ارشيف من :آراء وتحليلات

مجرد كلمة: منتظر يسقط تمثال بوش

مجرد كلمة: منتظر يسقط تمثال بوش
كتب أمير قانصوه
ما فعله منتظر الزيدي هو أقل مما كان يتمنى القيام به أي مواطن عربي أو أي حرّ في العالم، ومع ذلك فإن ما فعله سيبقى حاضراً في التاريخ ولا سيما أن الحذاءين اللذين أخطآ رأس الطاغية بوش جاءا ليكللا مسيرته الإجرامية بحق شعوب المنطقة، ومنها الشعب العراقي.. وبمثابة وداع شعبي له في رحلته التقاعدية.
واذا ما أراد أي متابع أن يراجع ما فعله الرئيس الأميركي جورج بوش وادارته في العراق والعالم العربي بالتحديد، فلن يجد غير القتل والإجرام وسياسة الارهاب والسعي بكل الوسائل العسكرية والسياسية لسلب خيرات هذه المنطقة وجعلها رهينة لمشروعه في الهيمنة على مقدراتنا.
فما الذي فعلته ادارة بوش في العراق الذي أرادته نموذجاً لديمقراطيتها، غير القتل والترهيب والتقسيم وتحويل أهله الى قوى متخاصمة متناحرة.
ان أهم ما عرفه جورج بوش بعد أن استفاق من "غيبوبة الحذاءين" هو حجم الكره الذي يلقاه في العراق كما على امتداد العالم، فالتأييد التي حظيت به ضربة منتظر الموفقة وتأسف الكثيرين حول العالم لعدم إصابة الحذاءين أو على الأقل أحدهما لرأس بوش، وتمنّي الكثيرين لو أنهم كانوا مكان الزيدي ولو أنهم ملكوا الجرأة التي ملكها، كلها دلائل تكشف عن الموقع الحقيقي الذي يتموضع به الرئيس الأميركي، وهو موقع ملاصق لأحذية الشرفاء والأحرار في العالم.
حتى أن الكثيرين ربما كانوا يتمنون لبوش ما هو أكثر من حذاءين، حتى تشفى قلوبٌ أحرقتها رصاصات جنوده، وحتى تسلم عين أثكلتها صواريخ طائراته، وحتى يعلم خلَفه ومن يسير من الحكام بركب بوش ويلحق بسياسته أن هناك الكثيرين ممن يملكون جرأة منتظر وينتظرون اللحظة التي يعيدون فيها للأمة كرامتها المسلوبة ولو بالتعبير الرمزي الذي أجاد منتظر الزيدي في صياغته. لقد استطاع الزيدي بضربته أن يقدم للعالم صورة جديدة من عراق ما بعد الاتفاقية الامنية، سترسم اتجاهاً آخر لما حاولت الدعاية الاميركية ترسيخه في وعي شعوب المنطقة منذ قررت غزو العراق، وصورة الحذاءين يطيران باتجاه رأس بوش هو المشهد الذي سيقلب ميزان الرأي العام.. وربما من حيث دلالته يوازي اسقاط جنود الاحتلال الاميركي لتمثال صدام حسين في بغداد ورفع العلم الاميركي، وهي الصورة التي أرادتها الادارة الاميركية وظلت سائدة حتى يوم الأحد الماضي.   
بوركت يد الزيدي الحرّة التي خطت بالموقف أبلغ مما قد تخطه الأقلام، وبوركت كل الأصوات التي هللت وأيدت اسقاط تمثال الطاغية بوش..
 وليعلم الزميل منتظر أن كل الأغلال التي وضعت بيديه لن تحجب عن العالم صرخة الحرية التي أطلقها في محضر أكبر طغاة الأرض.
الانتقاد/ العدد 1323 ـ 16 كانون الاول/ ديسمبر 2008
2008-12-16