ارشيف من :أخبار لبنانية

"الأخبار" تكشف "فضيحة" السنيورة: مصرف لبنان لا يستطيع قرض الحكومة بضمانة جهات أجنبية

"الأخبار" تكشف "فضيحة" السنيورة: مصرف لبنان لا يستطيع قرض الحكومة بضمانة جهات أجنبية

ذكرت صحيفة "الأخبار"، اليوم، أن النواب لم يتوقفوا كثيراً في جلستهم أمس، عند خطورة ما قاله رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في سياق تبريراته لعدم استكمال دفع تعويضات المتضررين في حرب تموز، إذ صرّح بأن "الحكومة استدانت من مصرف لبنان بناءً على ضمانة الأموال السعودية المودعة لدى مصرف لبنان لتنفيذ الإغاثة السريعة وتأمين الدفعة الأولى للمتضررين"، وبدا لاحقاً أن أحداً لم يفهم ما عناه.
وأوضحت "الاخبار" أنّ ما قاله السنيورة أمس يتجاوز بدلالاته كل ذلك، ويفتح الباب أمام أسئلة كثيرة وكبيرة، بل إن بعض المصادر المطّلعة تذهب إلى حدّ نفي صحّة الواقعة نفسها، أي أن تكون الحكومة قد استدانت من مصرف لبنان بضمانة الأموال السعودية، فهذه الواقعة لا أساس لها ولا مسوّغ قانونيّاً لها وهي أصلاً تنتهك المبدأ السيادي إذا حصلت.
ويوضح الخبير المعروف والشديد الاطّلاع، شربل نحاس، للصحيفة أن مصدر الاستغراب "يكمن في أن الحكومة تلجأ دائماً إلى الاستدانة من مصرف لبنان، خلافاً لقانون النقد والتسليف الذي يتضمّن موادّ وأحكاماً عدة تمنع ذلك إلا في حالات استثنائية موصوفة ومحدّدة، أي أن هذه ليست المرة الأولى، إذ توجد ديون قائمة بقيمة 10 آلاف مليار ليرة لمصرف لبنان على الحكومة، وسبق لمصرف لبنان أن شطب ديوناً للحكومة بقيمة مماثلة بحجّة ما يسمى "فروقات سعر الذهب"، علماً بأن الذهب لدى مصرف لبنان مجمّد ولا ينتج أرباحاً.
ويشير نحّاس أيضاً إلى أن هذه الاستدانة تنطوي على خلق نقد بالليرة اللبنانية، ما يزيد الكلفة النقدية ويرفع الأسعار، الأمر الذي يمكن وصفه بالضريبة الصامتة، وهذا ما دفع أصلاً صندوق النقد الدولي إلى التحذير من مخاطره في معظم تقاريره عن لبنان.
ووفقاً لـ"الأخبار"، فلا علاقة إذاً إطلاقاً، ولا بأيّ شكل من الأشكال بين ما تنفقه الهيئة العليا للإغاثة، واستدانة الحكومة من مصرف لبنان، ووجود وديعة أو هبة سعودية لدى مصرف لبنان، وذلك للأسباب الآتية:
أولاً ـ إن هذا النوع من الاستدانة هو وسيلة ملتوية للتمويل معتمدة منذ سنوات طويلة ولم تتورّع الحكومة عن استخدامها عند كل حاجة تمويلية طارئة أو غير طارئة. 
ثانياً- إذا كان المقصود الوديعة السعودية، فهي موجودة لدى مصرف لبنان منذ 1997 إلى جانب ودائع دول الكويت والإمارات...
ثالثاً- إن هذه الأموال السعودية (الوديعة أو الهبة) هي بالعملة الأجنبية، بينما استدانة الحكومة من مصرف لبنان هي بالليرة اللبنانية، ما يفقد أي رابط مباشر بينهما. رابعاً- إن استدانة الدولة من مصرف لبنان المركزي هي مسألة سيادية تتصل بصلاحية السلطة النقدية في طبع العملة المحلية، وبالتالي ليس هناك أي مسوّغ يفسّر ما قاله السنيورة لجهة الاستدانة من مصرف لبنان بضمانة الأموال السعودية. خامساً- إن قيام طرف أجنبي بإيداع أموال لدى المصرف المركزي بالعملة الأجنبية هدفه المساهمة في دعم الاحتياطات الأجنبية، وتخفيف الضغوط على العملة المحلية، وبما أن استدانة الحكومة من مصرف لبنان تنطوي على عملية خلق نقد، الأمر الذي يؤدّي إلى تضخّم وبالتالي يزيد الضغوط على سعر الصرف، فإن دور هذه الأموال ينحصر في وظيفتها الوحيدة أي تدعيم احتياطات مصرف لبنان في مواجهة الضغوط النقدية، وليس ضمانة الاستدانة نفسها.

2008-12-19