ارشيف من :أخبار لبنانية

الحوار الوطني ينعقد في ظل تواصل الانتهاكات الصهيونية للسيادة اللبنانية والاستفادة الغربية من عبر حرب تموز

الحوار الوطني ينعقد في ظل تواصل الانتهاكات الصهيونية للسيادة اللبنانية والاستفادة  الغربية من عبر حرب تموز

المحرر المحلي
 

انعقدت الجلسة الثالثة للحوار الوطني اللبناني اليوم في ظل الخروقات الصهيونية المستمرة للخط الازرق على الحدود جنوب لبنان والتي كان آخرها امس اختطاف العدو الصهيوني لمواطنين لبنانيين من بلدة بلدا الحدودية  ، وفي ظل استمرار الدراسات والابحاث العسكرية في الكليات الحربية ومعاهد الدراسات حول حرب تموز 2006 والوقوف عند النموذج الذي قدمته المقاومة في الدفاع عن ارض لبنان في وجه العدوان الصهيوني الهمجي آنذاك والمستمر ليومنا هذا باشكال مختلفة ، وكان آخر هذه الدراسات ما نشرته صحيفة هآرتس الصهيونية امس  والتي تحدثت عن تقرير للكلية الحربية في الجيش الاميركي توصل الى خلاصة مفادها انه لا يمكن تجهيز اي جيش في العالم لمواجهة "حزب الله " . وخلال المناقشات تقدم جعجع بطرحه حول الاستراتيجية الدفاعية معتمدا على الحياد تجنيبا للبنان للمخاطر من جهة وعلى تجربة حزب الله التي وصفها بالناجحة من جهة اخرى ، اما بالنسبة للحياد فان ذلك لا بد وان يثير تساؤلات كثيرة اهمها حول كيفية تعامل الدولة في حال اعتماد مثل هذه الاستراتيجية مع احداث اختطاف كالتي حصلت في اليومين الاخيرين ، خصوصا وانه لا يمكن الحديث عن حياد في ظل وجود اراضي لبنانية لا تزال تحت الاحتلال في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وفي ظل عقم الخيارات الديبلوماسية في استعادة الحقوق ليس على مستوى لبنان فحسب بل على مستوى الشرق الاوسط بمجمله .
وفي هذا الاطار قررت جلسة الحوار الوطني اللبناني التي انعقدت قبل ظهر اليوم الاثنين في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وحضور الاقطاب السياسيين استكمال البحث في موضوع الإستراتيجية الدفاعية الوطنية (ضمن المهل المناسبة) والعمل من خلال لجنة من الخبراء المنتدبين على إيجاد خلاصات وقواسم مشتركة بين مختلف الطروحات. وقد تحدد يوم 22 كانون الثاني المقبل موعدا للجلسة المقبلة.
وبحسب بيان صادر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية فقد افتتح الرئيس سليمان الجلسة بعرض لأبرز التطورات التي حصلت على الصعيد الداخلي وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي داعيا الى الإستمرار في تعزيز عمل المؤسسات وإلى وحدة الصف في مواجهة التحديات.
وعرض كذلك ما حصل من تقدم في مجال تنفيذ المقررات التي تم التوافق عليها في الجلسة السابقة داعيا الى المزيد من الجهد لالتزام كل مضامينها وخصوصا في مجالي التهدئة والمصالحات.
وتابع المتحاورون مناقشة موضوع الإستراتيجية الدفاعية. وبنتيجة المداولات توافق المجتمعون على الأمور الآتية
1- التزام نهج التهدئة السياسية والإعلامية (على مستوى أفرقاء الداخل وفي اتجاه الدول الشقيقة والصديقة والمسؤولين فيها) بما يخدم مقتضيات السلم الأهلي ومصالح لبنان العليا.
2- الإعراب عن التضامن السياسي مع غزة وشعبها في مواجهة الحصار الإسرائيلي اللاإنساني الذي تتعرض له. 
3- التنبه الى المخاطر التي قد تنجم عن تطورات الظروف الإقليمية.
4- المضي في السعي لتحقيق المزيد من المصالحات وتعزيز فرص نجاح الحوار.
5- إستكمال البحث في موضوع الإستراتيجية الدفاعية الوطنية (ضمن المهل المناسبة) والعمل من خلال لجنة من الخبراء المنتدبين على إيجاد خلاصات وقواسم مشتركة بين مختلف الطروحات.
6- تحديد الساعة الحادية عشرة من نهار الخميس الواقع فيه 22/1/2009 موعدا للجلسة الرابعة في قصر بعبدا.
وكانت التأمت طاولة الحوار في جلستها الثالثة في القصر الجمهوري عند الحادية عشرة والربع قبل الظهر لاستكمال البحث في الاستراتيجية الوطنية والاستماع الى طروحات جديدة في هذا الخصوص.
 وقدم رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع خلال جلسة الحوار طرحا عن استراتيجية دفاعية تقوم على مبدأ حياد لبنان لتجنيبه المخاطر الخارجية، اضافة الى تدريب قوات خاصة تعمل وفق نموذج حزب الله الناجح كما وصفه.
وقال الطرح ان أي سباق تسلح جزئي هو مضيعة للوقت وهدر للمال. فإما سباق تسلح كامل وشامل، وهذا لا طاقة للشعب اللبناني عليه على الإطلاق، وإما مقاربة أخرى باتجاه آخر، عارضا هذا الاتجاه بالقول ان  التجربة التاريخية المُثلى التي وفرّت مناعةً قصوى وفريدة لدولتها تجاه الأخطار الخارجية، كانت في النموذج الإستراتيجي السويسري، الذي نجح من جهة في توحيد شرائح مجتمعه التعددي من خلال تبنّيه سياسة الحياد الخارجي، ومن جهة أخرى بحفظ سويسرا وشعبها من أي تعديات. وقال إن نجاح سويسرا بتحييد نفسها عن مجمل الصراعات والحروب الدموية التي عصفت بالدول المتاخمة لها، عائدٌ بالدرجة الأولى والأخيرة لإلتزامها الحياد، فنأت بنفسها عن تحمّل التبعات الكارثية لهذه الحروب.
واضاف إن لبنان من حيث تركيبته المجتمعية التعددية، ومن حيث موقعه الجيوسياسي في قلب الشرق بين سوريا و"إسرائيل"، ومن حيث إمكانياته الإقتصادية، يُعتبر النموذج الأقرب للتجربة السويسرية . 
وقال إن إتبّاع لبنان سياسة محايدة لإمتصاص الأخطار الخارجية الداهمة، لا يُغني عن تطوير الجيش اللبناني وتحويله إلى قوة حاسمة _ من ضمن الإمكانيات المتوفّرة _ بمقدورها الدفاع عن الشعب اللبناني بحزمٍ وفعالية عند الضرورة القصوى، وبعد أن تكون كل الوسائل الأخرى قد باءت بالفشل. لبلوغ هذا الهدف، يجب الإتجاه إلى القتال النوعي الذي يمكّننا من تحقيق الهدف من جهة، ومن دون إنهاك إقتصادنا الوطني من جهة ثانية، وذلك بتفعيل "القوات الخاصة" الموجودة حالياً في الجيش اللبناني: اللواء المجوقل، المغاوير، مغاوير البحر، مغاوير الجبل، المكافحة والقوة الضاربة... والتي أثبتت جدارتها وقدراتها القتالية العالية كلما سنحت لها الفرصة، لجهة زيادة العديد، التحسين في نوعية الأداء، وتطوير العتاد وآليات التدريب، بحيث يقفز عدد هذه القوات من خمسة الآف إلى حوالى 20 الف عنصر، تُنظّم وتُوزّع على خمس قيادات مناطق، بما يتوافق وتقسيمات لبنان الإدارية لجهة إعتماد المحافظات الخمس الرئيسية.
وقال تشكّل عناصر "القوات الخاصة"، رأس الحربة في العمليات العسكرية الهجومية والدفاعية على حدٍّ سواء، والتصدّي للتحديات الخارجية والداخلية. وتنشأ بإشراف قيادات "القوات الخاصة" في المحافظات مجموعات من "الحرس الوطني" ، يكون إرتباطهم العسكري والإداري بقيادة المحافظة في "القوات الخاصة" مباشرةً، على أن يخضع هؤلاء للتدريبات الأساسية وتُناط بهم المهمات العملانية المختلفة، ويُعتبرون بمثابة قوات دعمٍ ومؤازرة "للقوات الخاصة". وتكون مراكز قيادات المحافظات للقوات الخاصة، كما كل بناها التحتية، مُحاطة بسريّةٍ تامة، خارج طريقة التعاطي الحالي، وعلى غرار طريقة عمل حزب الله في الوقت الراهن. فيما  تستمر الوحدات الأخرى في الجيش اللبناني على وضعها الحالي وتتابع تأدية مهمّاتها كالمعتاد.
وبالخلاصة- قال طرح جعجع- الإعتماد على نموذج حزب الله الناجح، ولكن بتطبيقه في الأطر الشرعية ذات الصفة، وتعميمه على كل المناطق اللبنانية تبعاً لما ورد في سياق هذا البحث. فنكون قد استفدنا من حسنات تجربة حزب الله، وأسقطنا كل الجوانب الأخرى (اللاميثاقية، اللاشرعية، اللاقانونية، البعد الإقليمي، ...) .
واعتبر ان تبنّي لبنان سياسة الحياد، لا يعني إطلاقاً تخلّيه عن القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وان الحياد لا يُعفي لبنان من مسؤولياته في دعم أي مسعى يُنتج حلاًّ عادلاً ومُنصفاً للقضية الفلسطينية، ويؤدي إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين في الشتات إلى ديارهم، وإن الإطار السياسي الأمثل المخوّل حلّ هذه القضية، يكمن في جامعة الدول العربية ومقررات الأمم المتحدة. 
وقال: تعمل الإستراتيجية الدفاعية على حصر جميع القرارات العسكرية، التخطيطية، العملانية، التكتيكية، والإستعلامية، بالإضافة إلى مبدأ القيادة والسيطرة في يدّ القوى العسكرية الشرعية بصفتها الأداة التنفيذية الوحيدة للسلطة الشرعية. 
في قضية مزارع شبعا راى ان إعتماد الخيار العسكري وسيلةً لحلّ قضية مزارع شبعا، لم يعد متاحاً راهناً في ظّل قرار مجلس الأمن الدولي رقم ،1701 وإنتشار قوات الطوارىء الدولية على طول الخط الأزرق، وبالتالي فإن إعتماد الخيار الدبلوماسي، يبقى الوحيد والأنجح والأضمن، سيمّا وأن ملف مزارع شبعا بات مطروحاً بقوة على مستوى دول القرار ومجلس الأمن الدولي. وقال ان الخيار الدبلوماسي يَكمُن ، باتّفاق اللبنانيين وبصوتٍ واحد، على مطالبة سوريا بتوقيع وثيقة مُشتركة مع السلطات اللبنانية تؤكد على لبنانية مزارع شبعا، دون الحاجة إلى ترسيمها مادياً على الأرض في الوقت الحاضر. واضاف إن هذه الوثيقة المشتركة من شأنها وضع المزارع تحت مظلّة القرار ،425 وبالتالي تُصبح إسرائيل مُلزمة بالإنسحاب منها لأنه سبق واتخّذت قراراً أمام المجتمع الدولي بتطبيق القرار 425.
واعتبر انه في ما لو تعذّر الإستحصال على هذه الوثيقة من السلطات السورية، يكون البديل تضافر جهود اللبنانيين جميعاً عبر السلطة السياسية الشرعية في السعي لدى مجلس الأمن الدولي، ومطالبته بترسيم الحدود من جهةٍ واحدة، ولو دون رضى سوريا، بغية وضع مزارع شبعا تحت أحكام القرار 425، علماً أن إجراءً كهذا سبق أن تم إعتماده لدى ترسيم الحدود بين العراق والكويت.
رئيس حزب الكتائب أمين الجميل قال لدى وصوله الى الجلسة "نحن متفاهمون مع الدكتور جعجع على كل شيء بما فيه المشروع السويسري".
رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري سئل عما اذا كان سيطرح استراتيجية دفاعية في جلسة اليوم فأجاب بالنفي.
رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون أوضح أنَّ التصور الذي قدَّمه إلى طاولة الحوار وحاول البعض تحويله الى مادة للحرتقة السياسية،طَلَبَته بعض أكاديميات سويسرا العسكرية رسمياً من أجل إدخاله كمادة تدريسية.
وقال العماد عون في تصريح لصحيفة السفير لقد قدمت تصوري لقناعة منّي بأننا نناقش قضية وطنية كبرى لا علاقة لها باللحظة السياسية الراهنة، وإنما بمستقبل البلد والاجيال المقبلة، ولذلك أقول إنَّني مقتنع بما قدمته لأنَّه الأنجع والأكثر فائدة، كما أنَّني شددت وما أزال على انفتاحي على الآراء الجدية للتطوير والتحسين.
 رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد كان اشار إلى أنَّه سيصغي اليوم من دون أي أحكام مسبقة الى التصور الذي سيقدمه جعجع.
 ونقلت صحيفة السفير عن النائب رعد قوله: نحن جاهزون، لكن قد لا يكون اليوم هو الوقت المناسب لنفتح محفظة أفكارنا، حتى تكتمل مروحة المشاريع التي سيتم اقتراحها من أقطاب طاولة الحوار، وبعدها نُدلي بدلونا. وشدد على أن الحوار يبقى مجدياً في كل الأحوال، ويكفي أنَّه يشكل فرصة للتعرف بدقة إلى وجهة نظر الطرف الآخر وكيف يفكر، وربما نصل الى تقاطعات محددة بمعزل عما إذا كانت ستفيد أم لا في تحقيق تحول نوعي.
 

2008-12-22