ارشيف من :آراء وتحليلات

أسباب كثيرة لقلق فريق 14 آذار: لماذا الانتخابات النيابية مصيرية بالنسبة اليه؟

أسباب كثيرة لقلق فريق 14 آذار: لماذا الانتخابات النيابية مصيرية بالنسبة اليه؟
كتب مصطفى الحاج علي
عودة التوتر والسخونة إلى الخطاب السياسي والإعلامي بين الموالاة والمعارضة، يعكس الى حدّ بعيد حجم القلق وعدم الاطمئنان الذي يحفر عميقاً في نفوس الطرفين، وإن كان عند الموالاة أكثر، وهذا ما يتجلى بوضوح في التالي:
أولاً: ردود الفعل العصابية التي سجلها فريق 14 آذار على زيارة الرئيس عون إلى سوريا، فبالرغم من محاولة هذا الفريق تصوير الزيارة بمثابة خسارة سياسية وانتخابية لعون، إلا أن من يتأمل في مضمون وأسلوب المواقف منها، يظهر له بسهولة أن المسألة غير ذلك تماماً، ولدرجة أن البعض من هؤلاء لم يتردد في ذكر وتعداد حجم المكاسب التي يمكن، أو أن عون قد عاد بها بالفعل.
ثانياً: كثرة من يحجون اليوم من فريق 14 آذار إلى واشنطن، وبهدف واحد هو الحصول على ما يطمئنهم بالنسبة إلى ما ستعتمده إدارة أوباما من سياسة جديدة، ليس فقط إزاء لبنان، وإنما أيضاً باتجاه سوريا وإيران.
ثالثاً: الرسائل التي يتلقاها فريق 14 آذار من المواقف المعلنة اليوم سواء للرئيس الأميركي الجديد المنتخب، أم تلك الصادرة من كبار المفكرين والاستراتيجيين الذين ستكون لهم اليد الطولى في تحديد مقاربات الإدارة الجديدة لملفات المنطقة، والعلاقة مع دولها المركزية.
وفي هذا الإطار، ثمة إجماع أن لدى أوباما مقاربة جديدة للعلاقة مع سوريا، ومع إيران، وهي ـ على الأقل ـ تتجاوز سياسة القوة المفرطة التي كانت تعتمدها إدارة بوش، باتجاه سياسة تمزج بين الديبلوماسية والعقوبات، ما يعني ضمناً، فتح الطريق واسعاً أمام عقد طاولات التفاوض تمهيداً لصياغة التسويات الممكنة.
رابعاً: النمط المتسارع الذي تتخذه عملية تطبيع العلاقات اللبنانية ـ السورية، والذي من المتوقع أن يتوج نهاية هذا العام بالإعلان عن أماكن السفارتين في لبنان وسوريا، وربما أيضاً، بحسب ما تفيد معلومات محددة، أن يتم الإعلان أيضاً عن اسمي السفيرين: هذا النمط المتسارع من التطبيع يقلق فريق 14 آذار لأكثر من سبب، أبرزها:
أ ـ أنه يسحب من أيديه ورقة أو مادة انتخابية يريد استثمارها في تعويم نفسه انتخابياً.
ب ـ أن تسوية العلاقات اللبنانية ـ السورية تحرم هذا الفريق ورقة دور في مواجهة سوريا، كما تحرمه من ورقة تحريض ضدها، وفي الآن نفسه، تحرم حلفاءه الإقليميين والدوليين من ورقة ابتزاز لسوريا، لدفعها لتقديم تنازلات في أكثر من نقطة مهمة.
ج ـ إن تسوية العلاقات اللبنانية ـ السورية قبل انطلاق عمل المحكمة ذات الطابع الدولي، هو ما يشبه صك براءة مسبق لها من كل الاتهامات السياسية التي أصدرها فريق 14 آذار بحقها، وتحديداً في ما يتعلق بملف الاغتيالات، فهذا الفريق يدرك، أن تطبيع العلاقات اللبنانية ـ السورية الآن هو بمثابة تعرية وفضح لكل أكاذيبه وافتراءاته بحق سوريا.
خامساً: الرسائل التي تلقاها فريق 14 آذار مباشرة ممن التقوهم في واشنطن، والذين من المتوقع أن يلعبوا دوراً مهماً في إدارة أوباما، ومفادها أنه عليهم أن لا يبالغوا كثيراً بالموقع الاستراتيجي للبنان في الحسابات الأميركية، وأن عليهم أن يعملوا هم بأنفسهم على فرض وجودهم، لا سيما من خلال الانتخابات النيابية المقبلة.
سادساً: لا يمكن لفريق 14 آذار أن يطمئن وهو يرى مثلاً أن أولويات أوباما ستكون إطلاق التفاوض على المسارين: الفلسطيني ـ الإسرائيلي، والسوري ـ الإسرائيلي. وإذا كان لبنان عموماً معني بالمسار الأول في ما يتعلق بملف اللاجئين استناداً إلى السعي الحثيث لتوطينهم في لبنان، لا سيما بعد الدعوة الأخيرة لوزيرة الخارجية الإسرائيلية إلى تهجير فلسطينيي 1948، فإن ما يخشاه فريق 14 آذار أكثر هو انطلاق عجلة التسوية على المسار السوري ـ الإسرائيلي، حيث يمكن أن يتحول لبنان حينئذٍ بالفعل إلى قطع غيار في لعبة التفاوض هذه.
سابعاً: تحول اتفاق الطائف إلى نقطة خلاف وسجال داخلية، وسط التجاذب بين من يدعو إلى تعديله أو تطويره، ومن يدعو إلى الاحتفاظ به كما هو، ومن يدعو إلى تطبيقه كما هو، ومن ثم العمل على تغييره لاحقاً.
والدعوة هنا، تتجاوز هذه المادة أو تلك إلى المضمون السياسي لها، أي بما هي دعوة إلى انتاج تسوية جديدة ترتكز إلى توازنات ومعادلات جديدة سواء ببعدها الإقليمي أو ببعدها المحلي.
إزاء كل ما تقدم، بات واضحاً،  لماذا يعتبر فريق 14 آذار الانتخابات النيابية القادمة، انتخابات مفصلية، أو مصيرية، ذلك أنه في ضوء نتائج هذه الانتخابات ستحسم أمور كثيرة أبرزها:
ـ موقع لبنان السياسي، فإما أن يجذبه فريق 14 آذار إلى الفلك الأميركي، وإما أن يجذب إلى الفلك المقاوم للمشروع الأميركي.
ـ موقع ودور فريق 14 آذار، أي هل يبقى لهذا الفريق مبرر سياسي للبقاء، أم تكون نهاية الطريق بالنسبة له.
ـ التغيير السياسي الواجب حدوثه، أو أن يعمل كما الآن على استخدام الطائف لمصلحة التأويل الأميركي المعتمد من قبل فريق 14 آذار.
إذا كانت الانتخابات النيابية مصيرية إلى هذه الدرجة بالنسبة لفريق 14 آذار فليس غريباً أبداً أن نتوقع منه أن يفعل ما لا يفعل، وأن يستخدم كل الأسلحة المحرمة فيها؟
الانتقاد/ العدد 1323 ـ 16 كانون الاول/ ديسمبر 2008
2008-12-16