ارشيف من :آراء وتحليلات

باختصار: مشهد بوش الديمقراطي

باختصار: مشهد بوش الديمقراطي
كتب محمد يونس
عندما قذف الصحافي العراقي منتظر الزيدي بحذائه صوب رأس الرئيس الأميركي جورج بوش وكاد يصيبه، صرح بوش مفتخراً "انه مشهد لا يحصل إلا في ظل الأنظمة الديمقراطية"، في إشارة إلى ما قامت به بلاده من إرساء "نظام ديمقراطي في أرض ما بين النهرين".
ولا يظنن أحد أن المقصود بكلام بوش هو مشهد قذف الحذاء، إذ ليس  لبوش أي علاقة لا بالسيناريو ولا بالإخراج، لأن المشهد مقتطع من حيث يعاني الملايين من نزعات راعي البقر وفريقه. أما ما عناه رئيس اليانكي، فهو مشاهد الانهيال ضربا على الصحافي الذي كسرت أضلاعه ويده وسالت دماؤه على المسرح ذاته، وما تبع ذلك في الأقبية المظلمة.
فالديمقراطية التي ينظرون لها هي الديمقراطية التي تنحصر فقط بين حدين، التأييد الأعمى للنظام والتأييد الأصم له، وما خرج عن هذين الحدين خرج عن الديمقراطية، وبالتالي أصبح عرضة لكل ما يخطر في بال مجرم أراق دماء الأطفال والنساء والشيوخ، وجوع أكثر من مليون ونصف مليون إنسان.
إن ما جرى مع الصحافي البطل على أيدي أبناء جلدته يندى له الجبين، ففي إشارة الى حالته وما تعرض له، تذكر وسائل الإعلام أن قاضي التحقيق ذهب إليه في سجنه لأخذ أقواله بدل أن يُجلب البطل إلى غرفة المحكمة!! نعم لقد برهن النظام الذي نصبه بوش في العراق على ديمقراطيته المطلقة، لدرجة أن بوش نفسه دعاهم إلى عدم المبالغة في رد الفعل "الديمقراطي".
كل مشهد وله أفول، بعض المشاهد تدوم طويلا وبعضها يكون قصيرا، إلى درجة أن أحداً لن يذكرها مهما تجبر أصحابها وتفرعنوا. وبوش هذا غزا العالم كله، وأوصل الأميركيين إلى ما لم يوصلهم أحد قبله اليه، لكن التاريخ لن يذكره بعد الآن إلا والحذاء معه.
هذا هو المشهد الديمقراطي.
الانتقاد/ العدد 1324 ـ 19 كانون الاول/ ديسمبر 2008
2008-12-19