ارشيف من :آراء وتحليلات
نقطة حبر:آه يا بحر غزة...

كتب حسن نعيم
أمواجك دموع مالحة. هديرك نشيج. صيادوك بلا شباك. نوارسك بلا نجوى. والأطفال الذين لعبوا على رمالك في الصيف الماضي لن يعودوا, الأحباب ما عاد لهم أحباب. الشباب المتواعدون غابت مفكرة مواعيدهم من عندلة المواقيت المتأرجحة على كف الزمن. غابت الضحكات, انطفأت المصابيح والمنارات, ومن ابتردوا بأمواهك لن يبتردوا، غاب الغيّاب فلتلبس من بعدهم ثياب الحداد وخلي لهذا الشر الذي اسمه إسرائيل وجهك اليابس الحزين وغضب أمواجك المجنونة. الجنون ما أهنأه الآن وأخف كلفته. الآن الآن .... أغبط كل مجانين الأرض، مجنون من لم تجنه هذه الأيام. مجنون من سمع بأطفال يأكلهم الرعب والجوع وهم يتمسكون بجثث أهلهم التي تحللت ولم يجن. مجنون من سمع بطفلة نهشتها الكلاب البوليسية حيةً ولم يجن. مجنون من لم يشرب المحرقة بحدقتيه. من لم يمتصها بكل مسامات جلده، هو مجنون وأبوه مجنون وأبو أبيه مجنون.... ومجنون أنت أو حجر إن لم تثمل بالنكبة، مجنون أو حجر وأنا حجر والناس حجارة والنار النار وقودها الناس والحجارة.
يا بحر غزة... ليس بحراً من لا شباك له, ولا صواري, ولا صيادين ولا ثرثرات ولا محبين وهائمين ومهمشين، فمالك تصطخب بحراً بين البحار وشاطئاً مع الشواطئ.
البحر أفق وأنت آفاق.
البحر لغز وانت ألغاز.
البحر حرف وأنت كتاب.
خلّ للبحار أحاديث عشاقها وسجائرها وهموم صياديها وحكايا عجائزها وصباحاتها التي تعانق الشمس وتفتح ذراعيها للموج وأطواق الياسمين والفل وقهوة الصباح.
وكن أميرال النوارس الحزينة.
كن سيد البحار الحزين واملأ من الليل جرارك المهمومة بالآه ان شئت. بالرفض بالبطولة الاسطورية بالهم انت أجمل... أتراه ما عاد يليق بنا يا بحر سوى الهم نرثه من آبائنا ونورثه لأبنائنا ونموّن منه للآتي من أيامنا خوابي وجراراً، بل بحاراً.
خلّ عنّا يا بحر.
أبحرُ غزة أنت أم البحر الأحمر.
الانتقاد/ العدد 1329 ـ 16 كانون الثاني/ يناير 2009
أمواجك دموع مالحة. هديرك نشيج. صيادوك بلا شباك. نوارسك بلا نجوى. والأطفال الذين لعبوا على رمالك في الصيف الماضي لن يعودوا, الأحباب ما عاد لهم أحباب. الشباب المتواعدون غابت مفكرة مواعيدهم من عندلة المواقيت المتأرجحة على كف الزمن. غابت الضحكات, انطفأت المصابيح والمنارات, ومن ابتردوا بأمواهك لن يبتردوا، غاب الغيّاب فلتلبس من بعدهم ثياب الحداد وخلي لهذا الشر الذي اسمه إسرائيل وجهك اليابس الحزين وغضب أمواجك المجنونة. الجنون ما أهنأه الآن وأخف كلفته. الآن الآن .... أغبط كل مجانين الأرض، مجنون من لم تجنه هذه الأيام. مجنون من سمع بأطفال يأكلهم الرعب والجوع وهم يتمسكون بجثث أهلهم التي تحللت ولم يجن. مجنون من سمع بطفلة نهشتها الكلاب البوليسية حيةً ولم يجن. مجنون من لم يشرب المحرقة بحدقتيه. من لم يمتصها بكل مسامات جلده، هو مجنون وأبوه مجنون وأبو أبيه مجنون.... ومجنون أنت أو حجر إن لم تثمل بالنكبة، مجنون أو حجر وأنا حجر والناس حجارة والنار النار وقودها الناس والحجارة.
يا بحر غزة... ليس بحراً من لا شباك له, ولا صواري, ولا صيادين ولا ثرثرات ولا محبين وهائمين ومهمشين، فمالك تصطخب بحراً بين البحار وشاطئاً مع الشواطئ.
البحر أفق وأنت آفاق.
البحر لغز وانت ألغاز.
البحر حرف وأنت كتاب.
خلّ للبحار أحاديث عشاقها وسجائرها وهموم صياديها وحكايا عجائزها وصباحاتها التي تعانق الشمس وتفتح ذراعيها للموج وأطواق الياسمين والفل وقهوة الصباح.
وكن أميرال النوارس الحزينة.
كن سيد البحار الحزين واملأ من الليل جرارك المهمومة بالآه ان شئت. بالرفض بالبطولة الاسطورية بالهم انت أجمل... أتراه ما عاد يليق بنا يا بحر سوى الهم نرثه من آبائنا ونورثه لأبنائنا ونموّن منه للآتي من أيامنا خوابي وجراراً، بل بحاراً.
خلّ عنّا يا بحر.
أبحرُ غزة أنت أم البحر الأحمر.
الانتقاد/ العدد 1329 ـ 16 كانون الثاني/ يناير 2009