يقع هذا الدير في بلدة راس بعلبك التي تقع الى الجنوب من مدينة الهرمل وعلى مسافة حوالي اثنا عشر كيلومترا والى الشمال من مدينة بعلبك على مسافة حوالي ثماني وخمسين كيلومترا, هي قرية تاريخية قديمة انشئت على انقاض هياكل رومانية, وفيها دير الرأس العجيب وهو مزار ديني مشهور ومكرم من قبل عدد كبير من الطوائف المسيحية والاسلامية .
بني هذا الدير على انقاض هيكل روماني حيث وجد اثناء الحفريات مسكوكات برونزية تعود الى القرن الثاني الميلادي اي من عهد الاباطرة الرومان, ويعتبر دير السيدة من اقدم واثمن الاديرة في لبنان لما يحويه من قيمة اثرية ودينية ووجدانية كما يعتبر هذا الدير الأعجب بجماله وقيمته الاثرية وعديد زواره ومنطقة راس بعلبك التي كانت تدعى فيما مضى باسم (كونا) كانت مركزا اسقفيا شهيرا وقد ذكر ذلك سنة451ميلادية .
ولهذا الدير قصة تاريخية كما يروي بعض المؤرخين وكما يتناقل كبار السن حيث كان له نصيب المشاركة في مصاب ابي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام حيث كانت المحطة الاولى بعد حلب وحمص في منطقة راس بعلبك وحضر قادة الجيش الى الدير مع رؤوس الشهداء ومعهم السبايا, وحين ادرك راهب الدير من هم اصحاب الرؤوس المرفوعة حاول ان يحرر الرؤوس لكن دون جدوى الى ان استعان ببعض القطع الذهبية من اجل ان يبيت مع راس الامام الحسين (ع) وهكذا حصل ثم أخفى الراس في بئر الدير الا ان الجنود عادوا واخذوه في الصباح كما اخذوا اموال الراهب, وبعد ذلك صار البئر والدير مقصدا للتبرك والدعاء والتوسل بالضيف الذي حل في ذلك المكان, ويتناقل الناس اعاجيب شفائية ببركة مرور الراس في المكان وصارت النساء اللاتي لم يرزقن الا بوليد ذكر يقصدن البئر ليناجوا الله من خلال بئر الراس بحق راس الامام الحسين(ع) ان يرزقهن على راس ابنهن اولادا اخرين وهذا ما يحصل ومن هنا حمل الكان اسم دير الراس والبئر بئر الراس .
وكما سلف فان دير سيدة راس بعلبك يعتبر من اقدم الاديرة في لبنان اذ يعود تاريخ هذا المزار الى القرن الرابع وقد بني على انقاض معبد روماني بل وقد استخدمت في بناء سور الدير حجارته الضخمة وايضا يدل على القدم المسكوكات التي عثر عليها أثناء حفر الأساسات لبناء الكنيسة الجديدة سنة(1943) ويعود بعض تلك الآثار إلى القرن الثاني للميلاد أي إلى عهد الاباطرة الرومان بين سنة 96و192ويرتبط تاريخ الدير منذ نشأته بتاريخ بلدة رأس بعلبك التي كانت على علاقة وثيقة بمدينة بعلبك وهياكلها لأنها كانت تعتبر رأس الحربة في الدفاع عن مدخل سهل البقاع من جهة الشمال .
الدير كان ومازال مزارا كبيرا لأهالي المنطقة يقصده الآلاف من الناس من جميع المناطق مسيحيين ومسلمين على السواء يلجاون إلى السيدة العذراء ويكرمون أيقونتها العجائبية وبركات رأس الإمام الحسين (ع) لما سمعوا من كرامات ومعجزات ظهرت في هذا المكان فيحضرون مرضاهم طالبين شفاعة العذراء والإمام في شفائهم .
تحقيق وتصوير: عصام البستاني