ارشيف من :آراء وتحليلات
باختصار: ظلم ذوي القربى

كتب محمد يونس
"وظلم ذوي القربى أشد مضاضة".. مثل قلته مراراً وسمعته مرات، ولكن لم يخطر ببالي أن أختبر شعوره على هذا النحو المقيت.
لم نكن نتصور أن تختبر دماء الأطفال والنساء والشيوخ تطبيق هذا المثل.. أكثر من ألف شهيد وأربعة آلاف جريح، وحوالى مليون ونصف مليون فلسطيني كلهم ذاقوا مضاضة ظلم أبناء جلدتهم ومن يدعون أنهم أشقاؤهم! لا بل لم يكونوا يتوقعون أن يعمد هؤلاء إلى الضغط على عدوهم المشترك من أجل الاستمرار في قتلهم وذبحهم وإراقة دمائهم على الأرض الطاهرة في غزة.
لم يأتِ ببال أهل غزة ومعهم جميع الشعوب العربية، أن يسخّر أولو القرابة جهودهم وكل ما أوتوا من قوة لمنع العرب من عقد ولو قمة طارئة تدين وتستنكر، ليس أكثر! لم يكونوا ليصدقوا أن هؤلاء يستخدمون أموالهم ـ المفترض أنها لمصلحة العرب ـ ضد أبناء العرب! لا بل يستخدمونها لقتل أبناء العرب ودفع أجرة من يقتلهم!!
هل هؤلاء عرب حقا؟ هل هؤلاء يملكون خصائص الحمض النووي نفسها التي يملكها العرب الذين نسمع صراخ تألمهم، ونشاهد نظرات اليتم في عيون أطفالهم، وتأوهات قلوب آبائهم وأمهاتهم؟ هل هو الدم نفسه الذي يجري في عروقهم ذاك الذي يسال على شوارع غزة وفي مدارسها ومساجدها ومستشفياتها؟ هل هي الدموع عينها التي تجري على وجنات الأطفال الرضع الذين يصرخون: أين أمي؟ وعلى وجنات الأمهات اللاتي تصرخن: واه أولادي.. واه بناتي؟ هل قلوبهم هي تلك التي تسكن في صدور الأبطال المجاهدين الذين أذاقوا هذا العدو المتغطرس مر الهزيمة؟
لقد مات كل شيء حيّ في هؤلاء، ويكاد المرء يظنهم آلات لا مشاعر لهم ولا أحاسيس ولا قلوب، إلى درجة أن أناسا بعيدين لا تربطهم بنا أواصر القرابة ولا جينات الوراثة ولا عينات الدماء هبوا وقطعوا علاقاتهم بالعدو، ونزلوا إلى شوارعهم بالآلاف متضامنين، وعندنا يُعتقل ويُضرب ويُهان كل من ينطق بكلمة تضامن مع غزة وأهلها! وعندنا تُمنع عن أهل غزة المساعدات ويُحرمون النصرة.
الانتقاد/ العدد 1329 ـ 16 كانون الثاني/ يناير 2009
"وظلم ذوي القربى أشد مضاضة".. مثل قلته مراراً وسمعته مرات، ولكن لم يخطر ببالي أن أختبر شعوره على هذا النحو المقيت.
لم نكن نتصور أن تختبر دماء الأطفال والنساء والشيوخ تطبيق هذا المثل.. أكثر من ألف شهيد وأربعة آلاف جريح، وحوالى مليون ونصف مليون فلسطيني كلهم ذاقوا مضاضة ظلم أبناء جلدتهم ومن يدعون أنهم أشقاؤهم! لا بل لم يكونوا يتوقعون أن يعمد هؤلاء إلى الضغط على عدوهم المشترك من أجل الاستمرار في قتلهم وذبحهم وإراقة دمائهم على الأرض الطاهرة في غزة.
لم يأتِ ببال أهل غزة ومعهم جميع الشعوب العربية، أن يسخّر أولو القرابة جهودهم وكل ما أوتوا من قوة لمنع العرب من عقد ولو قمة طارئة تدين وتستنكر، ليس أكثر! لم يكونوا ليصدقوا أن هؤلاء يستخدمون أموالهم ـ المفترض أنها لمصلحة العرب ـ ضد أبناء العرب! لا بل يستخدمونها لقتل أبناء العرب ودفع أجرة من يقتلهم!!
هل هؤلاء عرب حقا؟ هل هؤلاء يملكون خصائص الحمض النووي نفسها التي يملكها العرب الذين نسمع صراخ تألمهم، ونشاهد نظرات اليتم في عيون أطفالهم، وتأوهات قلوب آبائهم وأمهاتهم؟ هل هو الدم نفسه الذي يجري في عروقهم ذاك الذي يسال على شوارع غزة وفي مدارسها ومساجدها ومستشفياتها؟ هل هي الدموع عينها التي تجري على وجنات الأطفال الرضع الذين يصرخون: أين أمي؟ وعلى وجنات الأمهات اللاتي تصرخن: واه أولادي.. واه بناتي؟ هل قلوبهم هي تلك التي تسكن في صدور الأبطال المجاهدين الذين أذاقوا هذا العدو المتغطرس مر الهزيمة؟
لقد مات كل شيء حيّ في هؤلاء، ويكاد المرء يظنهم آلات لا مشاعر لهم ولا أحاسيس ولا قلوب، إلى درجة أن أناسا بعيدين لا تربطهم بنا أواصر القرابة ولا جينات الوراثة ولا عينات الدماء هبوا وقطعوا علاقاتهم بالعدو، ونزلوا إلى شوارعهم بالآلاف متضامنين، وعندنا يُعتقل ويُضرب ويُهان كل من ينطق بكلمة تضامن مع غزة وأهلها! وعندنا تُمنع عن أهل غزة المساعدات ويُحرمون النصرة.
الانتقاد/ العدد 1329 ـ 16 كانون الثاني/ يناير 2009