ارشيف من :آراء وتحليلات

نقطة حبر: مقام العلم

نقطة حبر: مقام العلم
كتب حسن نعيم
لم يحظ طلبة العلم في الأديان السماوية المختلفة والمذاهب الفكرية المتنوعة بمثل ما حظوا به في الاسلام من احترام وتقدير.. فإلى الآيات القرآنية الكثيرة التي ترفعهم درجات وتتساءل إذا ما كانوا يستوون مع الذين لا يعلمون, ثمة أنهار من الأحاديث الشريفة التي تمجّد العلم وترفع طالبيه الى مقام الوريث الفكري للأنبياء. فالشاخص في طلب العلم كالمجاهد في سبيل الله, تستغفر له حيتان البحر, وهوام الأرض, وسباع البر وأنعامه, والله يتكفل برزقه, وأجره يعطى له في الآخرة مع النبيين, حتى إذا وافته المنية وهو يجدّ في طلب العلم، وإذا أدركه الموت وهو يتعلم, مات وهو شهيد, وليس بينه وبين الأنبياء سوى درجة واحدة. وتذهب الأحاديث النبوية الى أبعد من ذلك, لتعتبر أن طلب العلم فريضة على كل مسلم, داعية الى تكبد العناء من أجله حتى ولو كان في الصين.
وثمة أحاديث تضع الإنسان المسلم إزاء خيارين لا ثالث لهما، إما أن يكون متعلماً أو معلماً: "أغدوا عالماً أو متعلماً ولا تكن ثالثاً فتهلك".
هذا ما حفلت به أدبيات الإسلام بشأن طلبة العلم.. ولسنا هنا في صدد جمع كل ما قيل في شأن طلبة العلم في الاسلام, لتعذر ذلك في هذا المقام, ولكن المفارقة المؤلمة أنه إزاء كل هذا الحشد من الأحاديث الشريفة الحاضّة على التعلم, نجد كل هذا الجفاء بين المسلمين والعلم, فأمة اقرأ لا تقرأ, والأرقام التي يقدمها الناشرون عندنا عن أعداد النسخ التي يطبعونها ـ فضلاً عن أنها مخجلة ـ تشعرنا بالخوف الحقيقي على صناعة الكتاب.. لماذا كل هذا الجفاء؟ سؤال لا ينتظر الجواب فحسب, وإنما يضعنا على حافّة الفجوة القائمة بين الدول الصناعية والدول النامية التي نتشرف بالانضمام إليها.
الانتقاد/ العدد 1323 ـ 16 كانون الاول/ ديسمبر 2008
2008-12-16