ارشيف من :أخبار عالمية
"عملية الجرافة": ضربة جديدة للأمن الصهيوني
فلسطين المحتلة ـ "الانتقاد"
"هي عزة الرجال التي لا تقبل هواناً في دين أو دنيا، وتجعل الصمت على اغتصاب الحقوق ذلاً لا يمحوه سوى الدم.. معادلة وضعها حسام تيسير دويات (30 عاماً) نصب عينيه، فانطلق مسرعاً نحو الشهادة".
ظهر الأربعاء في 2/7/2008، كان الموعد الذي اختاره دويات لتنفيذ عمليته.. أما المكان فكان مدينة القدس المحتلة، حيث تقع في جنوبها قريته "صور باهر"، الشاهدة كغيرها من البلدات الفلسطينية على بشاعة الاحتلال وعنصريته وعنجهيته.
وصل دويات إلى مكان عمله غربي القدس، حيث كانت تجري أعمال الحفريات والصيانة لأحد الطرق التي حفرها الإسرائيليون كما حفروا جرائمهم في قلوب الفلسطينيين.. ساعة مرت تلتها ساعة أخرى، وهو يشاهد بحرقة المستوطنين يجوبون الطرق الحديثة بمركباتهم، ويتذكر السير لحظات طويلة عبر الطرق الالتفافية والترابية كغيره من المقدسيين أثناء نصب الحواجز العسكرية التي تفصلهم عن أهلهم في الضفة الغربية المحتلة، إلى أن جاءت لحظة الحساب هذه، فانطلق دويات وهو يعلم أنه سيترك زوجته وابنه الوحيد وأسرته يعانون المزيد من الإجراءات التعسفية والقمعية التي باتت فصولها شبه يومية، آخذاً جرافة ضخمةً كانت متوقفة في شارع يافا المؤدي من محطة الباصات المركزية إلى (سوق محانيه يهودا) الكبيرة، فصدم حافلتين مليئتين بالركاب، ما أدى إلى انقلابهما. بعدها واصل دويات طريقه فقام بتدمير عدة مركبات كانت مصطفة على جوانب الطرق في (3) مناطق متقاربة، ومن ثم دهس عدداً من المارّة قبل أن تُطلق النار عليه من مسافة قريبة من قبل شرطي إسرائيلي وصل إلى المكان، ما أدى إلى استشهاده.
في هذه الأثناء وصلت سيارات الإسعاف ومعها مئات من عناصر شرطة الاحتلال وما يسمى حرس الحدود. وساد التخبط المكان بعض الوقت، وخيم الخوف على الصهاينة عسكريين وغيرهم، حتى جاء الإعلان النهائي من المصادر الطبية العبرية أن حصيلة العملية هي (3) قتلى و(36) جريحا، حالة (7) منهم وُصفت بأنها بالغة الخطورة. بعدها توالت ردود الفعل الصهيونية الرسمية التي أجمعت على أن المشهد لم يكن مألوفاً:
أولاً من حيث طبيعة العملية، وثانياً توقيتها، وثالثاً: هوية منفذها التي حملت عدة دلالات ذات مغزى كبير. فعملية "الجرافة" كما اصطلح على تسميتها في وسائل الإعلام العبرية جاءت بعد نحو أربعة أشهر من عملية المعهد الديني اليهودي "مركاز هراف" في القدس، التي نفذها الاستشهادي المقدسي علاء أبو دهيم في 6 آذار/ مارس العام الجاري، وأسفرت عن مقتل (8) صهاينة متطرفين، وإصابة نحو (20) آخرين بجراح.
فشل مكرر
إيهود باراك وزير حرب الاحتلال كان على رأس المؤيدين لهدم بيت الاستشهادي دويات، فيما طلب ما يسمى بوزير الرفاه إسحق هيرتسوغ بالشروع في الاستعدادات اللازمة لسحب الحقوق الاجتماعية من عائلته، وذلك في الوقت الذي وصلت قوات كبيرة من جيش الاحتلال إلى منزله واعتقلت والده و(4) من أقاربه.
وسائل الإعلام العبرية من جانبها تداعت بشكل جنوني إلى اعتبار أن منفذ عملية القدس البطولية صاحب سوابق جنائية.. موقف كان متوقعاً على اعتبار أنه برهن بقوة على مدى تأثيرها في دوائر صنع القرار الأمني في الدولة العبرية بالدرجة الأولى، وذلك لاعتبارات مهمة أبرزها: أن الأمن لا يتحقق بحواجز عسكرية تقطع طرق الوطن المغتصب، ولا بمدى جدية مجموعة من الإنذارات الأمنية. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن فكرة اندماج فلسطينيي الـ(48) في الوسط الإسرائيلي الاحتلالي لم تعد مسألة وقت بانتظار الجيل الجديد المروَّض سياسياً وثقافياً واجتماعياًً، فالوطن لأهله مهما تعقدت الحسابات وتباعدت المسافة بين التوازنات، لأن هذا المحتل يحمل عوامل أزمته وفنائه داخل أحشائه وعلى الأرض التي يقف عليها.
الانتقاد/ العدد1278 ـ 4 تموز/ يوليو 2008
"هي عزة الرجال التي لا تقبل هواناً في دين أو دنيا، وتجعل الصمت على اغتصاب الحقوق ذلاً لا يمحوه سوى الدم.. معادلة وضعها حسام تيسير دويات (30 عاماً) نصب عينيه، فانطلق مسرعاً نحو الشهادة".
ظهر الأربعاء في 2/7/2008، كان الموعد الذي اختاره دويات لتنفيذ عمليته.. أما المكان فكان مدينة القدس المحتلة، حيث تقع في جنوبها قريته "صور باهر"، الشاهدة كغيرها من البلدات الفلسطينية على بشاعة الاحتلال وعنصريته وعنجهيته.
وصل دويات إلى مكان عمله غربي القدس، حيث كانت تجري أعمال الحفريات والصيانة لأحد الطرق التي حفرها الإسرائيليون كما حفروا جرائمهم في قلوب الفلسطينيين.. ساعة مرت تلتها ساعة أخرى، وهو يشاهد بحرقة المستوطنين يجوبون الطرق الحديثة بمركباتهم، ويتذكر السير لحظات طويلة عبر الطرق الالتفافية والترابية كغيره من المقدسيين أثناء نصب الحواجز العسكرية التي تفصلهم عن أهلهم في الضفة الغربية المحتلة، إلى أن جاءت لحظة الحساب هذه، فانطلق دويات وهو يعلم أنه سيترك زوجته وابنه الوحيد وأسرته يعانون المزيد من الإجراءات التعسفية والقمعية التي باتت فصولها شبه يومية، آخذاً جرافة ضخمةً كانت متوقفة في شارع يافا المؤدي من محطة الباصات المركزية إلى (سوق محانيه يهودا) الكبيرة، فصدم حافلتين مليئتين بالركاب، ما أدى إلى انقلابهما. بعدها واصل دويات طريقه فقام بتدمير عدة مركبات كانت مصطفة على جوانب الطرق في (3) مناطق متقاربة، ومن ثم دهس عدداً من المارّة قبل أن تُطلق النار عليه من مسافة قريبة من قبل شرطي إسرائيلي وصل إلى المكان، ما أدى إلى استشهاده.
في هذه الأثناء وصلت سيارات الإسعاف ومعها مئات من عناصر شرطة الاحتلال وما يسمى حرس الحدود. وساد التخبط المكان بعض الوقت، وخيم الخوف على الصهاينة عسكريين وغيرهم، حتى جاء الإعلان النهائي من المصادر الطبية العبرية أن حصيلة العملية هي (3) قتلى و(36) جريحا، حالة (7) منهم وُصفت بأنها بالغة الخطورة. بعدها توالت ردود الفعل الصهيونية الرسمية التي أجمعت على أن المشهد لم يكن مألوفاً:
أولاً من حيث طبيعة العملية، وثانياً توقيتها، وثالثاً: هوية منفذها التي حملت عدة دلالات ذات مغزى كبير. فعملية "الجرافة" كما اصطلح على تسميتها في وسائل الإعلام العبرية جاءت بعد نحو أربعة أشهر من عملية المعهد الديني اليهودي "مركاز هراف" في القدس، التي نفذها الاستشهادي المقدسي علاء أبو دهيم في 6 آذار/ مارس العام الجاري، وأسفرت عن مقتل (8) صهاينة متطرفين، وإصابة نحو (20) آخرين بجراح.
فشل مكرر
إيهود باراك وزير حرب الاحتلال كان على رأس المؤيدين لهدم بيت الاستشهادي دويات، فيما طلب ما يسمى بوزير الرفاه إسحق هيرتسوغ بالشروع في الاستعدادات اللازمة لسحب الحقوق الاجتماعية من عائلته، وذلك في الوقت الذي وصلت قوات كبيرة من جيش الاحتلال إلى منزله واعتقلت والده و(4) من أقاربه.
وسائل الإعلام العبرية من جانبها تداعت بشكل جنوني إلى اعتبار أن منفذ عملية القدس البطولية صاحب سوابق جنائية.. موقف كان متوقعاً على اعتبار أنه برهن بقوة على مدى تأثيرها في دوائر صنع القرار الأمني في الدولة العبرية بالدرجة الأولى، وذلك لاعتبارات مهمة أبرزها: أن الأمن لا يتحقق بحواجز عسكرية تقطع طرق الوطن المغتصب، ولا بمدى جدية مجموعة من الإنذارات الأمنية. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن فكرة اندماج فلسطينيي الـ(48) في الوسط الإسرائيلي الاحتلالي لم تعد مسألة وقت بانتظار الجيل الجديد المروَّض سياسياً وثقافياً واجتماعياًً، فالوطن لأهله مهما تعقدت الحسابات وتباعدت المسافة بين التوازنات، لأن هذا المحتل يحمل عوامل أزمته وفنائه داخل أحشائه وعلى الأرض التي يقف عليها.
الانتقاد/ العدد1278 ـ 4 تموز/ يوليو 2008