ارشيف من :آراء وتحليلات
مجرد كلمة: مزارعا بليدا والاستراتيجية الدفاعية

كتب أمير قانصوه
عندما سُئل أحد المزارعين اللبنانيين اللذين اختطفتهما قوات الاحتلال الصهيوني قبل أيام من حقلهما المحاذي للحدود اللبنانية الفلسطينية في بلدة بليدا الجنوبية، إن كان سيعود الى حقله، أجاب بأنه سيعود، وليس خائفاً من العدو.
بدا أن المزارعين حسن ومحمد طراف كانا على يقين أن العدو لن يجرؤ على إبقائهما قيد الاعتقال، ليس لأنهما مواطنان صامدان في أرضهما وينتميان الى مجتمع اعتاد اعتداءات العدو وخبر كيفية مواجهتها فحسب، بل أيضاً لأنهما يعلمان أن خلفهما مقاومة لا تقبل ولا ترضى ولا تنام لها عين قبل أن يعودا عزيزين مكرمين الى منزلهما. وهذا ما حدث بالفعل، وهذا هو الذي جعل العدو لا يتأخر في اطلاق سراحهما.
إن كل من ينتمي الى تلك المنطقة بطولها وعرضها من الناقورة غرباً الى أعالي تلال كفر شوبا شرقاً، التي كان يسميها العدو بالحزام الأمني، يعرف جيداً معنى أن تقدم قوات العدو على اختطاف مزارع أو أن تدخل الى منزل أحد المواطنين فتنسفه وتقتل من فيه، هذا ما كان يحصل طوال عقود منذ نشوء الكيان الغاصب، والتاريخ حافل بمثل تلك الأحداث من يارين الى عيتا الشعب ويارون وعيترون ودبل وحولا وكل القرى والبلدات الحدودية، فمن كان يأخذه العدو لا يعود غير جثة هامدة أو يدخل في عداد المفقودين.
مع المقاومة عرف هؤلاء الناس حياة جديدة لها طعم مختلف من الأمن ونفسٌ عميق من الصمود والتحدي. عرفوا التحرير دحراً مخزياً للعدو، والحرية تحطيما لكل السجون والمعتقلات، والارادة أن يبنوا منازلهم عند آخر شبر من تراب الوطن، ولو على بعد خطوات قليلة من بنادق جنود العدو. وعرفوا الكرامة أن يبقوا أوفياء لمن صنع لهم كل هذا المجد وكل هذه العزة.
الاستراتيجية الدفاعية التي يطمح لها اللبنانيون هي من المفردات التي يفهمها المزارعون والرعاة والتلاميذ والمعلمون والعمال وأصحاب الأرض هناك في المناطق التي جبلت بالمواجهة، والتي لم يحمها يوماً لا الضعف ولا الحياد الإيجابي.. كما لم يحمها النموذج السويسري ولا أي نموذج لم يخرج من لحمها ودمها وترابها.
لقد كان المزارعان طراف بليغين في التعبير عن انتمائهما لهذا المجتمع المقاوم حين أبلغا المحققين الصهاينة أنهما عائدان الى أرضهما لفلحها وزرعها، ولن يخافا الاعتقال.
الانتقاد/ العدد1325 ـ 23 كانون الاول/ ديسمبر 2008
عندما سُئل أحد المزارعين اللبنانيين اللذين اختطفتهما قوات الاحتلال الصهيوني قبل أيام من حقلهما المحاذي للحدود اللبنانية الفلسطينية في بلدة بليدا الجنوبية، إن كان سيعود الى حقله، أجاب بأنه سيعود، وليس خائفاً من العدو.
بدا أن المزارعين حسن ومحمد طراف كانا على يقين أن العدو لن يجرؤ على إبقائهما قيد الاعتقال، ليس لأنهما مواطنان صامدان في أرضهما وينتميان الى مجتمع اعتاد اعتداءات العدو وخبر كيفية مواجهتها فحسب، بل أيضاً لأنهما يعلمان أن خلفهما مقاومة لا تقبل ولا ترضى ولا تنام لها عين قبل أن يعودا عزيزين مكرمين الى منزلهما. وهذا ما حدث بالفعل، وهذا هو الذي جعل العدو لا يتأخر في اطلاق سراحهما.
إن كل من ينتمي الى تلك المنطقة بطولها وعرضها من الناقورة غرباً الى أعالي تلال كفر شوبا شرقاً، التي كان يسميها العدو بالحزام الأمني، يعرف جيداً معنى أن تقدم قوات العدو على اختطاف مزارع أو أن تدخل الى منزل أحد المواطنين فتنسفه وتقتل من فيه، هذا ما كان يحصل طوال عقود منذ نشوء الكيان الغاصب، والتاريخ حافل بمثل تلك الأحداث من يارين الى عيتا الشعب ويارون وعيترون ودبل وحولا وكل القرى والبلدات الحدودية، فمن كان يأخذه العدو لا يعود غير جثة هامدة أو يدخل في عداد المفقودين.
مع المقاومة عرف هؤلاء الناس حياة جديدة لها طعم مختلف من الأمن ونفسٌ عميق من الصمود والتحدي. عرفوا التحرير دحراً مخزياً للعدو، والحرية تحطيما لكل السجون والمعتقلات، والارادة أن يبنوا منازلهم عند آخر شبر من تراب الوطن، ولو على بعد خطوات قليلة من بنادق جنود العدو. وعرفوا الكرامة أن يبقوا أوفياء لمن صنع لهم كل هذا المجد وكل هذه العزة.
الاستراتيجية الدفاعية التي يطمح لها اللبنانيون هي من المفردات التي يفهمها المزارعون والرعاة والتلاميذ والمعلمون والعمال وأصحاب الأرض هناك في المناطق التي جبلت بالمواجهة، والتي لم يحمها يوماً لا الضعف ولا الحياد الإيجابي.. كما لم يحمها النموذج السويسري ولا أي نموذج لم يخرج من لحمها ودمها وترابها.
لقد كان المزارعان طراف بليغين في التعبير عن انتمائهما لهذا المجتمع المقاوم حين أبلغا المحققين الصهاينة أنهما عائدان الى أرضهما لفلحها وزرعها، ولن يخافا الاعتقال.
الانتقاد/ العدد1325 ـ 23 كانون الاول/ ديسمبر 2008