ارشيف من :آراء وتحليلات
حين يصبح بعض اللبنانيين إسرائيليين!!

كتبت ليلى نقولا الرحباني
بدت الأحداث والمجازر التي حصلت في غزة الأسابيع المنصرمة، مناسبة مهمة لإعادة الاعتبار الى البرامج السياسية وبرامج الـ"توك شو"، التي ملّها اللبنانيون في فترات سابقة بسبب إعادة اجترار الحديث اليومي السخيف الذي تناوب عليه محللون وسياسيون، لا هم لهم إلا الأصوات الانتخابية وربح صوت هناك او مقعد هناك، فعاشوا سياسة القرية والحي في وقت يعيش العالم تطورات هائلة تعيد رسم نظامه العالمي والدولي على أسس مغايرة لما كانت عليه قبل العام 2008.
لعل استمرار الارتدادات الزلزالية للأحداث التي حصلت في العالم - والشرق الأوسط بالتحديد - منذ احتلال العراق وصولاً الى الآن مروراً بما حصل عام 2006 من فشل الحرب العالمية على لبنان، والغرق في العراق وأفغانستان، ساهم في اقتناع الأميركيين بأنه لا بد من تغيير ما في السياسة التي اتبعوها منذ إعلانهم الحرب على الإرهاب، التي لم ينجحوا في أي من معاركها.
أيقن الأميركيون بفشل سياسة الأحادية والحاجة الى تغيير في السياسات المتبعة، خاصة بعد جورجيا ووصول أوباما والأزمة المالية العالمية، لكن ما زال بعض السياسيين اللبنانيين يعيش في الزاروب الضيق، ويعيد على أسماع اللبنانيين واللبنانيات سمفونيات القرن العشرين وانهيار الاتحاد السوفياتي والقوة الأميركية الأعظم في العالم.
وعلى الرغم من سقوط "الجيش الأسطورة"، فإن بعضاً من اللبنانيين أيضاً ممن عاش على الأكاذيب والأوهام، يرفض ان يستفيق، ليجد ان الأسطورة سقطت، وأن مقولات وادعاءات "الشعب المختار" و"الجيش الذي لا يُقهر" هي مجرد خرافات سقطت مع "العهد الجديد" الذي أسقط خرافات "العهد القديم"، فظهر ان "جميع البشر" هم خاصية الله، وأن الله "عدالة ـ رحمة ـ محبة ـ غفران"، وليس ذلك الذين قالوا عنه انه يدعو الى "الإبادة والقتل".
وهكذا، وبعد أن عاد الوهج الى البرامج السياسية على المحطات اللبنانية والعربية والفضائيات، عاد بعض المحللين للاسترزاق من أدوار رُسمت لهم، ومن أموال تدفع لهم لممارسة حرب نفسية على اللبنانيين والفلسطينيين المقاومين. فمرة يطلع علينا أحد المحللين "الاستراتيجيين" ليشبه العدوان على غزة بالعدوان على لبنان، لا ليقول بالانتصار، بل ليبشر بالهزيمة! معتبراً ان لبنان لم ينتصر عام 2006، وأن كسر الإرادة الإسرائيلية في الحرب لا يعتبر انتصاراً، بل كان يجب على حزب الله أن يحتل أراضي العدو بكاملها ليعتبر ذلك انتصارا!!
وبغض النظر عن موقفنا واقتناعنا بكلام هذا "الاستراتيجي المهم"، لكنه على الأقل حافظ على احترامه لنفسه، ويمكن القول ان له آراءً قد لا تقنعنا ولا هي منطقية، ولكن من قال إن الناس جميعاً يمكن لهم أن يكونوا واقعيين ومنطقيين؟
اما اللافت فكان ذاك "الصحفي" الذي طلع على المشاهدين ولم يحترم تضحيات الشهداء ولا حرقة الأمهات الثكالى والمفجوعين في غزة ولبنان، ولم يأبه لأي مشاعر أو ضمير انساني، ليعلن "كلنا اسرائيليون في هذه الحرب"! ويضيف: "انه لا يستطيع إدانة إسرائيل على هذه المجازر، لأن الأطفال والمدنيين في غزة استخدموا زنارا بشريا لحماس".. معتبراً ان "اسرائيل" لم تُهزم في لبنان. وحين سأله المقدم عن تقرير لجنة فينوغراد أجاب: "ان اعضاء اللجنة من المحققين هم مخطئون، لأنهم لا يعرفون ما جرى في حرب لبنان"!!
أن يكون للبعض وجهة نظر سياسية تختلف عن آرائنا، هذا حق مشروع.. وأن يعتبر البعض ان الاستسلام والدبلوماسية والقرارات الدولية هي التي تحقق العدالة والسلام المنشود، قد تكون وجهة نظر مقبولة عند البعض.. لكن عندما نرى ان بعض اللبنانيين والعرب اسرائيليون أكثر من الإسرائيليين، وأن تعرض شاشات التلفزة هذه أنواعا من انعدام الضمير والأخلاق والحس الوطني والإنساني، عندها فقط نعرف المعنى الجسدي والمادي لكلمة "العار".
الانتقاد/ العدد 1329 ـ 16 كانون الثاني/ يناير 2009
بدت الأحداث والمجازر التي حصلت في غزة الأسابيع المنصرمة، مناسبة مهمة لإعادة الاعتبار الى البرامج السياسية وبرامج الـ"توك شو"، التي ملّها اللبنانيون في فترات سابقة بسبب إعادة اجترار الحديث اليومي السخيف الذي تناوب عليه محللون وسياسيون، لا هم لهم إلا الأصوات الانتخابية وربح صوت هناك او مقعد هناك، فعاشوا سياسة القرية والحي في وقت يعيش العالم تطورات هائلة تعيد رسم نظامه العالمي والدولي على أسس مغايرة لما كانت عليه قبل العام 2008.
لعل استمرار الارتدادات الزلزالية للأحداث التي حصلت في العالم - والشرق الأوسط بالتحديد - منذ احتلال العراق وصولاً الى الآن مروراً بما حصل عام 2006 من فشل الحرب العالمية على لبنان، والغرق في العراق وأفغانستان، ساهم في اقتناع الأميركيين بأنه لا بد من تغيير ما في السياسة التي اتبعوها منذ إعلانهم الحرب على الإرهاب، التي لم ينجحوا في أي من معاركها.
أيقن الأميركيون بفشل سياسة الأحادية والحاجة الى تغيير في السياسات المتبعة، خاصة بعد جورجيا ووصول أوباما والأزمة المالية العالمية، لكن ما زال بعض السياسيين اللبنانيين يعيش في الزاروب الضيق، ويعيد على أسماع اللبنانيين واللبنانيات سمفونيات القرن العشرين وانهيار الاتحاد السوفياتي والقوة الأميركية الأعظم في العالم.
وعلى الرغم من سقوط "الجيش الأسطورة"، فإن بعضاً من اللبنانيين أيضاً ممن عاش على الأكاذيب والأوهام، يرفض ان يستفيق، ليجد ان الأسطورة سقطت، وأن مقولات وادعاءات "الشعب المختار" و"الجيش الذي لا يُقهر" هي مجرد خرافات سقطت مع "العهد الجديد" الذي أسقط خرافات "العهد القديم"، فظهر ان "جميع البشر" هم خاصية الله، وأن الله "عدالة ـ رحمة ـ محبة ـ غفران"، وليس ذلك الذين قالوا عنه انه يدعو الى "الإبادة والقتل".
وهكذا، وبعد أن عاد الوهج الى البرامج السياسية على المحطات اللبنانية والعربية والفضائيات، عاد بعض المحللين للاسترزاق من أدوار رُسمت لهم، ومن أموال تدفع لهم لممارسة حرب نفسية على اللبنانيين والفلسطينيين المقاومين. فمرة يطلع علينا أحد المحللين "الاستراتيجيين" ليشبه العدوان على غزة بالعدوان على لبنان، لا ليقول بالانتصار، بل ليبشر بالهزيمة! معتبراً ان لبنان لم ينتصر عام 2006، وأن كسر الإرادة الإسرائيلية في الحرب لا يعتبر انتصاراً، بل كان يجب على حزب الله أن يحتل أراضي العدو بكاملها ليعتبر ذلك انتصارا!!
وبغض النظر عن موقفنا واقتناعنا بكلام هذا "الاستراتيجي المهم"، لكنه على الأقل حافظ على احترامه لنفسه، ويمكن القول ان له آراءً قد لا تقنعنا ولا هي منطقية، ولكن من قال إن الناس جميعاً يمكن لهم أن يكونوا واقعيين ومنطقيين؟
اما اللافت فكان ذاك "الصحفي" الذي طلع على المشاهدين ولم يحترم تضحيات الشهداء ولا حرقة الأمهات الثكالى والمفجوعين في غزة ولبنان، ولم يأبه لأي مشاعر أو ضمير انساني، ليعلن "كلنا اسرائيليون في هذه الحرب"! ويضيف: "انه لا يستطيع إدانة إسرائيل على هذه المجازر، لأن الأطفال والمدنيين في غزة استخدموا زنارا بشريا لحماس".. معتبراً ان "اسرائيل" لم تُهزم في لبنان. وحين سأله المقدم عن تقرير لجنة فينوغراد أجاب: "ان اعضاء اللجنة من المحققين هم مخطئون، لأنهم لا يعرفون ما جرى في حرب لبنان"!!
أن يكون للبعض وجهة نظر سياسية تختلف عن آرائنا، هذا حق مشروع.. وأن يعتبر البعض ان الاستسلام والدبلوماسية والقرارات الدولية هي التي تحقق العدالة والسلام المنشود، قد تكون وجهة نظر مقبولة عند البعض.. لكن عندما نرى ان بعض اللبنانيين والعرب اسرائيليون أكثر من الإسرائيليين، وأن تعرض شاشات التلفزة هذه أنواعا من انعدام الضمير والأخلاق والحس الوطني والإنساني، عندها فقط نعرف المعنى الجسدي والمادي لكلمة "العار".
الانتقاد/ العدد 1329 ـ 16 كانون الثاني/ يناير 2009