ارشيف من :أخبار لبنانية
العدو يشعر الآن بمأزق وهو يعلم انه لم يحقق ما يريد بل ألحق بنفسه العار بعد اكتشافه جرائمه

حوار: حسين عواد
عينا لبنان على غزة ومقاومتها الشجاعة في وجه العدوان الصهيوني، وعينا العالم واحدة على غزة والثانية على لبنان وحدوده الجنوبية التي مرت هذا الأسبوع بحادث توتر جديد بعد الاعتداء الصهيوني، بذريعة الصواريخ. يقول وزير العمل محمد فنيش "ان كل الاحتمالات واردة مع عدو لا يؤمن جانبه، خصوصاً ان طبيعته قائمة على الاعتداء على الآخرين". مشدداً على أنه "لا يحق للإسرائيلي أن يبادر إلى قصف أراض لبنانية"، معتبراً أن ذلك "يقع في خانة الخرق والاعتداء على السيادة اللبنانية".
وفنيش الذي يصف صمود غزة ومقاوميها بـ"الصمود الذي فاق التصور.. والإعجاز والبطولة التي لا مثيل لها"، يعبر عن استيائه من تصرف بعض الأنظمة العربية حيال ما يحصل لاهل غزة، لكنه لا يوافق القائلين بأن الدول العربية لا تقوى على فعل شيء "يضع حداً للعدوان الاسرائيلي على غزة"، وبالتالي لا بد من موقف "يعكس ارادة الشعوب ولو لمرة واحدة".
"الانتقاد" سألت وزير العمل محمد فنيش عن التطورات الأخيرة في الجنوب، وصمود الغزاويين في وجه آلة الحرب الإسرائيلية المستمرة، وموقف العرب من العدوان.
وفيما يلي نص الحوار:
نبدأ من التطورات التي تشهدها الساحة الجنوبية، ماذا قرأت في القصف الإسرائيلي على منطقة العرقوب؟
ـ أولاً، قبل انتظار التحقيق بشأن من أطلق الصواريخ، لا يحق للإسرائيلي أن يبادر إلى قصف أراض لبنانية، وهذا يقع في خانة الخرق والاعتداء على السيادة اللبنانية.
هل هو مقدمة على ما يقول البعض لعدوان واسع على غزة، من خلال فتح جبهة جديدة على الجهة الجنوبية؟
ـ كل الاحتمالات واردة، ولا يستطيع احد أن يغيّبها من حساباته، ونحن اعتدنا على عدوانيته، وذلك في محاولة للتغطية على ما يقوم به من جرائم، او التكيّف لما يكون قد حضّر له من نوايا عدوانية معروفة، وخصوصاً ان طبيعة العدو الإسرائيلي قائمة على الاعتداء على الآخرين، وهي واضحة في غزة.
هناك في الداخل من يحمّل حزب الله، بطريقة أو بأخرى، مسؤولية إطلاق الصورايخ على شمال فلسطين المحتلة، ويعتبره المسؤول الأول عن امن الجنوب؟
ـ هذا البعض مهما حصل يبدو انه في لغته ومواقفه السياسية يحاول أن يبرئ الإسرائيلي، وفي نفس الوقت يريد ان يقدم خدمة للعدو.. ثم ان حزب الله ليس مسؤولاً عن أمن الجنوب، وتعلم كل الجهات هذا الأمر، وأمن الجنوب منوط بيد الجيش اللبناني، وبالتالي إلقاء المسؤولية على حزب الله موقف عدائي، وجزء من حملة للنيل من دور المقاومة، وهذه الحملة ثبت أنها لا تخدم إلا العدو.
كيف تقوِّم الموقف اللبناني من العدوان على غزة ومجمل ما يجري في المنطقة؟
ـ هو الموقف المطلوب، هو جزء من هوية لبنان العربية ودوره الذي ينبغي ان يبقى في إطار وحدة وحفظ دور المؤسسات العربية، وهو الموقف الذي يسعى للدفاع عن قضايا العرب، وينسجم مع حجم الاعتراض الشعبي والمطالبة الشعبية التي شهدناها، ولا تزال هذه التحركات في الشارع.
فيما خص القمة العربية الطارئة، كيف قرأت المواقف منها ولا سيما موقفي مصر والسعودية؟
ـ مواقف بعض الدول العربية التي تُعطل المسعى العربي المشترك غير مسبوقة، ولا تفّسر إلا كجزء من سياسة تهدف إلى عدم السماح بموقف عربي في مواجهة العدوان الإسرائيلي، ويدافع عن حق الشعب الفلسطيني، وحق شعوبنا بالمقاومة، وهذا يندرج في سياق إضعاف الموقف وتمكين المعتدي الإسرائيلي ان يستمر في عدوانه، وأيضا يصب في خانة عدم تحريك أي ضغط عربي، أو أن تتحمل الأنظمة العربية أي مسؤولية، خصوصاً ان الأخيرة معنية أمام هذه النقمة العارمة ان تكون على مستوى تطلعات شعوبها، وان تحظى ولو لمرة بصفة التمثيل الصحيح لإرادة الشعوب، هذا الموقف هو إضعاف لما تبقى من المؤسسات المشتركة، وتفرد بعض الدول العربية بمسار الصراع، وجعله حكرا عليها على قاعدة إخراج المقاومة من المعادلة والإبقاء على منحى التسوية التي تؤدي إلى متطلبات المعتدي.
.. تقصد إعطاء نوع من الضوء الأخضر؟
ـ عندما لا يكون هناك تحمل للمسؤولية، أو تعطيل لأي جهد أو أي مسعى، هو بالنتيجة يخدم ويريح العدو الإسرائيلي، ويساعد على إطالة أمد العدوان..
برأيك ماذا يمكن ان تقدم هذه القمة إلى أهل غزة؟
ـ غير صحيح ان نقول إن الدول العربية لا تملك القدرة على التأثير في منظومة المصالح ولا في الوضع الدولي والمعادلات الدولية.. أولاً يفترض ان يكون هناك موقف عربي على المستوى الرسمي مما يجري في غزة، وان يكون للقمة العربية دور في كيفية التصدي لهذا العدوان، هذا تهرب من المسؤولية، يفترض ان يحصل جهد سياسي، اقله الدول التي تقيم علاقات مع "إسرائيل" فلتقطعها، أو من يخدم مصالح هذا العدو فليتوقف عن خدمة مصالحها او التهديد بذلك أضعف الإيمان. او التوجه الى المجتمع الدولي لممارسة ضغوط على بعض الدول، والبحث في كيفية استخدام المصالح للتأثير على المواقف السياسية، وهل يعقل في إطار لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ان يصل الى هذا المستوى من الانحدار الأخلاقي بحيث يمنع من أن تقوم بدورها بفضح ارتكابات العدو الإسرائيلي وإدانتها، وان يبقى الموقف العربي على حاله.
ألا تخشى ان تكون هذه القمة مقدمة لمزيد من الانقسام العربي بدل ان يتوحد في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية؟
ـ أولاً هذه القمة يفترض ان تبحث القضية الفلسطينية وليس التباينات العربية. اليوم من يراهن على صداقاته مع العدو او على التسوية وصل إلى الحائط المسدود، وبغض النظر عن هذه الرهانات ما يجري اليوم في غزة يستدعي موقفاً يضع حداً لهذا العدوان.
كيف تقوِّمون في حزب الله صمود المقاومة في قطاع غزة بالاستناد الى تجربتكم في حرب تموز؟
ـ صمود فاق التصور، واعتقد بلحاظ ظروف هذه المقاومة وما يحيط بغزة وعدم السماح لها ان تستفيد من عمقها الجغرافي والعربي، أن تستمر المقاومة حتى اليوم بهذا التماسك، وبهذه البسالة، وبهذه القدرة على إلحاق الخسائر بجيش الاحتلال، وعدم تمكنه من خرق دفاعات المقاومة، لتنهي قدرتها، وهذا يقارب حتى الإعجاز وهذه البطولة لا مثيل لها..
برأيك متى يمكن أن يوقف العدو شلال الدم، وما هو المطلوب بنظركم لمواجهته؟
ـ العدو يشعر الآن بمأزق، وهو يعلم انه لم يحقق ما يريد، بل ألحق بنفسه العار بعد اكتشافه جرائمه، وانتهاكه لحقوق البشر. العدو يشعر انه ما لم يحقق نتائج سياسية وميدانية، لم يعد بمقدوره ان يحقق شيئاً، لذا هو يراهن على استثمار عدوانه ووحشيته للتأثير على ارادة المقاومة من خلال ما يحصل من تحركات سياسية.
هناك من يتخوف من زلزال يطال كل المنطقة.. ما هي الظروف التي تحتم مثل هذا الزلزال؟
ـ هذا عدو إسرائيلي، إذا كان يريد ان يهرب إلى الأمام، فقد يعمد إلى اختلاق ذرائع لتوسيع جبهة عدوانه، ولا احد يعلم تداعيات هذا الأمر.
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في بيروت خلال أيام في بيروت، ماذا يمكن ان نسمعه؟
ـ ما هو معروف أن منظمة الأمم المتحدة قرارها مصادر من خلال طبيعة نظامها المتحكم بها القوى المستكبرة، وفي طليعتها الإدارة الأميركية، وقراراتها لا مضمون لها ولا قيمة عملية. الأمين العام أمام هذه المعادلة ليس سوى شاهد، وأحيانا شاهد زور. هذه المنظمة التي كانت يوما ما محل آمال الشعوب لتجنب ويلات الحروب، وإنصاف المظلومين، وتطبيق مبادئ العدالة والقوانين الدولية، ولكن مع الأسف الشديد المصالح السياسية ومعادلات القوى تعطل دور هذه المقاومة، وإذا أعطي لها فهو لإعطاء المشروعية لبعض الأعمال العدوانية التي تخدم مصالح الدول الكبرى.
في الشأن الداخلي، ما هي الظروف التي قد تحتم تأجيل الانتخابات برأيكم؟
ـ ليس هناك من شيء يؤجل الانتخابات النيابية..
هل ستسلك الموازنة؟ وما موقفكم من موضوع الاستدانة الذي يطرحه الرئيس السنيورة؟
ـ هناك مسالك قانونية ودستورية يفترض ان تسلكها الموازنة العامة، اما في موضوع الاستدانة فنحن لا نناقش موازنة قادرة على ضوء المعطيات المالية التي لها علاقة بالمديونية العامة ان نبدل او نغيّر لان هناك امرا بات ملزما لجزء كبير في أرقام الموازنة إن في النفقات او الدين العام او العجز المالي، وبالتالي اكثر من 80% من الموازنة أصبحت شيئاً لا يمكن المس به إذا ما تحدثنا عن الرواتب والاجور او خدمة الدين العام والنفقات الجارية، وبالتالي لم يبق للنفقات الاستثمارية او الجارية اكثر من 18% ما يعكس قيوداً بنيوية على الموازنة العامة.
الانتقاد/ العدد 1329 ـ 16 كانون الثاني/ يناير 2009