ارشيف من :آراء وتحليلات

نقطة حبر: عن وطن قومي لليهود

نقطة حبر: عن وطن قومي لليهود
كتب حسن نعيم
لم يجد اليهود الصهاينة رداً على قوة الدفع الأوروبية الطاردة لهم من أرض أوروبا، الاّ التفكير في احتلال أرض العرب والمسلمين، هذه الأرض التي احتضنتهم وحافظت على وجودهم كأقلية منذ فجر الدعوة الاسلامية وحتى آخر عهود الدولة العثمانية.
هكذا ردّ اليهود على رفض أوروبا (على اختلاف أنظمتها السياسية) اندماجهم في مجتمعاتها بدءاً بالمثقفين الذين احتقروا النصوص العبرية الدينية التي تتحدث عن مفاهيم الاختيار الإلهي لبني إسرائيل وتفضيلهم على سائر الأمم، وانتهاءً بالرأسماليين الذين كانوا يتوجسون خيفة من منافسة اليهود في عالم المال.
إزاء هذه القوة الممانعة لإدماج اليهود في أوروبا عمل اليهود بما يشبه التضامن الغرائزي على التفكير بإقامة وطن قومي يلملم شتاتهم، فاتجهت أنظار الحركة الصهيونية الى ديار الإسلام، هذه الديار التي تشهد مرجعيات تاريخية يهودية كبيرة مثل برنار لويس وفلاسفة مثل برتراند راسل على أنها كانت ملجأ اليهود الهاربين من الاضطهاد الاوروبي الذي نفذ أول مذبحة كبيرة باليهود في عام 1096م على يد الحملة الصليبية الأولى المتجهة الى الشرق الإسلامي على ما يذكر الدكتور عفيف فرّاج في كتابه القيّم "اليهودية بين حضانة الشرق الثقافية وحضانة الغرب السياسية".
لقد تمكن اليهود من إقناع بريطانيا بإقامة وطنهم القومي في فلسطين، وفي ذلك يقول أحد مؤسسي الصهيونية "لو لم يكن هناك يهود لكان على بريطانيا أن تخترعهم". كان علينا نحن أن ندفع ثمن الاضطهاد الاوروبي لليهود، وأن نتحمل كل هذه الحروب التي تسبب بها كيانهم الغاصب.
الانتقاد/ العدد 1326 ـ 26 كانون الاول/ ديسمبر 2008
2008-12-26