ارشيف من :أخبار لبنانية

النائب حردان تسلم رئاسة الحزب القومي من قانصو وأعلن أن القضية ليست تشكيل حكومة بل مسألة موقف لبنان وخياراته الاستراتيجية

النائب حردان تسلم رئاسة الحزب القومي من قانصو وأعلن أن القضية ليست تشكيل حكومة بل مسألة موقف لبنان وخياراته الاستراتيجية

تسلم الرئيس المنتخب للحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان من الرئيس السابق علي قانصو, في مؤتمر صحافي عقد في قاعة الشهيد خالد علوان - "البريستول".

استهل المؤتمر بالوقوف دقيقة صمت عن أرواح شهداء الحزب والمقاومة, ثم ألقى الرئيس السابق للحزب قانصو كلمة قال فيها: "بكل ثقة وطمأنينة، وبكل اعتزاز، وأمل ورهان، أسلم اليوم الأمانة، رئاسة الحزب، إلى الرئيس الجديد، المعروف من الجميع".

واستغرب "لماذا قرأ البعض مجيء أسعد حردان إلى رئاسة الحزب على أنه إعلان حرب"، وقال: "ألا يدري هذا البعض، أن الحزب السوري القومي الاجتماعي، هو حزب سلام، سلام المجتمع مع نفسه، المبني على الاخوة القومية، لا على تكاذب أمراء الطوائف والمذاهب، وحرب الحزب الدائمة هي حربه ضد العدو اليهودي وليس لنا من عدو إلاه، كما أن المواجهة الدائمة التي يخوضها الحزب منذ تأسيسه هي بوجه كل ما يفجر وحدة المجتمع، ويهدد سلامه وسلامته، وفي الطليعة العصبيات المذهبية والطائفية، لكنها مواجهة مدنية، ثقافية وسياسية، تقوم على التفاعل، وعلى الحوار، وعلى الإقناع، وغرضها الارتقاء بالانتماء، ليستوي انتماء إلى الوطن، إلى القضية الجامعة".

اضاف: "يعرف الرأي العام، أن رئاسة الحزب ليست موقعا للشهرة، بل هي موقع متقدم للنضال، وطبيعي جدا ألا يصل إليها وينجح فيها إلا المناضلون، الرؤيويون والمؤمنون حقا بأن قضية الحزب، قضية النهوض بشعبنا وارتقائه، تساوي وجودهم. ورئاسة الحزب لم تكن في تاريخنا، حكرا على فرد، أو موقعا يرثه الأبناء من الآباء، فليس من حزب لا في لبنان ولا في كل المشرق ولا في العالم العربي، عرف هذا العدد من الرؤساء الذي عرفه حزبنا، ودائما تنتقل الرئاسة من قائد إلى آخر، بكل ديموقراطية وسلاسة. وبين عهد رئيس وعهد رئيس آخر، اتصال لا انقطاع، فالرئيس الخلف يضيف إلى إنجازات السلف، لتتراكم الإنجازات وتشكل قاعدة لانتصار الأهداف الكبرى لحزبنا".

النائب حردان
ثم ألقى النائب حردان كلمة أعلن فيها الخطوط العريضة لخطة الحزب السياسية, ومما قال: "كان التغيير في قيادات حزبنا يتم على قاعدة المؤسسات الواحدة المستمرة، لكن المؤسسات مدلولها البرامج والمشاريع لا الأشخاص والأفراد، بل إن ما يميز المؤسسة عن الفرد يعود إلى كون المؤسسة ذات استمرارية ورسوخ ليسا للفرد مهما عظم شأنه. من هنا أهمية المؤتمرات التي يعقدها حزبنا في شكل دوري، بوصف المؤتمر مؤسسة دستورية تنبثق عنها قيادة شرعية يختارها القوميون الاجتماعيون بإرادتهم ووعيهم وعقلهم المعياري".

ونوه ب"الكفاءة والشجاعة التي قاد بها الحزب الرئيس السابق قانصو، في إحدى أخطر المراحل وأكثرها حساسية ودقة"، وحيا "جميع مناضلي الحزب وقيادييه الذين أعطوا وضحوا وساهموا في تعزيز وضع الحزب ومواقعه".
ودعا "الرفاق في مختلف الفروع الحزبية، في الوطن والمغتربات على حد سواء، أن ينخرطوا في ورشة العمل الجادة التي سينهض بها حزبهم، بدءا من هذه اللحظة التموزية التي يمثلها شهر الاستشهاد والتضحية والفداء".

وقال: "خير ما نستهل به هذا اللقاء هو تحية للأسرى الذين سنستقبلهم محررين بيننا في الأيام المقبلة، وتهنئة شعبنا كله بهذا الإنجاز الذي حققته المقاومة تنفيذا للوعد الذي قطعه السيد حسن نصرالله. إننا نشارك الأسرى وذويهم فرحتهم بعودة مناضلين إلى ساحات الجهاد بعد طول انتظار، كما نشارك أهالي الشهداء مشاعرهم التي لا توصف باستقبال الجثامين. إن هذا الإنجاز نصر يضاف إلى انتصارات المقاومة وهو مدعاة اعتزاز وطني وقومي، وقيمته التعبيرية أنه ثمرة نضالات شعبنا ومقاومينا، وهو يرمز إلى استعادة الحق وانتصار معادلة المقاومة".

اضاف: "ان الاستحقاق الدستوري الذي أنجزه حزبنا في سياق مؤتمره العام الذي انبثقت منه هيئة جديدة للمجلس الأعلى انتخبت بدورها رئيسا جديدا للحزب الذي أنجز هو نتيجة عملية ديموقراطية دستورية طبيعية ميزت حزبنا، تاريخيا، وعكست نموذجا حيا ومتقدما في العالم العربي وعموم الشرق في عملية انبثاق السلطة وتداولها. وفي شهر تموز، شهر التضحيات والشهداء، شهر العدوانات المتكررة منذ اغتصاب فلسطين عام 1948 إلى 1949 إلى 2006 نوجه تحية إكبار واعتزاز إلى المقاومين المنتصرين على العدوان بالدم والإرادة والعلم والقيادة النوعية. لقد ثبت، من قلب الإعصار القائم الذي يلف أمتنا والمنطقة، أن المقاومة البطلة قد انتصرت، وأن العدو قد انهزم وفي هذه الحقيقة الثابتة تكمن نقطة التحول الكبرى في تاريخ صراعنا مع العدو الإسرائيلي، وإن كانت المعركة لم تنته بعد".

وتابع: "تعصف ببلادنا أنواء مشروع معاد ومزدوج، هو المشروع الأميركي ـ الإسرائيلي الذي تقوم أولوياته على صون أمن العدو وتحقيق تفوقه الدائم ماديا ومعنويا، عسكريا وسياسيا واقتصاديا، وهذا المشروع يقوم على اغتصاب الأرض وإذلال الشعب وإلغاء حقه في أرضه ووطنه، والسيطرة على خيرات الأمة، وتبديل أولويات أبنائها من خلال تقديم التصادم المتنقل والاحتراب المتواصل على أولوية التضامن والتعاضد والتوحد. كما تقوم أولويات المشروع المعادي على إبقاء النفط سلعة استراتيجية طيعة في يد الإمبراطورية الأميركية وحلفائها".

وأشار الى "ان الحزب القومي الذي تأسس على قاعدة الفكرة القومية والعقيدة القومية الاجتماعية الوحدوية وعلى رفض الأمر المفعول، يعي برؤيته الاستشرافية الجذرية ضخامة المؤامرة واستهدافاتها، وهو مصمم على لعب دوره كاملا في عملية الإنقاذ"، وقال: "ان خطة التفتيت المرسومة ضد شعبنا ووطننا يراد منها القضاء على نبض الحياة في الأمة، وعلى معالم التمرد وروح المقاومة في المجتمع، وهي خطة تفكيكية تفتيتية لن يقيض لها النجاح لأننا نثق بقيم شعبنا الوطنية التوحيدية، ونثق بقدرات أمتنا وبعزمها على الانتصار في معركة الوجود التي فرضت عليها. وإنني اليوم، وفي شهر الفداء والوفاء أدعو شعبنا إلى الاعتصام بمبادىء وحدته للانتصار الفاصل على مشروع تفتيته وتمزيقه".

اضاف: "إن الحزب السوري القومي الاجتماعي أدرك منذ تأسيسه مركزية الشأن القومي الوحدوي. وفي فلسفة نشوئه ان فقدان السيادة القومية هو الذي جلب على أمتنا الويل بعد الويل. وإن من مهام الحركة القومية الاجتماعية بل في صلبها أن تستعيد أمتنا سيادتها على أرضها ووطنها، كاملة غير منقوصة.

أولا - في لبنان:
تنص التعاليم التأسيسية لحزبنا على أن لبنان يجب أن يبقى نطاق ضمان للفكر الحر، أي لحرية الرأي والمعتقد والتعبير، خصوصا متى حافظت تلك الحرية على وحدة المجتمع ووحدة الدولة ووحدة الشعب. وقد ساهمت الحركة القومية الاجتماعية في نهضة لبنان الفكرية والأدبية والشعرية والمسرحية وفي حركة الحداثة التي عم تأثيرها العالم العربي في المشرق والمغرب. كما ساهمت الحركة القومية الاجتماعية في النضال الميداني وفي المقاومة لاسترجاع الحق من العدو المغتصب، وفي ثقافة المقاومة وتعزيز عوامل الاستقرار والوحدة الوطنية في لبنان والحؤول دون تقسيمه طائفيا وتفتيته مذهبيا، والوقوف في وجه المشاريع الاستعمارية وأدواتها المشبوهة المكشوفة. وسيبقى الحزب في موقع المواجه للتهديدات التي تستهدف لبنان في وحدته واستقراره وارتقائه من خلال إضعاف مشروع الدولة، والنفخ في بوق الطائفية المؤججة لموروثات العهود الاستعمارية فيه تفكيكا وشرذمة وتشويها لمعنى المواطنية الحقيقية لدى مواطنيه، بهدف تحويله من بلد للاشعاع والإبداع والحرية والمقاومة، إلى بلد مجسد للذل والخنوع والتبعية والهجرة، فتهتز أركانه تمهيدا لسقوطه في مكامن الضعف، ليصبح عبئا على أهله ومواطنيه ومحيطه الطبيعي بدل أن يكون عامل قوة وشراع استنهاض.

إن قضيتنا في لبنان ليست قضية تشكيل حكومة، بل هي قضية شعب - قضية أمة. إنها ليست مسألة وزير يتسلم هذه الحقيبة أو تلك بمقدار ما هي مسألة موقف لبنان وموقعه وقراره وخياراته الاستراتيجية. إنها مسألة انتمائه وتوجهاته وبوصلته القومية. هكذا نقرأ المتغيرات على الساحة اللبنانية في السنوات الأخيرة. وهي متغيرات شاركت فيها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية عن سابق تصور وتصميم، ودخل على خطها العدو الإسرائيلي الذي دس السم في الدسم، ولعب على وتر الانقسامات اللبنانية الداخلية، لكن تلك الخطة المحبوكة الخبيثة تلقت ضربات موجعة ودروسا في صمود الشعب ومقاومته الشريفة وقواه الحية. إلا أن لبنان ما زال عرضة للمخطط المعادي والفتنة المتنقلة، الأمر الذي يستوجب اليقظة القصوى والشعور العالي بالمسؤولية الوطنية.

ويزيد من صعوبة الأزمة في لبنان أن المواطن يعاني عدم القدرة على تسديد حاجاته المعيشية والخدماتية وينوء تحت أعباء جائرة من الضرائب والرسوم والغلاء غير المضبوط. إن ثمة حاجة فعلية إلى خطة اقتصادية اجتماعية إنقاذية تعزز دور الدولة الرعائي الحاضن لجميع المواطنين وتقيم العدل الاجتماعي بما في ذلك ضمان الشيخوخة لجميع المواطنين ودونما تمييز. ان هناك حاجة أيضا إلى خطة إنمائية عامة هدفها تركيز الاقتصاد على أساس الإنتاج، وتأمين فرص العمل للطاقات الشابة وخريجي الجامعات والمعاهد الفنية، والحد من الهجرة التي باتت آفة كبيرة تستنزف الأدمغة والخبرات.

إن اتفاق الدوحة قد وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وهو اتفاق ذو بنود متكاملة ينبغي العمل على تطبيقها كاملة. لقد أيد حزبنا منذ البداية اتفاق الدوحة وأمل أن ينعكس ذلك انخفاضا في منسوب الخطاب الطائفي والتشنج المذهبي. وإن حزبنا يؤكد على موقعه التحالفي مع قوى المعارضة اللبنانية، التي تعمل على نزع الألغام السياسية والاقتصادية والطائفية والأمنية في الساحة اللبنانية، وعلى إرساء سلم أهلي قائم على قاعدة الوحدة الوطنية في السلطة الإجرائية، وفي السياسة الخارجية والسياسة الاقتصادية، وعلى حماية المقاومة اللبنانية باعتبارها عامل قوة وعزة وكرامة، وقدرة ردع ودفاع وتحرير.

ان حزبنا الساعي منذ تأسيسه إلى إقامة المجتمع اللاطائفي الموحد، يسره أن يعلن اليوم أنه في صدد تشكيل لجنته التحضيرية لعقد المؤتمر التأسيسي للتيار اللاطائفي الضامن للسلم الأهلي وللمقاومة. وهو يدعو النخب الفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، المؤمنة بالوحدة الاجتماعية والسلم الأهلي، ليكونوا معه في هذا المشروع الوطني الجامع، بحيث تصبح حياتنا في لبنان أكثر أمنا وأصلب عودا، وأسرع تقدما، وأوفر فرصا، وأنقى طرحا، وأصدق مسؤولية.

ثانيا - في الشام:
للشام في معجننا القومي نكهة السنابل ورحيق الياسمين. فيها ابتكر شعبنا أبجديته الأولى، ومنذ ذلك كانت أوغاريت وأخواتها المضيئات ينبوعا حضاريا للعالم كله، ولذلك قال مؤرخون كبار وعلماء آثار أجانب إن لكل إنسان وطنين: وطنه الأم وسوريا.
لقد أتيح لقلب الأمة النابض - منذ مطلع السبعينات - قيادة تاريخية دشنها ونهض بها القائد التاريخي حافظ الأسد. ثم حمل المشعل بكفاءة أصحاب القضية الرئيس المقاوم بشار الأسد. وقد وجد حزبنا في دمشق قلب الأمة النابض كرامة وممانعة وكبرياء. من هنا علاقته العضوية والاستراتيجية بعاصمة الثوابت. لقد ساد هذه العلاقة مناخ من الثقة والتقدير والنبل والترفع، تحكمه مصلحة الأمة العليا وقضيتها المقدسة. وقد جرى تمثيل حزبنا في القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية، وفي الحكومة السورية ومجلس الشعب، أي أن العلاقة تأطرت على مستوى الدولة والشعب والمجتمع. وبذلك ينخرط القوميون الاجتماعيون في جميع المحافظات السورية في العمل الجبهوي، السياسي والاجتماعي والتنموي، يعززون ثقافة الوحدة والنهوض بالمجتمع. فهم معنيون بمصلحة الدولة ومصلحة الشعب وهذا راسخ في قسم انتمائهم وولائهم القومي، يستلهمون قدوة سعاده العظيم ويستودعون أنفسهم قبسا من يوسف العظمه، ونفحة من سلطان باشا الأطرش وإبراهيم هنانو وصالح العلي، وعبرة مضيئة من منارات تاريخنا الثقافي - السياسي - القومي. أليست القضية قضيتهم؟ أوليس الجولان جولانهم وطبريا بحيرتهم؟ أليس هم الذين آمنوا بأن كل ما فيهم هو للأمة حتى الدماء - الوديعة التي فيهم فإذا طلبتها الأمة سفحوا دماءهم على مذبحها راضين فرحين بغبطة العطاء الأكبر؟

تواجه سوريا منذ سنوات ضغوطا كبيرة غير مسبوقة لثنيها عن مواقفها المبدئية القائمة على التشبث بالحقوق المشروعة في تحرير الأرض المحتلة وفي الحياة الحرة العزيزة الناهضة. وقد ترافقت تلك الضغوط السياسية والاقتصادية والأمنية الهائلة مع حملة إعلامية تضليلية تصور الوقائع على غير ما هي عليه، فتصور العدو صديقا والشقيق عدوا، وتسمي المقاومة المشروعة إرهابا، والإرهاب دفاعا عن النفس، وتزيف الحقائق وتحاول زرع الأسافين بين المواطن وأخيه في الوطن. وقد شاركت في هذه الحملة المبرمجة أقلام وأفواه غربية، وأخرى عربية مع الأسف، وظفها المشروع المعادي في صحف وفضائيات ومراكز أبحاث وخلايا تخطيط، من أجل تضليل شعبنا وتضييع بوصلته القومية لكن سوريا صمدت صمودا أسطوريا، وانتقلت من مرحلة الصمود إلى مرحلة متقدمة في كسر الهجمة المعادية ودحرها على أكثر من صعيد وفي غير ساحة من ساحات المواجهة.

إننا ندعو المكابرين من اللبنانيين والعرب إلى وعي حقيقة الدور السوري الإيجابي في الحفاظ على وحدة لبنان وعروبته وإلى وعي أهمية الترابط الاستراتيجي الذي لا يمكن إنكاره بين لبنان وسوريا. فكفى مكابرة، ولتكن لنا الجرأة التاريخية على تجاوز المرحلة السوداء الماضية التي أقامت جدارا من العدائية بين الأخوة والأهل وضربت المصالح الحيوية المشتركة للمواطنين، تمهيدا لبناء علاقة إيجابية وواقعية وأخوية وبناءة مع دمشق، دون أن ننسى بأن المواجهة القائمة بين المشروع القومي من جهة والمشروع المعادي من جهة أخرى تستلزم تضافر الجهود وحماية خيار المقاومة، من لبنان إلى فلسطين إلى العراق، ونحن على ثقة بأن مكانة الشام ومن حولها قوى المقاومة تشكل عصب هذه المواجهة وقلعتها الحصينة.

ثالثا - في فلسطين:
منذ مطلع القرن الماضي وعى مؤسس حزبنا الخطر الصهيوني على فلسطين، واعتبر أن المسألة الفلسطينية شأن لبناني في الصميم كما هي شأن شامي في الصميم وشأن عراقي في الصميم، وأن الخطر الصهيوني هو خطر على الجميع، أي على كل المنطقة.

ومنذ لحظة انخراطهم في صفوف النهضة القومية الاجتماعية، يتنسم أعضاء الحزب أريج فلسطين وعطر برتقالها، ويلفحهم دم شهدائها بلفحة العز الذي نشأوا عليه، وقدموا في مسيرته أول شهدائهم كسعيد العاص وحسين البنا اللذين رويا بدمهما أرض فلسطين منذ الثلاثينات، أي قبل أن يتوج سعاده بدمه السكيب عقد الأربعينات شهيدا لفلسطين - القضية، وفلسطين - الأرض والكرامة ووقفة العز.

والحقيقة أن العدو الإسرائيلي استهدف منذ البدايات التنفيذية لمشروعه ثالوث فلسطين. فهو استهدف أولا الأرض بالضم والمصادرة والاحتلال والتهويد، واستهدف ثانيا الشعب بالنفي والتشريد والمجازر والاغتيال، واستهدف ثالثا التراث الفلسطيني والذاكرة الفلسطينية بالتزوير والمحو والإلغاء. لكن شعبنا انتفض وصمد منذ ثورة القسام إلى معركة الكرامة ويوم الأرض، ومن الانتفاضة الأولى إلى الانتفاضة الثانية، إلى الصمود اليومي في الضفة والقدس وغزة. وهكذا يكتب شعبنا في فلسطين، باللحم الحي، ملحمة الفداء والحرية. لو كانت ملكية فلسطين من ماء لأهدرها الأعداء ولو كانت من ورق لمزقوها، لكنها الملكية المقيمة في الوجدان القومي ولذا لا يستطيع أحد إلغاءها.

إننا ندعو شعبنا الحي ورفقاءنا في فلسطين إلى مزيد من الصمود، وندعو قادة الفصائل الفلسطينية إلى تفويت الفرص على الأعداء، عبر اعتماد الحوار والتنسيق والتلاحم لأن الأخطار التي تتهدد فلسطين والأمة كلها لا تفرق بين كيانات الوطن إلا فيما تقتضيه المخططات المعادية من تكتيك هنا وتفكيك هناك. لكن فلسطين تبقى شأنا مركزيا في نضالنا القومي وقضيتنا القومية. على أن حزبنا يؤمن أن الترابط حتمي بين النضال الذي نخوضه في لبنان من جهة، وبين نهوض القوميين الاجتماعيين بمسؤولياتهم في المجتمع. ونحن نتوجه إلى رفقائنا في العراق وفلسطين لنؤكد لهم أن الحزب سيخصص جزءا حيويا من اهتمامه للمسؤوليات التي يفرضها واقع الوضع العام في الساحتين العراقية والفلسطينية عليه.

كما نتوجه إلى الأحزاب والهيئات الأهلية في العالم العربي بالدعوة إلى إبقاء راية القضية الفلسطينية خفاقة لأن أي تفريط أو موافقة على التفريط سينعكسان على العرب جميعا تاريخا وكرامة ومصداقية.

رابعا - في العراق:
من شرائع حمورابي إلى ملحمة جلجامش إلى المدنية السومرية، ومن عاصمة العباسيين إلى أرض عصية على الاحتلال، تنتصب أرض الرافدين واحة حضارية يستهدفها المشروع المعادي بالاجتياح ونهب التراث الحضاري والإغتيال المنهجي للأدمغة واختراق الموساد والأجهزة الغربية لبناه التحتية والفوقية.

إن العراق محتل عسكريا ومستتبع سياسيا ومخترق أمنيا. وهذا يستدعي آلية تنسيق بين تنظيماته المقاومة وهيئاته الأهلية من أجل وضع حد للاغتيالات المجانية والتفجيرات العشوائية والتناحر المذهبي. إن شعبنا في العراق مدعو إلى التبصر بعواقب العبث بأمنه وثروته القومية وببقائه ساحة للمشاريع المصطرعة على أرضه، وللنهب الموصوف لثرواته الطبيعية وفي طليعتها ثروته النفطية.

إن القوميين الاجتماعيين في العراق مدعوون إلى تفعيل دورهم التوحيدي على الساحة العراقية، من أجل أن يغلب شعبنا في العراق انتماءه القومي على أي انتماء آخر إتني أو مذهبي أو عشائري، وإن حزبنا سيعكف في المرحلة المقبلة على دراسة المساهمة في الدعوة إلى احتضان القوى الوحدوية في العراق ضمن جبهة توحيدية للمجتمع من أجل مواجهة الاحتلال ومفاعيله، وهو متفائل بأن غالبية شعبنا في العراق تقف إلى جانب الاتجاه الوحدوي الجامع الذي يشكل ضامنا شعبيا ومساحة أمان رحبة لحاضر العراق ومستقبل شعبه.

خامسا - في الداخل الحزبي:
إن رئاسة الحزب السوري القومي الاجتماعي عازمة على تفعيل جميع المؤسسات الحزبية وإفساح المجال الحقيقي أمام جميع الامكانات الحزبية والطاقات الإنتاجية من أجل الانخراط الفاعل في الميادين النضالية والإدارية والإنتاجية المتعددة، وخصوصا في حقول الإذاعة والإعلام والثقافة والفنون.

إن الثقافة ليست ترفا ولا برجا عاجيا ننظر فيه، الثقافة مشاركة حاذقة وعملية في شؤون المعرفة، وإغناء لملكات العقل، وإنماء للذوق، وتقويم للرأي، وتهذيب للقوى الروحية، وبناء لمنهجية التفكير وتوسيع لآفاق الإنسان.

العقول تلتقي في فرح الكشف المعرفي وبهجة الإبداع، والإبداع تغذيه الثقافة. ان التقدم عينه لا يتحقق إلا بالثقافة في معناها الأوسع المادي والروحي. فعل المقاومة يلزمه فعل ثقافة وخلفية ثقافية حتى الحق وآلية ابرازه يلزمهما ثقافة. حضارة المجتمعات لا تبنى إلا على الإنتاج الثقافي المبدع المتراكم وكذلك التطور والإنجازات النوعية".

وقال: "إن الحزب السوري القومي الاجتماعي هو حزب العقل بامتياز، وحزب الثقافة النهضوية - بالمعنى الحركي الإنشائي الخلاق. وهذا الأفق المفتوح يتيح لذوي الإمكانات الأصيلة أن يترجموا تلك الأصالات إنتاجا ثقافيا نوعيا يثري حركة الفكر التنويري والثقافة الهادفة، كما يثري نزعة البحث العلمي التي باتت سمة المجتمعات المتقدمة التي تسميها أدبيات الأمم المتحدة "مجتمعات المعرفة". إلا أن أمرا أكيدا لا ريب فيه وهو أن الثقافة من أجل الثقافة لا طائل منها، كما أن الفن من أجل الفن لا يجدي نفعا. إنما الثقافة والفن مجالا إبداع. والإبداع رؤية تغييرية نحو الأفضل، وهذا هو الهدف الأسمى للانسان بل للانسانية قاطبة".

وختم: "باسم الحزب السوري القومي الاجتماعي، أدعو القيادات السياسية والشعبية في دول الهلال الخصيب إلى فتح صفحة جديدة من التنسيق والتعاون البناء، خصوصا في هذه الظروف القاسية والخطيرة على مجمل وجودنا القومي ومستقبلنا، والتي تمارس فيها شتى أنواع التضليل وتقلب الحقائق ويبالغ بإبراز المصالح المتضاربة بين أبناء الشعب الواحد، وذلك باستخدام مصطلحات غريبة ومفردات دخيلة على طبيعة شعبنا ونفسيته وتاريخه ومصالحه.
تأسيسا على ذلك، وانطلاقا من مفاهيمنا المعنية بمصالح الشعب وخصوصا في عصر التجمعات الكبرى، أدعو إلى إقامة مجلس تعاون مشرقي يؤمن مصالح الدول المنضوية وهي مصالح متكاملة، وذلك كحل عملي لمشاكلنا المستعصية وبالأخص لجهة صيانة مصالح الشعب وتكاملها، أسوة بالدول التي استجابت لمصالح شعوبها وأوجدت حلولا لمشكلاتها كدول مجلس التعاون الخليجي، ودول الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي. إن مجلس التعاون المشرقي هذا يشكل استجابة عملية متقدمة لحاجة الشعب الاستراتيجية في ميادين الصناعة والزراعة والتجارة والسياحة وسائر حقول الإنتاج.
لقد ثبت كم أننا بنظر جبهة الأعداء أمة واحدة، فعندما يتلقى المشروع الصهيوني ضربة قاسية في لبنان تجبره على الانسحاب في العام 2000، لا يتأخر عن الرد باحتلال العراق في العام 2003. وعندما يتعثر في الساحتين يتجه لضرب القلعة التي تمثلها دمشق. وعندما يفشل في فرض منطق القوة ويستنفد الرهان عليها يتجه إلى الرهانات على تفتيت الأمة وكياناتها إلى عصبيات وقبائل وطوائف ومذاهب، من لبنان إلى العراق إلى فلسطين.
إن نقطة الارتكاز في مشروعنا الحالي هي أن نقول جميعا: لا حاسمة لمشروع التفتيت المعادي، ونعم جازمة لمشروع مقاومة التفتيت وصيانة السلم الأهلي والهوية القومية.
ثقوا بأن شعبنا جدير بالحياة وأن أمتنا ستنتصر.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار ـ كل شهدائنا منذ تأسيس الحزب وحتى شهداء مجزرة حلبا البربرية الجبانة. إنهم في شهر الفداء والوفاء وفي كل حين يمثلون طليعة انتصاراتنا.
قال شهيد الثامن من تموز ـ سعاده العظيم: "إننا لو شئنا أن نفر من النصر لما وجدنا إلى ذلك سبيلا".

القيادة الجديدة
ووزعت أسماء القيادة الجديدة للحزب على وسائل الإعلام وهي على الشكل التالي:
أسماء السلطة التشريعية في الحزب السوري القومي الاجتماعي (المجلس الاعلى):
ـ الوزير السابق محمود عبد الخالق
ـ الدكتور ربيع الدبس
ـ الأستاذ توفيق مهنا
ـ النائب أسعد حردان
ـ الأستاذ جبران عريجي
ـ النائب السابق غسان الأشقر
ـ الوزير السابق علي قانصو
ـ الأستاذ انطون اسبر
ـ الإعلامي يحيى جابر
ـ المحامي جورج ديب
ـ المحامي رياض نسيم
ـ الدكتور يوسف كفروني
ـ الأستاذ عبدالله وهاب
ـ الدكتور صفوان سلمان
ـ المحامي احمد هاشم
ـ النائب السابق بشرى مسوح
ـ الأستاذ قاسم صالح
ـ الأستاذ فارس فياض
ـ المحامي سمير عون
ـ الأستاذ ميشال معطي
ـ العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني
ـ المحامي جمال فاخوري

أسماء السلطة التنفيذية في الحزب السوري القومي الاجتماعي (مجلس العمد):
ـ الأمين المحامي حسين عيسى، عميدا للداخلية،
ـ الأمين الأستاذ عصام حريق، عميدا للمالية،
ـ الرفيق الدكتور جورج خليل، عميدا للخارجية،
ـ الأمين المحامي جمال فاخوري، عميدا للإذاعة والإعلام،
ـ الرفيق المحامي إيلي غصان، عميدا للقضاء،
ـ الأمين الأستاذ قيصر عبيد، عميدا للاقتصاد،
ـ الأمين المهندس وائل حسنية، عميدا للدفاع،
ـ الأمين الأديب فهد الباشا، عميدا للثقافة والفنون الجميلة،
ـ الأمين الدكتور كمال النابلسي، عميدا للعمل والشؤون الاجتماعية،
ـ الأمين الأستاذ صبحي ياغي، عميدا للتربية والشباب،
ـ الأمين الأستاذ لبيب ناصيف، عميدا لشؤون عبر الحدود،
ـ الرفيقة المهندسة ميسلون سعادة، عميدا لشؤون البيئة،
ـ الأمين الدكتور محمود خريباني، عميدا من دون مصلحة رئيسا لمكتب الدراسات والتخطيط،
ـ الأمين الدكتور وليد عبد الرحيم، عميدا من دون مصلحة رئيسا للكلية الحزبية،
ـ الأمين الدكتور مروان فارس، عميدا من دون مصلحة،
ـ الأمين الأستاذ سبع منصور، عميدا من دون مصلحة.

2008-07-03