ارشيف من :آراء وتحليلات
قرار ظني بالتقسيط.... اذا صدر

سركيس ابوزيد
يروّج مؤخرا سيناريوهات متناقضة تعبر عن حالة البلبلة السائدة على الساحة اللبنانية .البعض يتوقع خلال ايام صدور قرار ظني لكن على مراحل. والبعض الاخر يتوقع في القريب العاجل صعود الدخان الابيض لخارطة طريق تسوية برعاية سورية سعودية. "التشاؤل" اللبناني ينتظر المفاجأت السارة او المأساوية ، لا فرق، الاهم هو الخروج من الضياع.
في حال صدور القرار الظني، ما هي الاليات والاحتمالات ؟
يمكننا التمييز بين 3 مراحل قبل بدء المحاكمات: الاولى تسليم قرار ظني أولي من دون الاعلان عن نص مضمونه،
والثانية الكشف عن اجزاء من القرار دون لائحة الاتهامات
والثالثة اعلان اسماء المتهمين على مراحل.
وفي آلية التنفيذ، يرفع مدعي عام المحكمة القاضي دانيال بلمار إلى قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين مسودة تقريره بهذا الشأن على أن يبقى مضمون القرار سريا، فيما يحق للأخير أن يرفض التقرير كلياً أو يعتمده أو يطلب إدخال تعديلات عليه دون أن يكون مقيداً بمدة زمنية محددة للإفصاح عن قراره .
في بيروت، تكهنات حول تاريخ صدور القرار الاتهامي ففيما يتحدث بعض القادة الرئيسيين عن يوم السابع عشر من الحالي يحدد البعض الآخر موعداً ما بين 15 و 20 من الشهر الحالي، وذكرت معلومات أن مسؤولين رفيعي المستوى في المحكمة الدولية يزورون بيروت منذ أيام بهدف استطلاع الأجواء السياسية والإعلامية والأمنية عن قرب لنقل صورة واضحة إلى بلمار ، ليصار إلى أخذها في الاعتبار بالنسبة إلى التوقيت الذي سيعتمد لصدور بيان رسمي عن مكتبه يعلن فيه تسليمه نسخة من القرار الاتهامي لقاضي الإجراءات التمهيدية، علماً أن هؤلاء يؤكدون أن الصيغة النهائية للقرار قد وضعت، وهي باتت جاهزة لدى بلمار الذي ينتظر التوقيت الأكثر ملاءمة لإعلانها. وهناك من يشير إلى أن صدور هذا البيان مرجح قبيل العشرين من الشهر الجاري أي عشية بدء العطلة الرسمية للعاملين في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وهي عطلة مرشحة للاستمرار نحو عشرين يوماً حتى قرابة العاشر من الشهر الأول من السنة المقبلة.
لذلك يماطل رئيس الحكومة سعد الحريري لانه ينتظر صدور القرار الاتهامي أولاً، قبل أن يخطو أي خطوة جدية باتجاه حزب الله للتسوية او ايجاد حل في لبنان .
وفي معلومات اخرى قيل أن القرار الإتهامي المرتقب صدوره لن يبصر النور قبل بداية العام المقبل، حيث يتوقع أن يرفع مدعي عام المحكمة مسودة تقريره بهذا الشأن بعد انتهاء عطلتي الميلاد ورأس السنة، لذا تسود اجواء من المماطلة والتاجيل تنعكس سلباً على المحكمة خاصة أنه الإرجاء الثاني للمحكمة بعد الأول الذي تم قبل أشهر وتردد يومها أن المملكة العربية السعودية كان لها الدور الأبرز في حصوله.
وفي كل الحالات فإن هذه التاجيلات يؤكد تسييس المحكمة وقدرة القوى السياسية على المماطلة وفق روزنامة سياسية لاعلاقة لها بالقضاء والعدالة والحقيقة، ما يعني بالنتيجة أن الانتظار اللبناني سيطول لمعرفة إتجاه القرار ليس الى ما بعد رأس السنة فحسب بل الى بدايات شباط المقبل على اقل تقدير.
من جهة اخرى أكدت مديرة العلاقات الخارجية في المحكمة الدولية الخاصة للبنان أولغا كافران أن المحكمة الدولية تحاكم أشخاصاً وليس جهات مهما كان توجهها. وعلى هذا الاساس تكهن رئيس قلم المحكمة هيرمان فون هايبل بأنَّ محاكمة المتهمين المحتملين في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري قد تبدأ في أيلول أو تشرين الاول من العام 2011، و إذا لم تحصل اعتقالات فإنَّ المحاكمة قد تتم غيابياً.كما ان مضامين القرار الظني ستبقى سرية الى ان يصادق عليها فرانسين. كما كشفت مصادر واسعة الاطلاع في مكتب المدعي العام لدى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان دانيال بلمار أن فرانسين تلقى فعلا في مدى الأشهر الثلاثة الماضية في شكل متلاحق دفعات من الملفات، التي حولها إليه بلمار باعتبارها دلائل وقرائن وإثباتات سيرتكز عليها الاخير في قراره الاتهامي. وقد كانت آخر دفعة من هذه الملفات قبل نحو عشرة أيام .
اما القرار الاتهامي بصيغته المكتوبة والنهائية لم يخرج بعد لان بلمار أعاد النظر في قرار كان سبق أن اتخذه في شأن شكل القرار الاتهامي، فقبل نحو شهرين كان اتجاه بلمار إلى وضع قرار اتهامي مطول ومفصل ومعلل يضمنه أكبر قدر ممكن من القرائن والإثباتات والأدلة مع قليل من المطالعات القانونية. لكن التطورات السياسية والإعلامية التي شهدتها الساحة اللبنانية خلال الأسابيع القليلة الماضية فضحت المستندات الواهية التي اعتمد عليها مما دفعت به الى إصدار قرار اتهامي مختصر بعض الشيء ، مع إبقاء قسم سرياً إلى وقت المحاكمة. وتسمح هذه الصيغة للمدعي العام بالاحتفاط بهامش واسع من المناورة في التحقيقات التي سيتابعها خلال عملية المحاكمة، كما تسمح لفرانسين بإعطاء موافقته على إبرام القرار الاتهامي في شكله العلني بالاستناد ليس فقط إلى المواد التي ستعلن وإنما كذلك بالاستناد إلى المعلومات السرية التي أطلعه عليها بلمار مما يساعد على ابقاء حالة من الغموض والسرية وابقاء المحكمة مسيسة وجزء من لعبة الامم يتم استعمالها وفق المصالح والاهواء والتوقيت المناسب.