية, اليوم نخاطبكم ونخاطب الناس والمسلمين العرب من الموقع الإنساني ومن الموقع الإسلامي ومن الموقع العربي, من الموقع الإنساني نخاطب العالم كله والبشرية كلها وكل أتباع الديانات السماوية بالخصوص وبالأخص المسيحيين الذين يحتفلون في الأيام المقبلة بولادة السيد المسيح المخلص عليه الصلوات والسلام, من الموقع الإنساني نطالب الجميع الذين يحتفلون اليوم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعد ستين عاما, ونقول لهم يوجد مليون ونصف المليون إنسان في غزة يواجهون الجوع والمرض والخطر والموت لكل من يؤمن بكرامة الإنسان والقيم الإنسانية وحقوق الإنسان نوجه هذا النداء, وهذا النداء يعني ان يوجه لكل المرجعيات الدينية والسياسية والثقافية والحقوقية والانسانية في العالم . من الفاتيكان إلى كل الكنائس إلى كل الأطر والى كل المرجعيات وأنا اسأل هنا هل يرضى السيد المسيح "ع" بان يحاصر مليون ونصف المليون إنسان وذنبهم أنهم يتمسكون بأرضهم وحقهم, أخاطب المسلمين المليار وما يزيد عن المليار مسلم المنتشرين في شتى أنحاء هذا العالم وأقول لهم أيها المسلمون: نحن جميعا نقول إننا ننتمي إلى دين محمد رسول الله الأعظم "ص" إلى دين خاتم النبيين وهو الذي قال لنا "المسلم أخ المسلم" وهو الذي قال لنا :"المسلمون كالجسد واحد", وهو الذي قال لنا : "من اصبح وامسى ولم يهتم لأمور المسلمين فليس بمسلم", وهو الذي قال لنا : "من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين ولم يجبه فليس بمسلم". أيها المسلمون إن ديننا هو دين إغاثة الملهوف وهو دين نصرة المظلوم, واليوم مليون ونصف المليون مسلم في قطاع غزة, يناشدوننا وينادوننا ويطالبوننا ان نكون إلى جانبهم, أليس من واجبنا الديني والشرعي والإسلامي أن نتخذ الموقف المناسب, اليوم يحتفي ويحتفل المسلمون في شتى أقطار العالم بالحجاج العائدين سالمين غانمين من بيت الله الحرام, إن هذا الواجب واجب النصرة لشعبنا في غزة ولأهلنا في فلسطين لا يقل أهمية وقيمة دينية عن الحج إلى بيت الله الحرام, بل هو التعبير الحقيقي والصادق عن صحة هذا الحج ومقبولية هذا الحج عند الله سبحانه وتعالى, لكل اؤلئك الذين رجموا الشياطين في منى, لكل اؤلئك الذين احرموا ووقفوا وعبروا ووحدوا وعبدوا وصلوا وصاموا وعطشوا وجاعوا في موسم الحج أقول لهم , إن حجكم يعبر عن نفسه هنا يوم الجمعة وما بعد يوم الجمعة, في موقفكم, في صرختكم, لحضوركم في الشارع في تأييدكم لهذا الشعب في مطالبتكم للعالم كله بان يفك هذا الحصار عن المليون والنصف مليون مسلم من إخوانكم في الدين وفي الإيمان وأيضا, من الموقع القومي والعربي أوجه النداء إلى الأمة العربية والشعوب العربية إلى كل الذين يفخرون بعروبتهم إلى أي دين انتموا والى أي قطر انتسبوا ويتحدثون عن انتمائهم العربي عن الشهامة والفروسية والشجاعة والوقفة البطولية أقول لهم : أين هو اليوم هذا الإحساس العربي وهذه الشهامة العربية وهذه الفروسية العربية, ومليون ونصف مليون إنسان عربي في قطاع غزة يحاصرون بالظلام والجوع والمرض والخطر والتهديد بالعملية العسكرية في إطار المزايدات الصهيونية على أبواب الانتخابات الإسرائيلية. أيها الإخوة والأخوات من الموقع الإنساني إن كنا بشرا, ومن الموقع الرسالي الديني النبوي إن كنا أتباع أنبياء ومن الموقع الإسلامي إن كنا مسلمين على دين محمد (ص), ومن الموقع العروبي إن كنا حقا عربا كما ندّعي ادعوكم جميعا للاستجابة إلى نداء هذه المؤتمرات والى نداء أهل غزة وشعب غزة على امتداد العالمين العربي والإسلامي, ونحن في لبنان إن شاء الله سنقوم بهذا الواجب الذي قلت واعتبره الحدّ الأدنى والذي لا يسقط عنا بقية التكليف لأنني اقترح أن تقوم هيئة التنسيق بين هذه المؤتمرات بالإضافة إلى ممثلين عن بقية حركات المقاومة بالتلاقي والتدارس والتفكير المشترك والتخطيط الشامل لمواصلة العمل في شتى المجالات ولا نكتفي بما يمكن أن نقوم به في الأيام القليلة المقبلة. في لبنان إنني أدعو الجميع , القصة هنا هي قصة الإنسانية وقصة القيم الإنسانية وحقوق الإنسان وكرامة الإنسان وإخواننا في الدم وإخواننا في الدين, ليس موضوع 8 آذار و14 آذار وهذه الطائفة أو تلك الطائفة, القضية اليوم هي ادعى ما تكون لدعوة الأمة كلها باختلاف دياناتها وطوائفها ومذاهبها للتوحّد في تحمّل هذه المسؤولية الإنسانية والدينية والإلهية والتاريخية. في لبنان أدعو الجميع إلى التعبير عن هذا الموقف يوم الجمعة, نحن في حزب الله إن شاء الله في المدن الرئيسية, في مراكز الاقضية سوف نسعى بالتعاون بقية الإخوة والأصدقاء لإقامة اجتماعات واعتصامات متنوعة وسننظّم مظاهرة رئيسية, تظاهرة شعبية رئيسية في الضاحية الجنوبية, وهنا أنا لا اطلب من أهل المناطق أن يأتوا إلى الضاحية, أنا اطلب منهم أن يشاركوا في الاجتماعات والاعتصامات التي تقام في مدنهم الرئيسية ولكنني أوجّه الدعوة لأهلنا في بيروت, لضواحي بيروت, لأهلنا في الضاحية الجنوبية, الضاحية التي تعرضت للعدوان على مدى 33 يوما ودُمّرت وصمدت وقاومت وكل أملها أن تكتب في تاريخ هذه الأمة وقفة صمود وعزّ وجهاد وثبات وعناد. يا أهلنا في الضاحية, يا أهلنا في بيروت, يا أهلنا في الضواحي, ها هم أهلكم في غزة, الصامدون, المقاومون, الثابتون, عيونهم مشدودة إليكم والى كل شعوب عالمنا العربي والإسلامي, ادعوكم إن شاء الله للمشاركة الواسعة والكبيرة والفعّالة والحيوية والقوية في يوم الجمعة عند الساعة الثانية بعد الظهر في مظاهرة التأييد والدعم والمساندة والمطالبة والمناشدة لفكّ الحصار عن أهلنا في غزة ولمظاهرة التأييد لخيار الصمود والمقاومة والثبات والتمسّك بالحقوق وعدم التنازل عنها, أياً تكن التهديدات والتضحيات والصعوبات وانتم أهلٌ كما كنتم دائما أهلاً لتلبية النداء, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.